بينما تُزيد الضغوط الدبلوماسية الحالية بالخليج العربي بلا شك من الصعوبات التي تواجه مجهودات التعاون الأمني التي تقوم بها الولايات المتحدة، تعد هذه المخاوف مبالغًا فيها. في الواقع، لطالما كان التعاون الأمني بالخليج صعبًا، وسوف يشكل الخلاف بمجلس التعاون الخليجي عائقًا صغيرًا أمام استراتيجية الولايات المتحدة طويلة الأجل.
لم تقدم قمة الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي الأخيرة بالرياض خلال زيارة الرئيس أوباما الكثير لتسكين المخاوف المتعلقة بمستقبل العلاقة المتوترة بالفعل بعد شكاوى صاخبة من تراخِ الولايات المتحدة بسوريا ومصر والسياسات “المضللة” مع إيران، ومن الممكن أن تصبح علاقة الولايات بدول الخليج أكثر تعقيدًا بسبب الصدع الموجود بمجلس التعاون.
وبينما ستصبح جهود الولايات المتحدة لبيع الأسلحة لمجلس التعاون الخليجي كتكلة أكثر صعوبة، تبقى استراتيجية الولايات المتحدة لزيادة التعاون الأمني متعدد الأطراف بدون تغيير.
من المفترض لمجلس التعاون الخليجي أن يكون اتحادًا سياسًا واقتصاديًا، ولذلك قم تم إنشاءه. ولا يعد اتفاقية أمنية، ويفتقر ميثاقه الأساسي لأي ذكر للأمن. فشلت وجهات النظر المختلفة للتهديدات الخارجية والمصالح القومية، ومنافسات داخلية بالخليج، وأولويات إقليمية متنازعة، ورغبة في الإبقاء على السيادة الوطنية في تحويل مجلس التعاون الخليجي لاتحاد سياسي ذي معنى ولأن يكون جهازًا أمنيًا.
في أعقاب الربيع العربي، نادرًا ما أدى تركيز الدول الأعضاء على التهديد الداخلي إلى تنسيق أمني بمجلس التعاون الخليجي، باستثناء التدخل المثير للجدل لقوات درع الجزيرة بالبحرين في عام 2011.
أظهرت دول الخليج ميلًا متأصلًا بشكل عميق للتعامل مع الولايات المتحدة بشكل ثنائي في الأمور الخاصة بالأمن. بينما دفعت الولايات المتحدة مجلس التعاون الخليجي للعمل كمنظمة أمنية جماعية، اعترفت بحاجة دول الخليج لضمانات أمنية من الولايات المتحدة، وأقرت، في أوقات، ميل دول الخليج للعمل بشكل ثنائي.
وفي انخراطها الثنائي مع دول الخليج حول المشكلات الحساسة أو في حالة وجود حاجة للطمأنة، ترسل الولايات المتحدة مسؤوليها إلى دول الخليج. على سبيل المثال، أُرسل هؤلاء المسؤولين إلى الرياض وأبو ظبي بعد كل جلسة من جلسات مفاوضات مجموعة 5 + 1 مع إيران.
بالإضافة إلى ذلك، انخرطت الولايات المتحدة مع دول خليجية بشكل منفرد، لبيع الأسلحة وتطوير القدرات الفردية، بينما تحاول مرة تلو الأخرى تحسين التعاون الأمني من خلال مجلس التعاون الخليجي.
وبالرغم من هذه التفضيلات، فقد قطعت الولايات المتحدة شوطًا كبيرًا من أجندتها الخاصة بالتعاون الأمني متعدد الأطراف لتسهيل إسهامات أكبر للمجهودات الأمنية لتلك الدول، وزيادة المشاركة في عبء الأمن وتكملة جهود الولايات المتحدة الحالية.
أعلن وزير الدفاع “تشك هيجل” بحوار معهد الدراسات الاستراتيجية بالمنامة في ديسمبر أن الولايات المتحدة سوف تبيع معدات دفاع لمجلس التعاون الخليجي ككتلة وسوف تسعى نحو توفير استراتيجية دفاع تعتمد على صواريخ باليستية إقليمية.
واكتمل هذا بإعلان مجلس التعاون الخليجي عن قيادة عسكرية مشتركة، تتكون من 100 ألف جندي. وسيتم تعزيز ذلك بتدريبات عسكرية مشتركة، مثل تدريبات حسم العقبان، وفرص لتوطيد العلاقات متعددة الأطراف، مثل الاجتماع المقبل ما بين وزارة دفاع الولايات المتحدة ووزارات دفاع مجلس التعاون الخليجي.
تاريخ طويل من الانخراط
يعد اجتماع وزارة الدفاع الأمريكية بوزارات دفاع مجلس التعاون الخليجي محاولة جديدة في تاريخ طويل من المبادرات التي تقودها الولايات المتحدة لتحويل مجلس التعاون الخليجي لآلية أمنية فعالة. بدأت إدارة بوش مبادرة الحوار الأمني الخليجي، وهي آلية لتعزيز التعاون ما بين دول مجلس التعاون وتقوي التعاون ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج لمواجهة الأخطار المشتركة. وبدأت إدارة كلينتون مبادرة الدفاع المشترك التي كانت تهدف لتعزيز القدرة على العمل المشترك ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج ولكن سريعًا ما أُحبطت هذه المبادرة لانعدام الثقة ما بين دول الخليج.
ويعد منتدى التعاون الاستراتيجي ما بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي الخاص بإدارة أوباما آخر إصدارات تلك المحاولات، ويهدف إلى حل المشكلات الأمنية لمجلس التعاون الخليجي في إطار متعدد الأطراف.
سوف يكون التعاون الدفاعي في مجلس التعاون الخليجي أكثر فعالية من الناحية العملياتية والمالية. حيث سيوفر مجلس التعاون الخليجي في حالة كونه متعاونًا بشكل منسق للولايات المتحدة قناة مؤسسية متعددة الأطراف يمكن منها أن تطمأن الولايات المتحدة الدول الخليجية. ولكن كما يبدو من الصدع الدبلوماسي بمجلس التعاون، بالرغم عن أي مبادرة قد يقودها الرئيس أوباما، فإنه من غير المرجح أن يكون هناك أي تعاون أمني جماعي بين دول مجلس التعاون.
تبقى دول الخليج وقائية للغاية فيما يتعلق بسيداتها وتبقى مفضلة للانخراط الثنائي، حتى إذا شكل ذلك عائقًا لمبادرات دفاعية هامة. ولكن انخراط الولايات المتحدة مع دول الخليج لا يرتكز على وجود مؤسسة أمنية لمجلس التعاون. إنه مجرد تفضيل، وليس شرطًا أساسيًا.
وقد ثبت أن تحقيق التعاون متعدد الأطراف يشكل تحديًا حيث أن دول الخليج تطلب ضمانات ثنائية واهتمام فردي. سوف تعقد اضطرابات العلاقات الحالية ما بين قطر والمملكة العربية السعودية، والإمارات والبحرين من مساعي الولايات المتحدة بشكل أكبر، ولكنها لن تكون سببًا في تغيير الولايات المتحدة لاستراتيجيتها على أي حال.
هناك عوائق موروثة أمام تحقيق تكامل عسكري في مجلس التعاون الخليجي، وتعد عدم الثقة السياسية عائقًا واحدًا من تلك العوائق. وعلى هذا النحو، من المرجح أن يتسبب الشرخ الحالي في مجلس التعاون الخليجي في تغيير ضئيل في بنية التعاون الأمني ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج.■
“بيكا واسر” محللة أبحاث بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
مصدر
لم تقدم قمة الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي الأخيرة بالرياض خلال زيارة الرئيس أوباما الكثير لتسكين المخاوف المتعلقة بمستقبل العلاقة المتوترة بالفعل بعد شكاوى صاخبة من تراخِ الولايات المتحدة بسوريا ومصر والسياسات “المضللة” مع إيران، ومن الممكن أن تصبح علاقة الولايات بدول الخليج أكثر تعقيدًا بسبب الصدع الموجود بمجلس التعاون.
وبينما ستصبح جهود الولايات المتحدة لبيع الأسلحة لمجلس التعاون الخليجي كتكلة أكثر صعوبة، تبقى استراتيجية الولايات المتحدة لزيادة التعاون الأمني متعدد الأطراف بدون تغيير.
من المفترض لمجلس التعاون الخليجي أن يكون اتحادًا سياسًا واقتصاديًا، ولذلك قم تم إنشاءه. ولا يعد اتفاقية أمنية، ويفتقر ميثاقه الأساسي لأي ذكر للأمن. فشلت وجهات النظر المختلفة للتهديدات الخارجية والمصالح القومية، ومنافسات داخلية بالخليج، وأولويات إقليمية متنازعة، ورغبة في الإبقاء على السيادة الوطنية في تحويل مجلس التعاون الخليجي لاتحاد سياسي ذي معنى ولأن يكون جهازًا أمنيًا.
في أعقاب الربيع العربي، نادرًا ما أدى تركيز الدول الأعضاء على التهديد الداخلي إلى تنسيق أمني بمجلس التعاون الخليجي، باستثناء التدخل المثير للجدل لقوات درع الجزيرة بالبحرين في عام 2011.
أظهرت دول الخليج ميلًا متأصلًا بشكل عميق للتعامل مع الولايات المتحدة بشكل ثنائي في الأمور الخاصة بالأمن. بينما دفعت الولايات المتحدة مجلس التعاون الخليجي للعمل كمنظمة أمنية جماعية، اعترفت بحاجة دول الخليج لضمانات أمنية من الولايات المتحدة، وأقرت، في أوقات، ميل دول الخليج للعمل بشكل ثنائي.
وفي انخراطها الثنائي مع دول الخليج حول المشكلات الحساسة أو في حالة وجود حاجة للطمأنة، ترسل الولايات المتحدة مسؤوليها إلى دول الخليج. على سبيل المثال، أُرسل هؤلاء المسؤولين إلى الرياض وأبو ظبي بعد كل جلسة من جلسات مفاوضات مجموعة 5 + 1 مع إيران.
بالإضافة إلى ذلك، انخرطت الولايات المتحدة مع دول خليجية بشكل منفرد، لبيع الأسلحة وتطوير القدرات الفردية، بينما تحاول مرة تلو الأخرى تحسين التعاون الأمني من خلال مجلس التعاون الخليجي.
وبالرغم من هذه التفضيلات، فقد قطعت الولايات المتحدة شوطًا كبيرًا من أجندتها الخاصة بالتعاون الأمني متعدد الأطراف لتسهيل إسهامات أكبر للمجهودات الأمنية لتلك الدول، وزيادة المشاركة في عبء الأمن وتكملة جهود الولايات المتحدة الحالية.
أعلن وزير الدفاع “تشك هيجل” بحوار معهد الدراسات الاستراتيجية بالمنامة في ديسمبر أن الولايات المتحدة سوف تبيع معدات دفاع لمجلس التعاون الخليجي ككتلة وسوف تسعى نحو توفير استراتيجية دفاع تعتمد على صواريخ باليستية إقليمية.
واكتمل هذا بإعلان مجلس التعاون الخليجي عن قيادة عسكرية مشتركة، تتكون من 100 ألف جندي. وسيتم تعزيز ذلك بتدريبات عسكرية مشتركة، مثل تدريبات حسم العقبان، وفرص لتوطيد العلاقات متعددة الأطراف، مثل الاجتماع المقبل ما بين وزارة دفاع الولايات المتحدة ووزارات دفاع مجلس التعاون الخليجي.
تاريخ طويل من الانخراط
يعد اجتماع وزارة الدفاع الأمريكية بوزارات دفاع مجلس التعاون الخليجي محاولة جديدة في تاريخ طويل من المبادرات التي تقودها الولايات المتحدة لتحويل مجلس التعاون الخليجي لآلية أمنية فعالة. بدأت إدارة بوش مبادرة الحوار الأمني الخليجي، وهي آلية لتعزيز التعاون ما بين دول مجلس التعاون وتقوي التعاون ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج لمواجهة الأخطار المشتركة. وبدأت إدارة كلينتون مبادرة الدفاع المشترك التي كانت تهدف لتعزيز القدرة على العمل المشترك ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج ولكن سريعًا ما أُحبطت هذه المبادرة لانعدام الثقة ما بين دول الخليج.
ويعد منتدى التعاون الاستراتيجي ما بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي الخاص بإدارة أوباما آخر إصدارات تلك المحاولات، ويهدف إلى حل المشكلات الأمنية لمجلس التعاون الخليجي في إطار متعدد الأطراف.
سوف يكون التعاون الدفاعي في مجلس التعاون الخليجي أكثر فعالية من الناحية العملياتية والمالية. حيث سيوفر مجلس التعاون الخليجي في حالة كونه متعاونًا بشكل منسق للولايات المتحدة قناة مؤسسية متعددة الأطراف يمكن منها أن تطمأن الولايات المتحدة الدول الخليجية. ولكن كما يبدو من الصدع الدبلوماسي بمجلس التعاون، بالرغم عن أي مبادرة قد يقودها الرئيس أوباما، فإنه من غير المرجح أن يكون هناك أي تعاون أمني جماعي بين دول مجلس التعاون.
تبقى دول الخليج وقائية للغاية فيما يتعلق بسيداتها وتبقى مفضلة للانخراط الثنائي، حتى إذا شكل ذلك عائقًا لمبادرات دفاعية هامة. ولكن انخراط الولايات المتحدة مع دول الخليج لا يرتكز على وجود مؤسسة أمنية لمجلس التعاون. إنه مجرد تفضيل، وليس شرطًا أساسيًا.
وقد ثبت أن تحقيق التعاون متعدد الأطراف يشكل تحديًا حيث أن دول الخليج تطلب ضمانات ثنائية واهتمام فردي. سوف تعقد اضطرابات العلاقات الحالية ما بين قطر والمملكة العربية السعودية، والإمارات والبحرين من مساعي الولايات المتحدة بشكل أكبر، ولكنها لن تكون سببًا في تغيير الولايات المتحدة لاستراتيجيتها على أي حال.
هناك عوائق موروثة أمام تحقيق تكامل عسكري في مجلس التعاون الخليجي، وتعد عدم الثقة السياسية عائقًا واحدًا من تلك العوائق. وعلى هذا النحو، من المرجح أن يتسبب الشرخ الحالي في مجلس التعاون الخليجي في تغيير ضئيل في بنية التعاون الأمني ما بين الولايات المتحدة ودول الخليج.■
“بيكا واسر” محللة أبحاث بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
مصدر
تعليق