الإخوان يتهيأون لإعادة انتاج السيناريو السوري في مصر
'الجش الحر الإخواني' يستهدف الدولة لإجهاض الانتقالي الديمقراطي السياسي في مصر، وسط تورط قطري إيراني لدعم المخطط التخريبي.
أماطت تقارير اعلامية أخيرة اللثام عن مخطط تعتزم جماعة الإخوان المسلمين تنفيذه للعودة إلى الحكم باعتماد عناصر جهادية وإخوانية تشكل ما يسمى “الجيش المصري الحر” على غرار ما يحدث في سوريا، الأمر الذي أثار اهتمامَ العديد من الخبراء العسكريين والأمنيين والسّياسيين في مصر، وذلك لخطورة هذه المرحلة التي تريدها جماعة الإخوان “دمويّة بامتياز”.
بعد فشل السيناريوهات “العادية” التي أدارها الإخوان باستعمال ورقة الشارع عبر الاحتجاجات والمظاهرات، أصبح هاجسهم، اليوم، حسب العديد من الخبراء، هو إدخال مصر في “دوامة من العنف والتفجيرات” للانتقام من المؤسسة العسكرية التي استجابت ـ بحساسيتها السياسية ـ إلى رغبة الشارع في إزاحة الإخوان يوم الـ30 من يونيو. (فضلا عن الهجمات التي قامت بها التنظيمات الجهادية التي تخدم أجندة الإخوان منذ سقــوط مــرسي).
ويأتي هذا الخيار نحو “حرب صريحة” بعد فقدان الأمل تدريجيا في “المصالحة الوطنية” مع الإخوان، وارتداد كلّ الوساطات الداخلية والخارجية إلى نقطة الصفر.
تكفيريُّو ليبيا وأجندة الإخوان
أوضحت التقارير أن “الجيش المصري الحر” لم يعد مجرد فكرة، بل أصبح واقعاً على الحدود الغربية في ليبيا، ينتظر ساعة الصفر التي ستحددها قيادات التنظيم الدولي وحلفاؤها من الجماعات التكفيرية، والتي من المتوقع أن تُنفّذ هجماتها قُبيل إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة. والقصد من ذلك نشر الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، وإفشال الاستحقاق الثاني من بنود خارطة الطريق التي نتجت عن ثورة 30 يونيو الشّعبيّة.
وفي نفس السياق، تبرز تسريبات من الأجهزة الأمنية المصرية أنّ القيادي الجهادي الليبي “اسماعيل الصيادي”، الذي يقود إحدى الميليشيات الليبية التكفيرية، يتولى الآن الإعداد لمجموعات عسكرية مقاتلة تعتمد المنهج التكفيري لتكوين نواة جيش لمحاربة الجيش المصري، حيث ستبدأ الهجمات من الحدود الغربية المصرية الليبية، أين تتدرب تلك العناصر الآن تحت إشراف قيادات من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة. والهدف الأساسي الذي تكشف عنه تحركات هؤلاء، يكمن أساسا في اختراق البلاد واستهداف المنشآت الحيوية (عسكرية ومدنية)، ومحاولة اقتحام السجون لإطلاق سراح قيادات الإخوان المعتقلين.
تورط قوى إقليمية
ويعود الاختيار الواقع على ليبيا (الجبهة الغربية المحتملة) إلى تحصن عناصر خطيرة بها، جلّهم من تنظيم القاعدة والتنظيمات التكفيرية الأخرى المسؤولة عن تعبئة الجهاديين في سوريا، والعديد منها مطلوب لدى الإنتربول ودول غربية عديدة بتهم تتعلق بالإرهاب (على غرار أبو أنس الليبي الّذي اختطفته قوات أميركية خاصّة في بنغازي). حيث يشير اللواء سامح سيف اليزل، مدير مركز الجمهورية للدراسات السياسية في هذا السياق، إلى أن التيّار الإسلامي المتربّص على الحدود الغربية هو أخطر ما يمكن أن يهدّد الدولة المصرية، خاصةً وأن الميليشيات المسلحة في ليبيا تمتلك الكثير من الأسلحة الّتي حصلت عليها من مخازن الجيش الليبي بعد إسقاط نظام العقيد معمر القذافي.
وارتباطا بالمصالح الإقليمية والدولية، فإن المصلحة المباشرة لوقوع مثل هذا السيناريو ستكون لكل من قطر وإيران وتركيا، على حدّ رأي اليزل، الّذي أضاف قائلا: ” هناك جهات دولية فاعلة تقف وراء تكوين ‘جيش مصر الحر’، من أبرزها قطر وإيران، اللّتان ترغبان في إضعاف الدور المصري واستمرار حالة الانفلات الأمني في البلد، حتّى لا تظل القاهرة مركز ثقل في المنطقة”.
وتتنزل هذه التحليلات في سياق المعلومات التي تصل بشكل يومي إلى أجهزة الأمن المصرية حول ظهور مجموعات جهادية تحاول زعزعة أمن واستقرار البلاد، والّتي تُفيدُ بأنّ حدود مصر أصبحت مستباحة من قبل قوى الإرهاب والجماعات التكفيرية، والتي تتضمن تقارير أيضا عن “مؤامرة دولية تستهدف مصر وترمي إلى تقسيم البلاد أو تحويلها إلى سوريا أخرى”. وعلى الرغم من أنّ وكالات الاستخبارات نجحت في رصد تحركات الجماعات الإرهابية، خاصّة على الحدود الشرقية والغربية والجنوبية لمصر، إلاّ أنّ الأسوأ من قبل جماعة الإخوان المسلمين لم يظهر بعد.
إذ يشير اللواء محمد قدري سعيد، رئيس وحدة الدراسات العسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى الضربات الموجعة من المخابرات المصرية، لكلّ من أنصار بيت المقدس وتنظيم القاعدة، والمتمثلة في قرار النائب العام هشام بركات بتقديم 68 إرهابياً، على رأسهم محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري إلى المحكمة الجنائية، بالإضافة إلى اعتراف معتقلين من جماعة أنصار بيت المقدس بأنّهم كانوا يسعون إلى استهداف المنشآت الحيوية، وعلى رأسها قصف السدّ العالي في أسوان، واستهداف عدد من الكنائس وأماكن العبادة إضافة إلى مراكز الشّرطة ووحدات الجيش.
تقويض العملية الانتقالية
يرى محمد قدري سعيد أنه من السهل على هذه التنظيمات تكوين ما يسمى بـ “جيش مصر الحر”، لتنفيذ مخططات لنشر الفوضى وتهريب هؤلاء الجهاديين، مُشيرا إلى أنّ يقظة أجهزة المخابرات والأمن الوطني تُساهم في الحدّ من المخاطر تمثلهــا الجماعــات التكفيرية، وتحمي الدولة من الانزلاق في براثن الحرب الأهلية. ويستطرد سعيد قائلا: “لكن يظل هدف هذه الجماعات، سواء كانت موحّدة أو كيانات منفصلة، هو زعزعة استقرار الوضع الداخلي وتقويض العملية الانتخابية المنتظرة”.
وكشف الخبير العسكري عن وجود مصانع في ليبيا تعمل على تصنيع زي جديد “للجيش المصري الحر”، بعد أن فشلت الجماعات التكفيرية في تهريب زي أفراد القوات المسلحة الحالي وتوزيعه على أفراد الجهاديين استعداداً لدخول البلاد في المستقبل، لكنها مازالت تنتظر ساعة الصفر التي سيتم تحديدها من قبل وكالات الاستخبارات التي تدير هذا “الجيش المصري الحر”.
وفي ذات السياق، يؤكد محمد قدري سعيد، الخبير العسكري، أنّ الجهادي “شريف الرضواني” مسؤول عن معسكرات تدريب الجيش المصري الحر في ليبيا، وقال “إنّه شارك في عمليات مسلحة عنيفة في كلّ من سوريا وباكستان، كما يوجد جهادي يُدعى ‘إسماعيل الصلابي’ وهو عضو في تنظيم القاعدة، وعلى اتصال دائم مع رئيس المخابرات القطرية ‘غانم الكبيسي’، وهذه المجموعة تريد زعزعة الأمن والاستقرار في مصر قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة”.
لكن آراء أخرى ترى ـ في سياق رؤيتها لهذا التشكل العسكري الموازي للدولة المصرية ـ أنه خلال الفترة الماضية وأثناء تولي الرئيس المعزول محمد مرسي للحكم، حاولت جماعة الإخوان المسلمين بالتنسيق مع حركة حماس الفلسطينية والموالين لها، تهريب أقمشة زيّ القوات المسلّحة إلى غزّة. وبعد تهريب الكثير من شحنات الأقمشة العسكريّة التي كان إعادة تصنيعها يمثل خطراً على الأمن القومي المصري، شرعت المؤسسة العسكرية في تغيير زيّها العسكري تماماً، خلال فترة إشراف المشير عبدالفتاح السيسي على وزارة الدفاع. وفي هذا الإطار قال اللواء محمود زاهر، وكيل سابق للمخابرات العامة المصرية، “إنّ الإخوان قاموا بهذه العمليّات لأنّهم كانوا يتوقعون فشلهم في إدارة الدولة، وكانوا يستعدون لمحاربة الدولة المصرية في حال تمّ عزل مرسي”. وهو ما كشفته التحقيقات التي أثبتت تورّط عدد من العناصر الإخوانية، كانوا يحملون زي الشرطة المصريّة الذي تغيّر هو الآخر، في قتل المتظاهرين .
المصدر :
http://www.alarab.co.uk/?id=20864
تعليق