إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أعجب عبور عسكري في التاريخ .. [ سقوط المدائن عاصمة كسرى ] .. كم تركوا من جنات وعيون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أعجب عبور عسكري في التاريخ .. [ سقوط المدائن عاصمة كسرى ] .. كم تركوا من جنات وعيون

    بسم الله الرحمن الرحيم



    الصورة الأولى


    المكان: المدينة المنورة

    الزمان: السنة الرابعة من الهجرة النبوية


    الأحداث/


    كان المسلمون في المدينة في ضيق شديد، وكرب عظيم، فقد تحالفت عليهم قبائل العرب، ورمتهم عن قوس واحدة، فهاهم يهود المدينة يذهبون إلى مكة محرضين، وهاهم زعماء قريش يحشدون المقاتلين ويستنصرون قبائل العرب حول مكة، وهاهي العرب تجمع جيشاً لم تجمع مثله من قبل، وكل ذالك لإستئصال شأفة المسلمين وكسر شوكتهم في المدينة، وحتى لا يكون بعدها إسلام وإيمان، وفي هذا الوقت كان المسلمون في المدينة يحفرون خندقاً حول المدينة في ظروف عصيبة، فكانوا يحفرون وهم يربطون الحجارة على بطونهم من شدة الجوع، فوقفت امامهم صخرة عظيمة أبت ان تنكسر، فدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي ينظر في أمرها فأخذ عليه الصلاة والسلام المعول بيديه الشريفتين ثم ضرب الصخرة وهو يكبر كلما لمع منها الشرر، سألوه عن ذالك فقال: ( ضربت ضربتي الأولى فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن امتي ظاهرةٌ عليها. ثم ضربت ضربتي الثانية فبرق الذي رأيتم اضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم كأنها انياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرةٌ عليها. ثم ضربت ضربتي الثالثة فبرق منها الذي رأيتم اضاءت لي منها قصور صنعاءَ كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها . . .). في خضم هذه الظروف الرهيبة، جيوش كبيرة من مشركي العرب تزحف نحو المدينة وعلى رأسها صناديد قريش يحرضونهم ويذكرونهم بثاراتهم وبما جرى لهم على أيدي المسلمين في السابق، واليهود داخل المدينة يعدون للغدر بالمسلمين قال الله تعالى: ( إذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعد أصحابه بمفاتيح قصور كسرى وقيصر !! في المقاييس الدنيوية كان هذا الوعد من المستحيلات، فالمسلمون لا يأمن أحدهم ان يخرج لكي يقضي حاجته فضلاً عن ان يوعدوا بمفاتيح قصور فارس والروم! هناك قال المنافقون: ( وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً ).




    الصورة الثانية

    الزمان: الثلاثاء 18 صفر – 16 هـ

    المكان: الضفة الشرقية من نهر دجلة مقابل المدائن عاصمة كسرى.

    الأحداث/

    بعد أن قمع ابو بكر رضي الله فتنة الردة في جزيرة العرب، وبعد ان انطلق المسلمون نحو بلاد كسرى وقيصر فاتحين في عهد خليفته الفاروق عمر رضي الله عنه، وبعد الإنتصار الباهر في معركة القادسية دخل المسلمون مدينة بهرسير ووقفوا على ضفة نهر دجلة مقابل أولى المدائن السبع "اسبانبر" والتي تشكل مع باقي المدن عاصمة كسرى المدائن، وقف المسلمون على الضفة المقابلة محتارين في طريقة العبور بعد ان اخذ الفرس معهم كل السفن وأحرقوا الجسر بعد هروبهم من بهرسير نحو المدائن، وزاد الطين بلة ان النهر فاجأ المسلمين بفيضان عظيم ومد كبير، وبينما هم كذالك إذ أتى احد المسلمين من الفرس إلى سعد وقال له: ( ما يقيمك؟ لا يأتي عليك ثالثة حتى يذهب يزدجرد بكل شيء في المدائن ). ذالك ان كسرى كان مشغولاً بنقل كنوز آباءه وأجداده إلى عمق فارس. ونام سعد وهو مشغول الفكر بشأن طريقة العبور، فرأى في منامه ان خيول المسلمين تقتحم لجة النهر، وتعبر دجلة وهو في فيضان عظيم، ومن المعلوم ان الخيل تعوم في الماء، فعزم سعد على العبور وتحقيق الرؤيا، فجمع الناس وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر فلا تخلصون إليه معه، وهم يخلصون إليكم إذا شاؤوا فيناوشونكم في سفنهم . . . وقد رأيت من الرأي ان تبادروا جهاد العدو بنياتكم قبل ان تحصركم الدنيا، ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم. فقالوا جميعاً: عز الله لنا ولك على الرشد فافعل.



    شكل سعد رضي الله عنه رأس حربة للعبور أساسها التطوع، فتطوع ستمائة من فرسان المسلمين كان جلهم من كتيبة خاصة بسعد رضي الله عنه تسمى بالكتيبة الخرساء، وكان فرسانها شديدي البأس في القتال وكان منهم القعقاع بن عمرو التميمي وأخوه عاصم والربيل بن عمرو وكلهم كانوا فرساناً لا يشق لهم غبار وجعل سعد على رأسهم عاصم. سار عاصم بكتيبته حتى وصل ضفة النهر الهائج ثم فتح باب التطوع من جديد فقال لأصحابه: من ينتدب معي لنمنع الفراض - الشاطئ - من عدوكم ولنحميكم حتى تعبروا؟.

    فأجابه ستون من أهل البلاء والنجدة فاقتحموا لجة النهر وخلفهم بقية الستمائة حتى وصلوا إلى الضفة الأخرى واشتبكوا مع فرسان الفرس الذين كانوا مرابطين في تلك المنطقة بمثابة حرس مؤخرة تقاتل لتعطيل اقتحام المدائن حتى يهرب كسرى منها واستمروا يقاتلونهم حتى أتى فارسي وقال لأصحابه: ( علام تقتلون أنفسكم! والله مافي المدائن من أحد!!).



    قال الاستاذ احمد عادل كمال في كتاب سقوط المدائن: ( كتيبة عاصم هذه عرفت بكتيبة الأهوال، وأي هول أكبر من أن يقتحم بستمائة دجلة في فيضانه على ظهور الخيل، لينتزعوا مدائن كسرى من أنياب الأسد، وهم لا يعرفون ما أعد لهم الفرس دفاعاً عن مدائنهم!! ).




    رأس جسر


    حصل ذالك وسعد يراقب بقلق أعجب عبور حاجز مائي في التاريخ!، فقد كان النهر يقذف بالزبد من شدة جريانه، وقد كان يغلب على ظن الإنسان العادي ان خوض هذا النهر الهادر الذي لا يقل العمق الذي تغطيه مياهه الجارفة عن ستة أمتار هو نوع يشبه الإنتحار، وأن نهاية هاؤلاء الذين اندفعوا إلى هذا النهر يسبحون هو الغرق، هكذا لا شك ان الفرد العادي البسيط كان يتوقع هذه النتيجة. لكن عاصماً وكتيبته اقتحموا النهر وطهروا الشاطئ بأكمله من الفرس، عندها أمر سعد باقي جيش المسلمين وهم 27,400 فارس بالعبور وقال لهم: ( قولوا نستيعن بالله ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ). فأقحم جند سعد خيولهم في لجة النهر وقد علا فيضانها وتلاطم موجها وهي ترمي بالزبد وقد اسود ماؤها مما تحمله من الطمي. وكان المسلمون في عبورهم دجلة قد اتخذ كل واحد منهم رفيقا، فهم مثنى مثنى ما يكترثون وقد راحوا يتحدثون كما يتحدثون على الأرض. قالوا: وكان الذي يساير سعداً في العبور هو سلمان الفارسي رضي الله عنهما، فعامت بهم الخيل وسعد يقول: حسبنا الله حسبنا الله ونعم الوكيل، والله لينصرن الله وليه، وليظهرن دينه، وليهزمن عدوه، إن لم يكن في الجيش بغي أو ذنوب تغلب الحسنات. فقال له سلمان: الإسلام جديد ذللت لهم والله البحور كل ذلل لهم البر، أما والذي نفسي بيده ليخرجن منه أفواجا كما دخلوه أفواجا.




    فزع وجلاء


    كان يزجرد يعلم يقيناً ان المسلمين يريدون العبور، ولكن استحواذه على السفن وحرقه الجسر منحه قدراً من الاطمئنان، ثم كان يعلم ان الفيضان سيجعل العبور اكثر إستحالة. ولكنه في الوقت ذاته صار ذا تجربه مع المسلمين ويعلم من تجاربه معهم انهم قضاء وقدر ولا يقف في سبيلهم شيء. فكان بين هذا وذاك، نجده يتصرف تصرف المحتاط الذي يخشى تمكن المسلمين من مدائنه، فلما سقطت بهرسير شرع ينقل كنوزه وحريمه وعياله من المدائن إلى أقصى عمق بلاد فارس. ثم نجده مطمئناً فيبقى في قصره لم يبرحه. ولعل يزدجرد قدر ان أي إجراء سيتخذه سعد ليعبر دجلة لن يكون قبل ستة شهور هي مدة الفيضان.



    ولكن هاؤلاء الجبابرة المسلمين قد فعلوها!! وأحدثوا معجزة جديدة من معجزاتهم فاتخذوا من خيولهم مركبات برمائية وفاجأوه ومن معه بما لم يكن في حسبانهم ولا خطر على بالهم. ونظر جند يزدجرد إلى هذه الخيل التي ملأت دجلة وهي تعبر نحوهم فجعل بعضهم يقول لبعض: ( والله ما تقاتلون الإنس وما تقاتلون إلا الجن ). هذه المفاجأة السريعة افزعت يزدجرد حتى انه خشى الخروج من باب قصره، إذ كانت واجهته شرقية حيث عبر المسلمون على بعد مئات قليلة من الامتار، والطريق مفتوح.. فدلاه قومه من الشرفات الخلفية لقصره في زبيل "صندوق". وقد ذكر الثعالبي ان كسرى هرب من المدائن لحلوان ومعه ألف طباخ وألف مطرب وألف فهّاد فضلاً عن من سواهم، وعنده أنه في خف.




    الهروب الكبير


    لقد أذهلت مفاجأة العبور الخارقة الجند الذين كلفهم كسرى بالدفاع عن المدائن، فانهارت أعصابهم وفروا تاركين مواقعهم الحصينة خلفهم ونجوا بأنفسهم وتركوا كل التموينات والأسلحة التي اعطيت لهم لكي يدافعوا عن المدينة، كما ترك الامراء والقادة وكبار الدهاقين في خزائنهم من الملابس والذهب والجواهر ما يفوق الحصر ولا يدري ما قيمته إلا الله وخرجوا لا يلوون على شيء إلا على أنفسهم.

    وهكذا اصبحت المدائن خالية من المدافعين ومن الناس عدا البسطاء من العامة الذين لم يجدوا فرصة للهروب فدخل جيش سعد عاصمة كسرى دون قتال، وهذا ما لم يكن يتوقعه المسلمون، إذن ان الفرس كانوا معروفين بالكبر والعناد والصبر في القتال، يقول الشيخ محمد باشميل: ( وإذا لم يعاندوا ويصبروا للدفاع عن عامة عزمهم وملكهم فمن أجل ماذا يعاندون ويصبرون؟، ولكنهم معذورون فقد انخلعت قلوبهم من الرعب لمجرد سماعهم بالمسلمين لما لقوه على أيديهم من قتل ذريع رغم كثرتهم الغامرة وقلة عدد وعتاد المسلمين ).




    كتيبة الأهوال أول من دخل العاصمة


    اندفعت كتيبة الأهوال يقودها بطل المسلمين عاصم بن عمرو في طرقات المدائن تتبعها الكتيبة الخرساء يقودها اخوه القعقاع بن عمرو التميمي، ومن ورائهم كلهم جيش سعد بأكمله، فأخذوا في سككها التي أقفرت من الجند وخلت من الناس لا يلقون فيها احداً فكل من بقي في المدائن كان قد إلتزم بيته لعلمهم ان المسلمين إذا دخلوا مدينة فإنهم لا يقتلون من إلتزم بيته. وانتشر المسلمون في كافة طرقات المدينة ولم تحصل لهم إلا حادثتان أحدهما ان رجلاً من العرب رأى عصابة من الفرس يتلاومون ويقولون: ( من أي شيء فررنا؟؟ فقال رجل منهم لآخر: إرفع لي كرة في الهواء. فرفعها فرماها الرجل بنشابة "سكين" فلم يخطئها، ويظهر ان ذالك كان اختباراً لأعصابه، وبعد أن فعل ذالك عاج وعاج معه بقية العصابة وهو يسير امامهم فانتهى إلى ذالك الرجل المسلم، فرماه بالنشاب من مكان اقرب مما كان يرمي الكره فلم يصبه، لشدة اضطراب اعصابه ثم وقف في مكانه وكأنه فقد عقله حتى وقف عليه ذالك الرجل المسلم وفلق هامته بالسيف وهو يقول: ( انا ابن مشرّط الحجارة ) فتفرق عن الفارسي أصحابه وهربوا ).




    كم تركوا من جنات وعيون


    سار سعد بجيشة في طرقات خالية وسكك خاوية بين ديار اسبانبر وبساتينها وأشجارها الباسقة، حتى انتهى إلى إيوان كسرى درة الديار الفارسية ورمز عزتها، ومركز قوتها وسلطتها، فأقبل يقرء قول الله تبارك وتعالى: ( كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ. وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ. كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ). وأحاط جيشه بالقصور وفيها بقية الفرس فتقدم إليهم داعية الحملة سلمان الفارسي ودعاهم إلى الإسلام فقال:



    " إني منكم في الأصل وأنا أرق لكم، ولكم في ثلاث أدعوكم إليها:

    ما يصلحكم أن تسلموا فإخواننا، لكم ما لنا وعليكم ما علينا.

    وإلا فالجزية،

    وإلا نابذناكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ".



    وأمهلهم ثلاث أيام بلياليهن، فلما كان اليوم الثالث اختاروا الجزية فخرجوا من القصر ودخل سعد إيوان كسرى العظيم فصلى فيه صلاة الفتح وهي ثمان ركعات لا يفصل بينهم ولا تُصلى جماعة ثم بعث إلى عمر رضي الله عنه بخبر الفتح.



    ثم شرع المسلمون في جمع غنائم هذا الفتح العظيم، قال حبيب بن صبهان: ( دخلنا المدائن فأتينا على قباب تركية مملوءة سلالاً مختمة بالرصاص فما حسبناها إلا طعاماً فإذا هي آنية الذهب والفضة، فقسمت بعد على الناس... وقد رأيت الرجل يطوف ويقول: من معه بيضاء بصفراء ( يعني فضة بذهب – كأنما يبحث عن الفكة ) وأتينا على كافور كثير فما حسبناه إلا ملحاً فجعلنا نعجن به حتى وجدنا مرارته في الخبز.



    وقال الرفيل بن ميسور: ( خرج زهرة في المقدمة يتبع الهاربين من امراء الفرس حتى انتهى إلى جسر النهروان وهم عليه فازدحموا فوقع بغل في الماء فعجلوا وكلبوا عليه، فقال زهرة: إني أقسم بالله إن لهذا البغل لشأنا، ما كلب القوم عليه ولا صبروا للسيوف في هذا الموقف الضنك إلا لشيء بعد ما ارادوا تركه. وإذا عليه حلية كسرى: ثيابه وخرزاته ووشاحه ودرعه التي كان فيها الجوهر والتي كان يجلس فيها للمباهاة. وترجل زهرة يومئذ حتى إذا أزاحهم أمر أصحابه بالبغل فاحتملوه وجاؤوا بما عليه حتى رده إلى صاحب الأقباض – الذي يجمع الغنائم – ما يدرون ما عليه ).



    وهذا الكلج الضبي يطارد اثنين يسوقان بغلين فيقاتلانه فيقتلهما ويستاق البغلين، يقول: ( وجئت بالبغلين وما ادري ما عليهما حتى أبلغتهما صاحب الاقباض، وإذا هو يكتب ما يأتيه به الرجال وما في القصور والدور، فقال: على رسلك حتى ننظر ما معك، فحططت عهما فإذا سفطان على احد البغلين فيهما تاج كسرى - وكان ثقيلاً لا يحمله كسرى على رأسه وانما يعلق في السقف بإسطوانتين ويُدخل فيه كسرى رأسه - ، وإذا على الآخر ثياب كسرى التي كان يلبس من الديباج المنسوج بالذهب المنظوم بالجوهر ).




    سمو وأمانة


    قال أبو عبيدة العنبري: لما هبط المسلمون المدائن وجمعوا الأقباض أقبل رجل بحٌقٍ معه فدفعه إلى صاحب الأقباض، فقال والذين معه: ما رأينا مثل هذا قط، ما يعدله ما عندنا ولا يقاربه. قالوا: هل أخذت منه شيئاً؟

    فقال: والله لولا الله ما اتيتكم به.

    فعرفوا ان للرجل شأناً فقالوا: من انت؟

    فقال: لا والله لا أخبركم لتحمدوني ولا غيركم ليقرظوني، ولكني أحمد الله وأرضى بثوابه.

    فأتبعوه رجلاً حتى انتهى إلى أصحابه فسأل عنه فإذا هو عامر بن عبد قيس.

    غنم المسلمون ذالك كله وأكثر منه مما بقي في بيوت كسرى وقصوره من الثلاثة آلاف مليون درهم التي كان كسرى قد جمعها. وفي ذالك يقول ابو بجيد الاسود:

    وأسلنا على المدائن خيلا *** بحرها مثل برهن أريضا

    فانتثلنا خزائن المرء كسرى *** يوم ولوا وحاص منا جريضا




    تقسيم الغنائم

    أرسل سعد رضي الله عنه بأخماس الغنائم إلى عمر رضي الله عنه في المدينة وقسم الباقي على الجيش المسلم وزاد أهل البلاء والصبر في العطاء حسب توجيهات القائد الأعلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما أُتي عمر بحلي كسرى وزيه في المباهاة وزيه في غير ذالك، وكان له في كل حالة زي خاص، قال عمر: ( علي بمحَلّم ) وكان أجسم عربي بأرض المدينة يومئذ، فألبسه تاج كسرى على عمودين من خشب، وصب عليه أوشحته وقلائده وثيابه، وأجلسه للناس، فنظر إليه عمر ونظر إليه الناس فوجدوا أمراً عظيماً من أمر الدنيا وفتنتها، ثم قام عن ذالك فألبسه الزي الذي يليه فنظروا إلى مثل ذالك في كل نوع حتى أتوا عليها كلها، ثم ألبسه سلاحه وقلده سيفه فنظروا إليه في ذالك ثم قال الفاروق رضي الله عنه جملة خلدها التاريخ: ( والله إن أقواماً أدوا هذا لذووا أمانة ).



    ثم في أسطع صورة تبين زهد وعفة خليفة المسلمين عن كنوز الدنيا ومغانمها، أعطى عمر محلماً سيف كسرى ثم قال في موعظة بليغة: ( أحمق بامرئ من المسلمين غرته الدنيا. هل يبلغن مغرور منها إلا دون هذا أو مثله؟ وما خير امرئ سبقه كسرى فيما يضره ولا ينفعه! إن كسرى لم يزد ان تشاغل بما أوتي عن آخرته، فجمع لزوج امرأته أو زوج ابنته او امرأة ابنه ولم يقدم لنفسه، ووضع الفضول مواضعها تحصل له وإلا حصلت للثلاثة بعده. وأحمق بمن جمع لهم او لعدو جارف ).



    ولم يبقى بعد هذا الفتح العظيم للفرس في العراق موضع قدم، وهكذا سقطت مدائن كسرى في أيدي المسلمين وصدق الله وعد نبيه وكذب المنافقون، صدق رسول الله يوم وعد أصحابه وهم يحفرون الخندق بمفاتيح قصور كسرى، وكذب وخاب المنافقون الذين زعموا ان وعد الله ورسوله ليس إلا غرورا.




    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا انت استغفرك واتوب إليك




    المصادر:

    · كتاب سقوط المدائن ونهاية الدولة الساسانية للمؤرخ الكبير احمد عادل كمال رحمه الله.

    · كتاب القادسية ومعارك العراق للشيخ محمد احمد باشميل رحمه الله.



    للامانه منقول
    المصدر
    http://www.adslgate.com/dsl/showthread.php?t=1845014


  • #2
    رد: أعجب عبور عسكري في التاريخ .. [ سقوط المدائن عاصمة كسرى ] .. كم تركوا من جنات وعيون

    اللهم اعز الاسلام والمسلمين

    تعليق

    ما الذي يحدث

    تقليص

    المتواجدون الآن 0. الأعضاء 0 والزوار 0.

    أكبر تواجد بالمنتدى كان 170,244, 11-14-2014 الساعة 09:25.

    من نحن

    الامن الوطني العربي نافذة تطل على كل ما يتعلق بالعالم العربي من تطورات واحداث لها ارتباط مباشر بالمخاطر التي تتهددنا امنيا، ثقافيا، اجتماعيا واقتصاديا... 

    تواصلوا معنا

    للتواصل مع ادارة موقع الامن الوطني العربي

    editor@nsaforum.com

    لاعلاناتكم

    لاعلاناتكم على موقع الامن الوطني نرجو التواصل مع شركة كايلين ميديا الوكيل الحصري لموقعنا

    editor@nsaforum.com

    يعمل...
    X