مشاريع زيادة عيار مدافع الدبابات
حتى 140 ملم
حتى 140 ملم
طبقاً لتقديرات حلف شمال الأطلسي NATO المستقبلية ، فإن الدبابة الروسية القادمة ربما تتحصل على تدريع سلبي وتفاعلي كافي لهزيمة ودحر أغلب الذخيرة الغربية المضادة للدبابات المطلقة من المدافع عيار 120 ملم ، والتي يمكن أن توجه نحو قوسها الأمامي . لقد تم الإقرار بأن أسلحة دبابات الحلف المستقبلية يجب أن تنتج طاقة فوهة muzzle energy لنحو 18 MJ ، مع قابلية اختراق لنحو 1,200 ملم للدروع المتجانسة المدرفلة RHA من مسافة 2000 م بالنسبة لخوارق مقذوفات الطاقة الحركية المستقرة بزعانف APFSDS لتجاوز الإخفاق المحتمل . وهذه تعادل تقريباً ضعف الطاقة المنتجة حالياً من قبل المدفع Rheinmetall L44 عيار 120 ملم المصعد على دبابات Leopard 2 و M1A1 Abrams. من ضمن حلول عديدة طرحت لتعزيز القوة النارية ، ونفذ بعضها كما ما في تطوير نسخة أكثر طولاً من السلاح L44 ، أطلق عليها L55 مع دافع صلب (السلاح الجديد قادر على إطلاق قذائف DM63 بقابلية اختراق لنحو 900 ملم من الفولاذ المتجانس ، كذلك نفس المدفع قادر على إطلاق قذيفة M289A3 التي يمكن أن تتجاوز قابلية اختراقها 1,000 ملم لنفس الهدف وعند ذات المدى ؟؟) ، كان هناك عدد من الحلول أكثر إفراطاً ، بضمن ذلك أسلحة التعجيل الكهرومغناطيسي electro-magnetic acceleration وشحنات الدفع السائلة .. وبعد دراسات مطولة ومستفيضة ، تبين أن الحل الأمثل والأسرع يكمن في تبني العيار 140 ملم بمسحوقه الدافع الصلب كسلاح رئيس لدبابات المعركة المستقبلية . في الحقيقة ، أكثر الأمم المنتجة للدبابات طورت عدد من مدافع 140 ملم للاستعمال في دباباتها المستقبلية واختبر بعضها بالفعل على عدد من الأبراج ، لكن بالنتيجة لا يوجد أمة اعتمدت خيار المدفع 140 ملم بشكل جدي ونهائي . أما بالنسبة للروس وتسليح دبابتهم المستقبلية ، فإن الأمر لا يزال يلفه الغموض ، فرغم أن المعلومات الابتدائية كانت تتحدث عن تبني العيار 152 ملم ، وكما أظهرت اختبارات الروس لهذا السلاح على الدبابة T-80 مع بعض الإطالة للبرج ومخزن الذخيرة الخلفي ، إلا أن الغرب دهش عندما شاهد الدبابة Black Eagle وهي مسلحة بمدفع 2A46M-4 عيار 125 ملم ... لذا ، لا يزال هناك القليل جداً من التفاصيل المنشورة حول مشاريع الروس لمدفعهم الجديد .
الهدف الأصلي لمشاريع السلاح الغربي الجديد كما هو منصوص أعلاه ، انجاز وتحصيل طاقة فوهة لحد 18-20 MJ . فلتحصيل قابلية نفاذ لدروع دبابة معركة رئيسة بمقذوف طاقة حركية ، وتحديداً مع الذخيرة المثبتة بزعانف النابذة للكعب APFSDS ، فإن المبدأ الأجدى لقياس تأثير الاختراق يكون في الاعتماد على عاملي السرعة velocity والكتلة mass . لذا المعادلة الأسهل التي يمكن أن تعطي فكرة حول عملية اختراق قذيفة حركية تكون كالتالي : KE = ½m v2 . فأنت تحتاج لزيادة طاقة الفوهة إما أن تزيد كتلة القذيفة أو تزيد سرعتها . ومع تخفيض في الكتلة فإننا سنحصل بالضرورة على زيادة في السرعة ، ونفس الحقيقة العكس بالعكس . إن تحصيل وتحقيق طاقة فوهة أعظم يمكن انجازه من خلال استخدام شحنات دافع أكثر قوة أو أكبر حجما ، حيث يمكن للسبطانات الأكبر أن تقاوم الشحنات الأكثر طاقة ، لأن الضغط المحدث أثناء توسع الغازات موزع على منطقة سطحية أطول .
أثناء برامج تطوير هذه الأسلحة ، برزت مشكلة الوزن الزائد المترتبة على زيادة العيار ، فتم اللجوء لبعض الحلول غير التقليدية unconventional solutions لتخفيض الوزن العام للعربة الحاملة . فأعيد التفكير في تصميم مقطع البرج turret ، ووجد بعض المصممين أن أحد أفضل السبل لتخفيض الوزن والضغط على الأرض يكمن في الاستعانة بالبرج غير المأهول (النهج الروسي في التصميم) . كان هناك أيضاً متطلبات لمناقشة قضية الحمولة الإجمالية لذخيرة السلاح 140 ملم ، فقد تبين أن الدبابة حتى مع تخفيض عدد ذخيرة المدفع ستواجه معضلة زيادة الوزن . يبلغ وزن قذيفة الطاقة الحركية للسلاح الجديد نوع APFSDS نحو 40 كلغم ، في حين أن نفس القذيفة للمدفع 120 ملم يبلغ وزنها ما بين 19-23 كلغم . هذا يعني بأن ثلاثون قذيفة 140 ملم سوف تزن تقريباً 1,200 كلغم بالمقارنة مع 830 كلغم لعدد أربعون قذيفة من حمولة ذخيرة العيار 120 ملم . أما بالنسبة لوزن المدفع 140 ملم ، فقد أظهر هذا الأمر أيضاً زيادة كبيرة ، بلغت 3,200 كلغم (بضمن ذلك مرتكز الدوران trunnions الذي يهيئ السلاح للارتفاع والانخفاض) . وللمقارنة يبلغ وزن سبطانة المدفع الألماني L44 عيار 120 ملم لوحدها نحو 1,190 كلغم ، والنسخة المطولة منه L55 يبلغ وزنها 1,347 كلغم . لقد وجد أن وزن المدفع ووزن الذخيرة معاً سيرفعان من الثقل الإجمالي للعربة لنحو 1.5 طن متري . الزيادة الضرورية في حجم البرج للسماح بحدود انخفاض للسلاح الرئيس إلى ما بين 7 و10 درجات يمكن أن تكلف هي الأخرى نحو 5 إلى 6 أطنان مترية في الوزن العام .
الزيادة في عيار السلاح الرئيس تؤدي إلى زيادة أيضاً في حجم غطاء الدرع الخاص بسبطانة السلاح gun mantle ، مما يؤدي إلى زيادة أخرى في الحجم ووزن الدرع العام . في الحقيقة , الزيادة الإجمالية لمجموع الوزن والناتجة عن تنامي حجم تدريع البرج يمكن أن تبلغ أكثر من 10-15 أطنان مترية . ولو أخذنا على سبيل المثال دبابة Leopard 2E (الحرف E يشير لنسخة الدبابة المخصصة لأسبانيا) يبلغ وزنها القتالي نحو 63 طن ، فإن وزنها بعد تجهيزها بالسلاح 140 ملم ومتطلباته ، سيبلغ تقريباً مع المحافظة على نفس مستويات قابلية الحركة وحماية الدبابة ، نحو 78 طن . وللإبقاء على الضغط الأرضي ضمن المدى الأقصى المقبول والبالغ 9 نيوتن/سم2 ، فإن الهيكل أيضاً يجب أن يمدد ويزداد حجمه في كلاً من العرض والطول .. إن زيادة عرض العربة أو دبابة المعركة الرئيسة رغبة صعبة التحقيق ، بسبب قيود النقل بالسكك الحديدية والطرق . لذلك من المفيد القول أن هناك وزن أقصى للدبابة يجب أن لا تتجاوزه (يتراوح بين 64-68 طن) ، أما مع الحديث عن 78 طن ، فإننا أمام دبابة ستجد صعوبة في الانتشار الإستراتيجي strategically deploy وفي المسافات الطويلة .
على رغم من ذلك ، وزن 78 طن لا يأخذ بنظر الاعتبار عدد أكثر من القضايا التي تترتب على زيادة الوزن ، منها الحاجة لمحرك أكبر حجما وأكثر وزنا ، ناهيك عن حجم متزايد من الوقود . خزانات الوقود fuel tanks بذاتها ، تشكل زيادة كبيرة في الوزن بسبب متطلبات حمايتها ووقايتها من الشظايا والمقذوفات . فضلاً عن أنه سيكون من المستحيل تقريباً للمحمل البشري شحن ذخيرة بوزن 40 كلغم لكل منها في زمن التحميل المثالي والمقدر بنحو 5-7 ثواني ، لذا المحمل الآلي automatic loader سيكون ضروري ومن المسلمات .
أما بالنسبة لفكرة زيادة عيار السلاح الرئيس (في الوقت الراهن على الأقل) إلى أكبر من العيار 140 ملم ، فإن هذه الفكرة تبدو صعبة وبعيدة المنال ، فمثل هذا المدفع سوف يبذل قوى ارتداد عظيمة جداً ، وسوف يحتاج إلى أن يثبت على دبابة عملاقة ، رغم أنه حتى في هذه الحالة ، فإن الصدمة ستكون من الشدة والعنف بحيث لا يتحملها الطاقم . لقد تم التأكد من صحة هذا الرأي إثناء عمليات الرمي من قانصة الدبابات الأمريكية M551 Sheridan التي جهزت بمدفع رئيس محلزن الجوف من عيار 152 ملم وذخيرة من نوع HEAT . أضف إلى ذلك أن ذخيرة مثل هذا السلاح ستكون كبيرة الحجم ، مما يعني بالضرورة مخزون أقل من الذخيرة في الدبابة (الدبابة Sheridan كانت مجهزة بعدد 20 قذيفة فقط) . مثل هذه الظروف تمت مواجهتها في الحرب العالمية الثانية وما بعدها ، فمع تزايد حجم الذخيرة ، فإن مخزون الدبابة منها سوف يقل . الدبابة الأمريكية Sherman على سبيل المثال ، كانت مجهزة بمدفع رئيس من عيار 75 ملم على ، وكانت تحمل مخزون من 90 قذيفة ، في حين حملت النسخة M1 المجهزة بمدفع عيار 105 ملم عدد 55 قذيفة ، أما الدبابة الأحدث M1A1 بمدفعها من عيار 120 ملم فإنها قادرة على حمل 40 قذيفة فقط . إن الذخيرة كبيرة الحجم ستكون ثقيلة الوزن بالنسبة للتناول والتعبئة اليدوية ، مما سيترتب عليه الاستعانة بملقم آلي autoloader ، الذي سيكون ضرورياً في هذه الحالة ، وستكون المحصلة النهائية دبابة كبيرة الحجم ، ثقيلة الوزن ، سهلة الانكشاف .. ومع كل ما سبق ، يرى بعض المنظرين أن زيادة عيار المدفع الرئيس إلى حد معين ، يبدو أمراً مقبولاً ، فالتطور السريع والمتنامي في مجال الدروع المركبة composite armour والدروع التفاعلية المتفجرة ERA ، فرض حتمية هذه الزيادة . خصوصاً وأن المنظرين العسكريين يعتقدون أنهم بحاجة ملحة مستقبلاً لمقذوفات APFSDS بطاقة فوهة مرتفعة قياساً بما تحققه المدافع الحالية , واعتبرت هذه ضرورة قصوى لهزيمة ودحر دروع الدبابات المحسنة .
في أواخر الثمانينات ، عملت شركات أمريكية وأوربية عدة على تطوير مدافع تجريبية مشتركة من عيار 140 ملم لدبابة المعركة المستقبلية . وبرزت شركة Rheinmetall الألمانية بعملها على تطوير مدفع من عيار 140 ملم ، تم تثبيته على برج دبابة من طراز Leopard 2 . لقد استطاعت قذيفة الطاقة الحركية APFSDS الخاصة بهذا السلاح في الاختبارات ، اختراق تصفيح فولاذي متجانس بسماكة متر واحد ، عندما أطلقت من مسافة 1000 م . كما أن اختبارات مماثلة أجريت في المملكة المتحدة على سلاح جديد عيار 140 ملم ، من إنتاج Royal ordnance ، أعطى زيادة في نسب الاختراق لنحو 40% مقارنة بالمدفع 120 ملم .
لقد تم التركيز في المدافع الجديدة ، على ذخائر الطاقة الحركية الخارقة للدروع المثبتة بزعانف APFSDS ، ذلك أن رؤوس الشحنة المشكلة Shaped Charge (حتى تلك التي تحمل شحنتين مترادفين) أصبحت تجد مقاومة متزايدة لها من الدروع المركبة والتفاعلية في الدبابات الحديثة ، في حين أن الذخائر الخارق للدروع التي تعتمد على مبدأ الطاقة الحركية أثبتت فاعليتها على جميع أنواع الدروع المشار إليها سابقاً . وتستخدم بعض دول حلف الأطلسي ، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ، قضباناً عالية الكثافة لصالح قذائف الطاقة الحركية ، مصنوعة من اليورانيوم المستنزف DU ، إلا أن الخطورة التي تعترض استخدام هذا المنتج بالنسبة لطاقم الدبابة ، أو بالنسبة للرماد المتناثر من عملية الاصطدام ، دفعت الأبحاث في اتجاه إعادة تطوير الذخائر المصنوعة من سبائك التنغستن Tungsten alloy .
لقد تم التركيز في المدافع الجديدة ، على ذخائر الطاقة الحركية الخارقة للدروع المثبتة بزعانف APFSDS ، ذلك أن رؤوس الشحنة المشكلة Shaped Charge (حتى تلك التي تحمل شحنتين مترادفين) أصبحت تجد مقاومة متزايدة لها من الدروع المركبة والتفاعلية في الدبابات الحديثة ، في حين أن الذخائر الخارق للدروع التي تعتمد على مبدأ الطاقة الحركية أثبتت فاعليتها على جميع أنواع الدروع المشار إليها سابقاً . وتستخدم بعض دول حلف الأطلسي ، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا ، قضباناً عالية الكثافة لصالح قذائف الطاقة الحركية ، مصنوعة من اليورانيوم المستنزف DU ، إلا أن الخطورة التي تعترض استخدام هذا المنتج بالنسبة لطاقم الدبابة ، أو بالنسبة للرماد المتناثر من عملية الاصطدام ، دفعت الأبحاث في اتجاه إعادة تطوير الذخائر المصنوعة من سبائك التنغستن Tungsten alloy .
عموماً لا توجد في الوقت الحاضر استخدامات محددة أو ملحة للمدافع عيار 140 ملم ، ذلك لأن العيار 120 ملم ربما يبقي في الخدمة لفترة طويلة مقبلة ، فالخبرات القتالية المستنبطة من حربي الخليج الأولي والثانية ، أثبتت أن مدافع الدبابات عيار 120 ملم سواء الملساء منها أو المحلزنة ، قادرة على إلحاق الهزيمة بدبابات أفضل تدريعاً ومناعة . وتتوقع جيوش اليوم الحصول على بعض التحسينات المهمة في قابليات هزيمة دروع الدبابات ، وذلك بالتطوير المستمر لذخيرة أسلحة العيار 120 ملم ، مثل زيادة كتلة خوارق مقذوفات الطاقة الحركية وتخفيض وزن القباقيب في المقابل . كذلك الأمر بتعزيز طاقة الفوهة عن طريق زيادة سرعة الفوهة لما يزيد عما هو متوفر الآن 1.600-1.800 م/ث . إن زيادة سرعة الفوهة يمكن تحقيقها إما باستخدام شحنات دافع بطاقة معززة ، أو بإطالة وتمديد سبطانة السلاح .
تعليق