قل كلمة الحق .. و لو في وجه سلطان جائر !!
-1-
الإمام الزهري – رحمه الله
دخل المحدث الكبير الإمام الزهري على هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي، فقال هشام للعلماء : من الذي تولى كبره؟ يعني في قول الله تعالى: (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور:11] في حادثة الإفك.
وكان هشام يدَّعي أن الذي تولى كبره هو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – .
فقال هشام لسليمان بن يسار: من الذي تولى كبره؟ قال: عبد الله بن أبيّ بن سلول، فقال هشام: كذبت هو علي بن أبي طالب، فقال سليمان: أمير المؤمنين أعلم بما يقول،
ثم قال للآخر: من الذي تولى كبره؟ فأجابه وكذبه.
ثم وصل الدور إلى محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، فقال هشام: من الذي تولى كبره؟ قال: عبد الله بن أبي بن سلول، قال: كذبت، قال: أنا أكذب لا أبا لك ، - وفي رواية أنه قال له (بل كذبت أنت وابوك وجدك)، - والله لو نادى منادٍ من السماء أن الكذبَ حلال ما كذبت، والله الذي لا إله إلا هو، لقد حدثني سعيد وعروة وعُبيد وعلقمة بن وقاص عن عائشة: أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي بن سلول، فارتعد الخليفة وقال: هيَّجناك ايها الشيخ سامحنا.
-2-
رجل من أهل اليمن
طاوس بن كيسان و هو من رواة البخاري ومسلم – يقول: "دخلت الحرم لأعتمر، قال: فلما أديت العمرة جلست عند المقام بعد أن صليت ركعتين، فالتفتُ إلى الناس وإلى البيت، فإذا بجلبة الناس والسلاح.. والسيوف.. والدرق.. والحراب.. فالتفتُّ فإذا هو الحجاج بن يوسف.
يقول طاوس: فرأيت الحراب فجلست مكاني، وبينما أنا جالس إذا برجل من أهل اليمن فقير زاهد عابد، أقبل فطاف بالبيت؛ ثم جاء ليصلي ركعتين، فتعلّق ثوبه بحربة من حراب جنود الحجاج، فوقعت الحربة على الحجاج، فاستوقفه الحجاج، وقال له: من أنت؟ قال: مسلم. قال: من أين أنت؟
قال: من اليمن، قال: كيف أخي عندكم؟ [يعني أخاه الظالم مثله، واسمه محمد بن يوسف]، قال الرجل: تركته سميناً بديناً بطيناً، قال الحجاج: ما سألتك عن صحته، لكن عن عدله؟ قال: تركته غشوماً ظلوماً، قال: أما تدري أنه أخي؟ قال الرجل: فمن أنت؟ قال: أنا الحجاج بن يوسف، قال: أتظن أنه يعتز بك أكثر من اعتزازي بالله؟ قال طاوس : فما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت، قال: فأفلته الحجاج وتركه.
-3-
الإمام الأوزاعي – رحمه الله
لما فتح عبد الله بن علي العباس دمشق، قتل في ساعة واحدة ستة وثلاثين ألفاً من المسلمين، وأدخل بغاله وخيوله في المسجد الأموي الجامع الكبير، ثم جلس للناس وقال للوزراء: هل يعارضني أحد؟ قالوا: لا. قال: هل ترون أحداً سوف يعترض عليّ؟ قالوا: إن كان فـالأوزاعي - والأوزاعي محدّث فحل، أمير المؤمنين في الحديث، أبو عمرو، كان زاهداً عابداً، من رواة البخاري ومسلم – قال: فأتوني به، فذهب الجنود للأوزاعي فما تحرك من مكانه، قالوا: يُريدك عبد الله بن علي، قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، انتظروني قليلاً، فذهب فاغتسل، ولبس أكفانه تحت الثياب؛ لأنه يعرف أن المسألة موت أحمر، وقتل ودماء. ثم قال لنفسه: الآن آن لك يا أوزاعي أن تقول كلمة الحق، لا تخشى في الله لومة لائم. فدخل على هذا السلطان الجبار.
قال الأوزاعي وهو يصف القصة: فدخلت فإذا أساطين من الجنود -صفَّان-،قد سلُّوا السيوف، فدخلت من تحت السيوف؛ حتى بلغت إليه، وقد جلس على سرير، وبيده خيزران، وقد انعقد جبينه عقدة من الغضب، قال: فلما رأيته، والله الذي لا إله إلا هو؛ كأنه أمامي ذباب.. ، قال: فما تذكرت أحداً لا أهلاً، ولا مالاً، ولا زوجة، وإنما تذكرت عرش الرحمن إذا برز للناس يوم الحساب، قال: فرفع بصره وبه غضب عليّ ما الله به عليم، قال: يا أوزاعي، ما تقول في الدماء التي أرقناها وأهرقناها؟ قال الأوزاعي: حدّثنا فلان، قال: حدثنا ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»فإن كان من قتلتهم من هؤلاء فقد أصبت، وإن لم يكونوا منهم فدماؤهم في عنقك. قال: فنكتَ بالخيزران ورفعت عمامتي أنتظر السيف، ورأيت الوزراء يستجمعون ثيابهم ويرفعونها عن الدم.قال: وما رأيك في الأموال التي أخذناها؟ قال الأوزاعي: إن كانت حلالاً فحساب، وإن كانت حراماً فعقاب!! قال: خذ هذه البدرة - كيس مملوء من الذهب – قال الأوزاعي: لا أريد المال، قال: فغمزني أحد الوزراء، يعني خذها، لأنه يريد أدنى علة ليقتل، قال: فأخذ الكيس ووزَّعه على الجنود وهويخرج، حتى بقي الكيس فارغاً، فرمى به وخرج،
فلما خرج قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل، قلناها يوم دخلنا وقلناها يوم خرجنا" (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران:174].
-1-
الإمام الزهري – رحمه الله
دخل المحدث الكبير الإمام الزهري على هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي، فقال هشام للعلماء : من الذي تولى كبره؟ يعني في قول الله تعالى: (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [النور:11] في حادثة الإفك.
وكان هشام يدَّعي أن الذي تولى كبره هو علي بن أبي طالب - رضي الله عنه – .
فقال هشام لسليمان بن يسار: من الذي تولى كبره؟ قال: عبد الله بن أبيّ بن سلول، فقال هشام: كذبت هو علي بن أبي طالب، فقال سليمان: أمير المؤمنين أعلم بما يقول،
ثم قال للآخر: من الذي تولى كبره؟ فأجابه وكذبه.
ثم وصل الدور إلى محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، فقال هشام: من الذي تولى كبره؟ قال: عبد الله بن أبي بن سلول، قال: كذبت، قال: أنا أكذب لا أبا لك ، - وفي رواية أنه قال له (بل كذبت أنت وابوك وجدك)، - والله لو نادى منادٍ من السماء أن الكذبَ حلال ما كذبت، والله الذي لا إله إلا هو، لقد حدثني سعيد وعروة وعُبيد وعلقمة بن وقاص عن عائشة: أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي بن سلول، فارتعد الخليفة وقال: هيَّجناك ايها الشيخ سامحنا.
-2-
رجل من أهل اليمن
طاوس بن كيسان و هو من رواة البخاري ومسلم – يقول: "دخلت الحرم لأعتمر، قال: فلما أديت العمرة جلست عند المقام بعد أن صليت ركعتين، فالتفتُ إلى الناس وإلى البيت، فإذا بجلبة الناس والسلاح.. والسيوف.. والدرق.. والحراب.. فالتفتُّ فإذا هو الحجاج بن يوسف.
يقول طاوس: فرأيت الحراب فجلست مكاني، وبينما أنا جالس إذا برجل من أهل اليمن فقير زاهد عابد، أقبل فطاف بالبيت؛ ثم جاء ليصلي ركعتين، فتعلّق ثوبه بحربة من حراب جنود الحجاج، فوقعت الحربة على الحجاج، فاستوقفه الحجاج، وقال له: من أنت؟ قال: مسلم. قال: من أين أنت؟
قال: من اليمن، قال: كيف أخي عندكم؟ [يعني أخاه الظالم مثله، واسمه محمد بن يوسف]، قال الرجل: تركته سميناً بديناً بطيناً، قال الحجاج: ما سألتك عن صحته، لكن عن عدله؟ قال: تركته غشوماً ظلوماً، قال: أما تدري أنه أخي؟ قال الرجل: فمن أنت؟ قال: أنا الحجاج بن يوسف، قال: أتظن أنه يعتز بك أكثر من اعتزازي بالله؟ قال طاوس : فما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت، قال: فأفلته الحجاج وتركه.
-3-
الإمام الأوزاعي – رحمه الله
لما فتح عبد الله بن علي العباس دمشق، قتل في ساعة واحدة ستة وثلاثين ألفاً من المسلمين، وأدخل بغاله وخيوله في المسجد الأموي الجامع الكبير، ثم جلس للناس وقال للوزراء: هل يعارضني أحد؟ قالوا: لا. قال: هل ترون أحداً سوف يعترض عليّ؟ قالوا: إن كان فـالأوزاعي - والأوزاعي محدّث فحل، أمير المؤمنين في الحديث، أبو عمرو، كان زاهداً عابداً، من رواة البخاري ومسلم – قال: فأتوني به، فذهب الجنود للأوزاعي فما تحرك من مكانه، قالوا: يُريدك عبد الله بن علي، قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، انتظروني قليلاً، فذهب فاغتسل، ولبس أكفانه تحت الثياب؛ لأنه يعرف أن المسألة موت أحمر، وقتل ودماء. ثم قال لنفسه: الآن آن لك يا أوزاعي أن تقول كلمة الحق، لا تخشى في الله لومة لائم. فدخل على هذا السلطان الجبار.
قال الأوزاعي وهو يصف القصة: فدخلت فإذا أساطين من الجنود -صفَّان-،قد سلُّوا السيوف، فدخلت من تحت السيوف؛ حتى بلغت إليه، وقد جلس على سرير، وبيده خيزران، وقد انعقد جبينه عقدة من الغضب، قال: فلما رأيته، والله الذي لا إله إلا هو؛ كأنه أمامي ذباب.. ، قال: فما تذكرت أحداً لا أهلاً، ولا مالاً، ولا زوجة، وإنما تذكرت عرش الرحمن إذا برز للناس يوم الحساب، قال: فرفع بصره وبه غضب عليّ ما الله به عليم، قال: يا أوزاعي، ما تقول في الدماء التي أرقناها وأهرقناها؟ قال الأوزاعي: حدّثنا فلان، قال: حدثنا ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبُ الزَّاني، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»فإن كان من قتلتهم من هؤلاء فقد أصبت، وإن لم يكونوا منهم فدماؤهم في عنقك. قال: فنكتَ بالخيزران ورفعت عمامتي أنتظر السيف، ورأيت الوزراء يستجمعون ثيابهم ويرفعونها عن الدم.قال: وما رأيك في الأموال التي أخذناها؟ قال الأوزاعي: إن كانت حلالاً فحساب، وإن كانت حراماً فعقاب!! قال: خذ هذه البدرة - كيس مملوء من الذهب – قال الأوزاعي: لا أريد المال، قال: فغمزني أحد الوزراء، يعني خذها، لأنه يريد أدنى علة ليقتل، قال: فأخذ الكيس ووزَّعه على الجنود وهويخرج، حتى بقي الكيس فارغاً، فرمى به وخرج،
فلما خرج قال: "حسبنا الله ونعم الوكيل، قلناها يوم دخلنا وقلناها يوم خرجنا" (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) [آل عمران:174].