عرض بعض الوثائق الأرشيفية والصور، التي معظمها تنشر للمرة الأولى، وأدلة على عمليات الاستخبارات العالمية الأكثر شهرة، وسير ذاتية موثقة عن المخبرين غير الشرعيين ضمن مشروع "رفع السرية عن الاستخبارات".
كيف بدأ ويلي ليمان التعاون مع الاستخبارات السوفييتية؟
- لقد توصل ويلي بنفسه إلى الاستخبارات السوفييتية وعرض عليها خدماته. وجرى ذلك في آذار/مارس عام 1929. ويصعب القول لماذا فعل ليمان ذلك. فهو لم يتحدث عن ذلك أبدا. ومن حيث المبدأ لا يمكن الحديث عن أي نزعة فاشية في آذار/مارس من عام 1929. لأن النازيين في عام 1929 لم يلعبوا ذلك الدور الكبير في السياسة الألمانية وحتى عام 1933 كانت المدة طويلة. ولكن بالأخذ بعين الاعتبار أنه خصصت له مبالغ مالية كبيرة من قبل الاستخبارات السوفييتية يمكن القول أن ليمان فعل ذلك، بدرجة معينة، من أجل الكسب المادي.
وهنا يمكن الحديث أيضا عن أنه في عام 1929 لم يكن لدى ليمان بشكل عام امكانية اختيار الاستخبارات التي سيعمل لصالحها. لأنه في الفترة ما بين الحربين قامت استخبارات الدول الغربية الكبرى بالإقلال من عملها في أراضي ألمانيا، إضافة إلى الانخفاض الكبير في تمويلها، في الوقت الذي كانت فيه الاستخبارات السوفييتية على العكس تماما تزيد من تمويلها. أي أن ويلي ليمان الذي كان بالأساس يعمل في مراقبة ومتابعة الدبلوماسيين الأجانب كان على علم بأن الاستخبارات السوفييتية تزداد نفوذا.
وإذا أردنا الحديث بدقة أكثر فإن التجنيد جرى كالتالي: تراسل إيرنست كور كتابيا مع الاستخبارات السوفييتية حول اللقاء مع المركز، واقترح بأن يوصل معلومات من قبل زميله ليمان الذي حصل على اسمه الحركي برايتينباخ أو "A-201 ".
ما هي المعلومات التي قدمها؟
- في البداية عمل ليمان في الوحدة المسؤولة عن مراقبة السفارات الاجنبية، أي في شرطة برلين السياسية. وهذه كانت مسؤولة عن مكافحة الانشقاق ولكن بشكل رئيس عن تعزيز أمن ومراقبة السفارات. ومن خلال نشاطه كعميل في الاستخبارات كان لديه منفذ على الفعاليات الهامة جدا التي كانت تجري، وقبل كل شيء، ضد الاستخبارات السوفييتية بما في ذلك المخبرين غير الشرعيين.
في البداية كان ذلك إسهاما كبيرا: ففي بداية الثلاثينات لم يجر أي فشل للاستخبارات السوفييتية في ألمانيا، فكان ليمان يقوم بتحذيرهم.
إضافة إلى ذلك فإن ليمان قدم معلومات هامة جدا لأنه ومن خلال عمله الموكل إليه كان يقوم بتأمين الحماية للأسرار الصناعية الهامة مثل البنزين الصناعي وإنتاج وتصنيع الأسلحة الكيماوية ومعدات الوقاية من الغازات وغيرها من الاتجاهات التقنية المختلفة. إضافة إلى ذلك كانت لديه معلومات عن النظام العام.
بعد فترة عندما وصل النازيون إلى السلطة تم تشكيل غيستابو من الشرطة السياسية بما فيها شرطة برلين، وليمان كموظف يتحلى بتجربة عمل كبيرة في الشرطة السياسية اختير لينضم إلى الغيستابو. وعمل هناك حتى حصل على رتبة نقيب في الشرطة السرية حتى أنه ترأس القسم الذي كان يمارس مكافحة التجسس على المؤسسات الصناعية العسكرية في ألمانيا.
وكل المعلومات عن عدد الغواصات وكيف يجري بناؤها وكيف تسير صناعة المواد الكيماوية وغيرها من المعلومات السرية التي مرت من خلاله، بما في ذلك التقرير حول تنظيم الدفاع الوطني الألماني الذي وصلت إليه نسخة عنه، كل تلك المعلومات وصلت إلى الاتحاد السوفييتي. وأعطى ليمان إمكانية معرفة الكثير عن الإمكانات العسكرية المحمية بحذر للرايخ الثالث، وأيضا حملات مكافحة التجسس التي كانت تجري ضد الاستخبارات السوفييتية.
هذا يعني أنه كان عميلا قيما جدا؟
- لم يكن قيما فحسب بل كان عميلا قيما للغاية. في عام 1937 عندما تعرضت استخباراتنا إلى موجة جديدة من القمع انقطع الاتصال به، ولكن في عام 1940 أعيد الاتصال به مجددا. وهناك احتمالات بأن برايتينباخ يعتبر موظفا قيما بحيث أنه لم يتوجب على الاستخبارات السوفييتية إعطاؤه أي مهام. أي إن كان قادرا على إيصال المعلومات فليفعل ذلك. وكان ليمان، لنقل ذلك، العميل رقم واحد في ألمانيا ما يعد تواصلا هاما جدا بالنسبة للاتحاد السوفييتي.
وكيف تم كشفه؟
- تم كشفه، كالعادة، مصادفة. فبعد بدء الحرب بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا عاد كل كادر موظفي سفارتنا في برلين إلى الاتحاد السوفييتي وانقطع الاتصال مع ويلي ليمان. لأنه من الطبيعي أن الاتصال كان يجري عن طريق المركز الذي كان يعمل ضمن السفارة. ولكن في ربيع عام 1942 تمت إعادة الاتصال مع ليمان، لأنه استمر بالعمل في الغيستابو، أي أنه كان ضمن منظمة الشرطة ومكافحة التجسس التابعة للرايخ الثالث، وهي جهاز المراقبة الرئيس، وهكذا عميل كان مهما جدا. وفي أيار/مايو عام 1942 بدأ عميلان من الاستخبارات السوفييتية بالعمل وكانا ألمانيان، وليسا من ضباطنا الذين يعرفون اللغة الألمانية وإنما ألمانيان اشتراكيان حقيقيان انتقلا بذاتهما إلى جهة الاتحاد السوفييتي وكانا مستعدان للعمل. أي أنهما كانا موضع الثقة ومتحقق منهما، وبدآ عملهما في ألمانيا، وكانت مهمتهما ليس فقط التواصل مع ليمان وإنما اكتشاف الأسرار وجمع المعلومات وتأمين الاتصالات.
وقد وصلا إلى برلين وعثرا على المكان الذي يعيش فيه ليمان. ولكنهما لم يتمكنا من التواصل معه، فقد قبض عليهما بعد أن اكتشفهما الغيستابو. وأعطى أحدهما وهو روبرت بار موافقته للعمل لحساب الغيستابو. وحقيقة كان يعمل عبر اللاسلكي وتحدث عن أنه أعطى أمرا بالعمل تحت إمرة غيره، ولكنهم لم يصدقوه. ويعتقد أن بار قد كشف ظروف اللقاء وكلمة السر مع ليمان، وبالتالي تم كشف ليمان.
وهناك أمر آخر بأن الغيستابو لم ترغب بنشر هذا الخلاف وأعلنت ليمان جاسوسا وألقت القبض عليه. وبعدها تم فقط إقصاؤه. وفي كانون الأول/ديسمبر عام 1942 تم استدعاؤه ليلا للخدمة، فالعمل في الغيستابو يتضمن مثل هذه الاستدعاءات. وخرج حينها للخدمة ولم يعد، وأعلن رسميا بأنه غادر بالقطار لتنفيذ مهمة، وكان يعاني من مرض السكر وأصابته نوبة وسقط من المقطورة أي أنه قتل بحادث.
...المزيد: http://arabic.ruvr.ru/2013_12_02/125290023/
تعليق