دبابــــــة المعركـــــة الرئيســـــة
التصفيـــــــــــــــح والحمايــــــــــــــــــــــة المدرعــــــــــــــــــــــــــة
يعتقد الباحثون أن تاريخ استخدام المعادن في الدروع يعود إلى مرحلة اكتشاف البرونز bronze في العام 2000-3000 قبل الميلاد . ففائدة الدرع المعدني على المواد الأنعم مثل الجلد والخشب ، كانت واضحة وجلية للمستخدمين . مع ذلك ، بقيت المبادلة والمفاضلة بين قابلية الحركة mobility والحماية protection لانجاز وتحقيق قابلية البقاء محل خلاف طويل ، سجلت أبعاده في العديد من معارك التاريخ . مع ذلك ، فقد قررت حماية الدرععلى مدى التاريخ ولدرجة كبيرة ، قدرة دبابة المعركة الرئيسة على البقاء والنجاة survive وهي تحت تأثير النيران المعادية . وإلى حد جعلها محصنة ضد عدد كبير من أسلحة العدو ، مما سمح لها بحرية حركة أكبر في ساحة المعركة . لذلك اعتبرت الحماية المدرعة Armour protection خاصية مهمة جداً ، طغت في أحيان كثيرة على بعض الخصائص المهمة الأخرى للدبابة ، هذا ما جعلنا أمام حقيقة أن نحو معظم وزن دبابة المعركة الرئيسة يفسر الآن بالحماية المدرعة .
أثناء الحرب العالمية الأولى ، الدبابات المتحالفة المثالية كان لديها سماكة دروع تتراوح بين 10-25 ملم من الصفائح الفولاذية المقساة . فقط سماكة 12 ملم من الدروع كانت كافية لإيقاف الرصاص الألماني المخترق للدروع AP bullets عند مدى تسديد قَريب نسبياً . لقد كانت هذه كافية أيضاً لإيقاف معظم شظايا المدفعية ، بالرغم من أن ضربة مباشرة كان قاتلة عادة . ومع بداية الحرب العالمية الثانية ، تضاعفت سماكة دروع الدبابات عما سبق ، وابتدعت قضية إمالة المقطع الأمامي لبرج الدبابة لتحسين مقاومة الاختراقات penetration resistance . لكن لسوء الحظ ، هذه الإضافات مع تصاعد وتيرة الحرب وتطورها ، قيدت لحد ما من سرعة الدبابات وحصرتها في سرعات معقولة . وبدأ المهندسون في تصميم دبابات جديدة مع زيادة سماكة حماية المقدمة ، بينما أبقي على التدريع الجانبي والخلفي أكثر نحافة . وتراوحت في العام 1945 سماكة دروع مقدمة البرج لبعض الدبابات من 100 ملم وحتى 150 ملم ، على الرغم من أن بعض التصاميم الألمانية تميزت بصفائح تدريع أمامية لنحو 200-240 ملم في السماكة (أثخن من دروع الطرادات البحرية الثقيلة) . كما كان هناك تحسينات هامة في الحجم وقوة الأسلحة الرئيسة .
مواد الدرع التقليدية تصنع نموذجياً من الفولاذ ، ألمنيوم ، أو معادن قاسية أخرى . ومع ذلك ، فإن الخطوة الحقيقية والفاعلة لمنظومات الحماية والوقاية لعربات القتال المدرعة كانت مع مادة الصلب أو الفولاذ steels ، إذ شملت سبائك الدروع المصنعة من هذا المعدن معظم الاستخدامات في الماضي ، الحاضر ، ومن المحتمل مواد التدريع المستقبلية . هذا لأنه يمتلك العديد من الخواص التجارية والميكانيكية المرغوبة . فالفولاذ رخيص أصلاً بسبب مادته الخام المنخفضة وكلف تصنيعه ، بالإضافة إلى قدرة وسهولة إنتاجه تجارياً . أثبت قابليته على توفير حماية بالستية جيدة من طيف واسع من التهديدات ، مع قابلية مميزة على تحمل الضربات المتعددة . هو يمكن أن يقطع بسهولة ميكانيكياً ، مع قدرة على التشكيل واللحام ، وبسهولة يمكن إصلاحه في ساحة الميدان ، وله مقاومة تخفيض جيدة تجاه المحيط البيئي . في الجزء الأخير من الحرب العالمية الثانية وفي العقد اللاحق لها ، كان هناك دراسات معمقة في فيزياء علم المعادن ، وكذلك في الخواص والملكيات الميكانيكية mechanical properties للفولاذ عالي القوة في مختبرات الجيش الأمريكي Watertown (النوعان الرئيسان من الدروع الفولاذية المستخدمة هما : الدروع المتجانسة المطوية RHA, MIL-DTL-12560 ، والدروع المتجانسة المصبوبة CHA, MIL-DTL-11356) حيث وجد أن الفولاذ بالصلادة القصوى وبالصلابة الكافية لمقَاومة التصدع cracking في جميع الظروف ، يزود أفضل أداء بالستي ممكن .
التحسينات الأخرى في الأداء جعلت وهذبت بدراسة آليات اختراق المقذوفات لمواد التدريع ، باستخدام أجهزة تشخيصية عالية السرعة ، مثل الأشعة السينية الومضية flash X-ray والتصوير الفوتوغرافي السريع .حيث جرى تحسين التصميم لنظام الدروع وتطوير الرموز التحليلية والحسابية التي يمكن أن تكون مستخدمة أيضاً لدراسة آليات الاختراق penetration mechanisms . لقد مكنت هذه الرموز والقوانين المهندسين من اختبار تصاميم دروع مختلفة ، لاكتشاف الملكيات والخصائص المفيدة لمقَاومة الاختراقات ، وتحسين قابلية مواجهة تعدد الضربات .
إن دور الدروع ينحصر بشكل رئيس في حماية تركيب العربات أو الأفراد . وهذه تعمل على امتصاص الطاقة الحركية للمقذوفات ، حيث تمتص هذهالطاقة إما بالتشويه اللدن plastic deformation للمقذوف الخارق أو بعمليات الكسر والتمزيق fracture processes ، ناهيك عن دورها في الحماية من أسلحة الطاقة الكيميائية . ويتطلب من صفائح الدروع انجاز وظيفتان أساسيتان ، دور وقائي protective role وآخر هيكلي structural role . فالمواد المستخدمة لبناء وتصنيع الدروع يجب أن تنجز كلتا الأدوار ، إذ يجب عليها توفير الحماية البالستية بامتلاكها القوة الكافية لحد أن لا تكون ممزقة أثناء ارتطام المقذوف بكتلتها . وهكذا تعتبر قوة مقاومة الشد tensile strength (بمعنى وصول مادة التدريع لنقطة الانهيار ، التي عندها تتحطم أو تفقد تماسكها ، تحت شروط الإجهاد القصوى) العامل الأساس في تقرير سماكة مادة التصفيح التي يجب أن تستخدم (أو الكثافة السطحية areal density) .على أية حال هناك العديد من الأنواع المختلفة لمقذوفات يمكن أن تستخدم وتستغل لمهاجمة واختراق الدروع ، بما في ذلك المقذوفات الخارقة للدرع الناقلة للطاقة الحركية ، وكذلك مقذوفات الطاقة الكيميائية ، وكل نوع من أنواع المقذوفات يتطلب حلاً مختلفاً جداً بين صيغة درع وآخر . وفي بعض الحالات قَد يكون من المعقول السماح للدروع بالتشوه على مدى ومساحة أكبر لكي تبطئ وتوقف المقذوف ، بينما في حالات أخرى هذه قَد لا تكون محتملة وممكنة بسبب قيود السعة المكانية .وتتضمن النظرات الجديدة الإبداعية الاستعانة بمواد أكثر خفة ، مثل المركبات الخزفية ceramics والمركبات الكيميائية الأخرى المبلمرة polymers ذات سلاسل الوحدات المتكررة . ويمكن الجزم حالياً أن الاستخدامات الحديثة استفادت من مواد خزفية متناغمة مثل أكسيد الألمنيوم (Al2O3) ، كربيد البورون (B4C) ، كربيد السيلكون (SiC) .. وغيرها لتطوير أنظمة حماية بالستية خاصة بالعربات المدرعة . فبسبب وزنهم النوعي المنخفض ، وتصلبهم العالي ، واستقرارهم الحراري ، أظهرت هذه الأنظمة إمكانيات مرتفعة لتحسين المعايير الحالية للأداء البالستي .
تعليق