سبق - الرياض: تستضيف الدوحة، يوم غداً الثلاثاء وبعد غداً الأربعاء، قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وهي القمة التي ما كان لها أن تنعقد في موعدها أو مكانها لولا قمة الرياض التشاورية التي عقدت الشهر الماضي برئاسة خادم الحرمين الشريفين، ونجحت في إعادة المياه إلى مجاريها في الدول الست، وذلك بعودة سفراء المملكة والبحرين والإمارات إلى الدوحة، بعد تسعة أشهر من سحبهم، مقابل تعهُّد قطري صريح بالالتزام الكامل باتفاق الرياض التكميلي.
مخاطر تحيط بالمنطقة
ولعل من يراقب المخاطر والتهديدات التي تحيط بدول الخليج، والتي تعقد "قمة الدوحة" على وقعها، سيدرك حكمة خادم الحرمين الشريفين في حرصه على طي صفحة الخلاف بأسرع وقت ممكن؛ لإنهاء أكبر أزمة واجهها مجلس التعاون منذ تأسيسه، والتفرغ لما تواجهه دوله من أخطار؛ فإيران شرقاً وعبر الخليج وفي مواجهة دوله الست تمد أذرعها لتتغلغل أكثر فأكثر في سوريا والعراق واليمن، بينما تسعى على قدم وساق للسير قدماً في برنامجها النووي، وداعش إلى الشمال تبني دولتها الفاسدة، وتعلن صراحة أن هدفها النهائي هو دول الخليج، والحوثيون في الجنوب يكادون يحولون اليمن إلى دولة تابعة لهم، متجاهلين جميع مكونات المجتمع الأخرى، وغرباً تبدو أقوى حلفاء دول الخليج تاريخياً (مصر) مرهقة؛ جراء ثلاث سنوات من الفوضى قادت البلاد إلى حافة الانهيار الاجتماعي والأمني والاقتصادي.
الخليج مركز الثقل العربي
وإن كانت قمة الدوحة، كما يرى المراقبون، هي قمة تأكيد وحدة الصف الخليجي، فهي أيضاً قمة التحديات والمواجهات بعد أن أصبح الخليج العربي هو مركز الثقل السياسي والاقتصادي في المنطقة، والمركز الرئيس للقرار فيها، مع اضمِحْلال أو ضعف مراكز قوى التأثير الأخرى، وخاصة بعد أحداث ما يسمى "الربيع العربي".
فدول الخليج هي التي تحمل على عاتقها الخروج بالمنطقة من الفوضى، وهي التي تقود الحرب بقوة ضد داعش، وهي كذلك التي تقود الحراك الدولي لمواجهة مخاطر التطرف، التي وإن أطلَّت برأسها في المنطقة، لكن تهديدها يشمل العالم أجمع.
وعليه فإن الملفات المطروحة أمام القمة الخليجية لن تقتصر على منطقة الخليج العربي وحده، بل ستمتد من ليبيا إلى تونس ومصر وفلسطين والعراق واليمن، وهي في مجملها دول تعاني من ملفات شائكة وأوضاع مضطربة، وإن كان التعارض بين مواقف بعض دول مجلس التعاون في التعامل مع هذه الملفات قد عرقل تحريكها بعض الشيء؛ فإن التوافق الذي حققته قمة الرياض الاستثنائية قد فتح الباب واسعاً لتحركٍ خليجي موحَّد يعيد الاستقرار للمنطقة.
ملف إيران
ولعل الملف الإيراني من أبرز الملفات التي ينتظر طرحها في القمة؛ فالدور الإيراني في العراق وسوريا واليمن أصبح علنياً دون شك، فقاسم سليماني، رئيس فيلق القدس الإيراني المتطرف؛ يظهر في عدة مواقع في العراق، ولا يحاول إخفاء وجوده، وقوات الحرس الثوري في سوريا لم يعد وجودها محل شك أو جدال، بل أصبح أمراً مسلَّماً به.
أما الدعم والتدخل المباشر في اليمن عن طريق صنيعة طهران "الحوثيين"؛ فهو في حكم المؤكد، ولعل هذا التغوُّل الإيراني هو أهم ما يستلزم وقفةً خليجية حاسمة لبحث سبل مواجهة هذه الأذرع التي تحاول الإحاطة بدول الخليج من كل اتجاه؛ رغبة في تحقيق هدف طهران في فرض الهيمنة الإقليمية، ثم استغلالها للتفاوض حول برنامجها النووي.
واللافت للنظر في هذه الملفات جميعها، أن سُنَّةَ العراق وثوار سوريا ومواطني اليمن ينظرون بأمل كبير إلى هذه القمة؛ حيث يعوِّلون على قراراتٍ تصدر منها تساعدهم على مواجهة هذا التغول الإيراني الذي يهدد بلادهم بالكامل.
داعش والخطر الأمني
وفي موازاة خطر إيران يبرز خطر التطرف الذي طالما حذرت المملكة منه قبل الجميع، وأنذرت العدو قبل الصديق من رعايته أو التعامل معه بأي شكل أو حتى تجاهله، بل دَعَتْ لمواجهته بكل الوسائل الممكنة.
ولقد ثبتت صحة رؤية المملكة، وخاصة مع بروز تنظيم داعش الذي يمثل تطوراً نوعياً في الإرهاب؛ حيث انتقل من مرحلة مهاجمة المجتمعات إلى محاولة السيطرة عليها، ووضعها تحت حكم الإرهاب بشكل كامل، واستقطاع أجزاء من الدول لإعلان قيام دولتهم الفاسدة عليها.
وفيما تستمر الغارات الجوية ضد داعش، سيجتمع قادة مجلس التعاون لبحث السبل المثلى لمواجهة هذا التنظيم الذي جمع ضده تحالفاً دولياً يضم 60 دولة.
ويتوقع أن يؤكد قادة الخليج على طرح وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، بضرورة تقوية الفصائل المعتدلة في سوريا، ومواجهة داعش بقوات برية على الأرض.
كما أن دول الخليج ستبحث بالتأكيد تحصين نفسها داخلياً، وزيادة التعاون الأمني بينها لمواجهة هذا الخطر.
مصر
لعل مصر كانت أبرز عنوان للخلاف الخليجي- الخليجي، فكان التعارض بين رؤيتين: إحداهما ترى إقامة تحالف مع مصر يوازي المحاور "التركية الإيرانية الإسرائيلية" في المنطقة، ورؤية أخرى ترى أن امتطاء تيار الإخوان المسلمين سيقود إلى نفوذ فوري في مختلف دول المنطقة، وسيطرة واضحة على مراكز القرار فيها.
وبعد أن اتضح أن الرهان على جماعة الإخوان المسلمين لم يكن صحيحاً أو في محله؛ فقد استقر الأمر في الخليج العربي على دعم مصر؛ دفعاً باتجاه قيام تحالف "عربي عربي" يوازي المحاور الإقليمية التي أصبح كل منها يخطط لتسيير- أو حتى تقسيم- المنطقة كما يريد.
ولعل هذا هو المبرر الأوضح لدعوة أمين جامعة الدول العربية نبيل العربي لحضور القمة الخليجية للمرة الأولى منذ تولِّيه منصبه؛ ليكون شاهداً على مصالحة وخطة لبناء محور عربي فاعل يستطيع أن يحفظ للعرب حق تقرير مصير دولهم، دون تدخل أو فرض من قوى إقليمية أو دولية.
ولذا فإن قمة الدوحة قد تكون خليجية العنوان، وتعقد تحت شعار مجلس التعاون، لكن مسرح عملها سيكون الوطن العربي الذي أصبح يعول كثيراً على دور دول الخليج الفاعل، وعلى رأسها المملكة؛ لإخراجه من كثير من الأزمات.
مخاطر تحيط بالمنطقة
ولعل من يراقب المخاطر والتهديدات التي تحيط بدول الخليج، والتي تعقد "قمة الدوحة" على وقعها، سيدرك حكمة خادم الحرمين الشريفين في حرصه على طي صفحة الخلاف بأسرع وقت ممكن؛ لإنهاء أكبر أزمة واجهها مجلس التعاون منذ تأسيسه، والتفرغ لما تواجهه دوله من أخطار؛ فإيران شرقاً وعبر الخليج وفي مواجهة دوله الست تمد أذرعها لتتغلغل أكثر فأكثر في سوريا والعراق واليمن، بينما تسعى على قدم وساق للسير قدماً في برنامجها النووي، وداعش إلى الشمال تبني دولتها الفاسدة، وتعلن صراحة أن هدفها النهائي هو دول الخليج، والحوثيون في الجنوب يكادون يحولون اليمن إلى دولة تابعة لهم، متجاهلين جميع مكونات المجتمع الأخرى، وغرباً تبدو أقوى حلفاء دول الخليج تاريخياً (مصر) مرهقة؛ جراء ثلاث سنوات من الفوضى قادت البلاد إلى حافة الانهيار الاجتماعي والأمني والاقتصادي.
الخليج مركز الثقل العربي
وإن كانت قمة الدوحة، كما يرى المراقبون، هي قمة تأكيد وحدة الصف الخليجي، فهي أيضاً قمة التحديات والمواجهات بعد أن أصبح الخليج العربي هو مركز الثقل السياسي والاقتصادي في المنطقة، والمركز الرئيس للقرار فيها، مع اضمِحْلال أو ضعف مراكز قوى التأثير الأخرى، وخاصة بعد أحداث ما يسمى "الربيع العربي".
فدول الخليج هي التي تحمل على عاتقها الخروج بالمنطقة من الفوضى، وهي التي تقود الحرب بقوة ضد داعش، وهي كذلك التي تقود الحراك الدولي لمواجهة مخاطر التطرف، التي وإن أطلَّت برأسها في المنطقة، لكن تهديدها يشمل العالم أجمع.
وعليه فإن الملفات المطروحة أمام القمة الخليجية لن تقتصر على منطقة الخليج العربي وحده، بل ستمتد من ليبيا إلى تونس ومصر وفلسطين والعراق واليمن، وهي في مجملها دول تعاني من ملفات شائكة وأوضاع مضطربة، وإن كان التعارض بين مواقف بعض دول مجلس التعاون في التعامل مع هذه الملفات قد عرقل تحريكها بعض الشيء؛ فإن التوافق الذي حققته قمة الرياض الاستثنائية قد فتح الباب واسعاً لتحركٍ خليجي موحَّد يعيد الاستقرار للمنطقة.
ملف إيران
ولعل الملف الإيراني من أبرز الملفات التي ينتظر طرحها في القمة؛ فالدور الإيراني في العراق وسوريا واليمن أصبح علنياً دون شك، فقاسم سليماني، رئيس فيلق القدس الإيراني المتطرف؛ يظهر في عدة مواقع في العراق، ولا يحاول إخفاء وجوده، وقوات الحرس الثوري في سوريا لم يعد وجودها محل شك أو جدال، بل أصبح أمراً مسلَّماً به.
أما الدعم والتدخل المباشر في اليمن عن طريق صنيعة طهران "الحوثيين"؛ فهو في حكم المؤكد، ولعل هذا التغوُّل الإيراني هو أهم ما يستلزم وقفةً خليجية حاسمة لبحث سبل مواجهة هذه الأذرع التي تحاول الإحاطة بدول الخليج من كل اتجاه؛ رغبة في تحقيق هدف طهران في فرض الهيمنة الإقليمية، ثم استغلالها للتفاوض حول برنامجها النووي.
واللافت للنظر في هذه الملفات جميعها، أن سُنَّةَ العراق وثوار سوريا ومواطني اليمن ينظرون بأمل كبير إلى هذه القمة؛ حيث يعوِّلون على قراراتٍ تصدر منها تساعدهم على مواجهة هذا التغول الإيراني الذي يهدد بلادهم بالكامل.
داعش والخطر الأمني
وفي موازاة خطر إيران يبرز خطر التطرف الذي طالما حذرت المملكة منه قبل الجميع، وأنذرت العدو قبل الصديق من رعايته أو التعامل معه بأي شكل أو حتى تجاهله، بل دَعَتْ لمواجهته بكل الوسائل الممكنة.
ولقد ثبتت صحة رؤية المملكة، وخاصة مع بروز تنظيم داعش الذي يمثل تطوراً نوعياً في الإرهاب؛ حيث انتقل من مرحلة مهاجمة المجتمعات إلى محاولة السيطرة عليها، ووضعها تحت حكم الإرهاب بشكل كامل، واستقطاع أجزاء من الدول لإعلان قيام دولتهم الفاسدة عليها.
وفيما تستمر الغارات الجوية ضد داعش، سيجتمع قادة مجلس التعاون لبحث السبل المثلى لمواجهة هذا التنظيم الذي جمع ضده تحالفاً دولياً يضم 60 دولة.
ويتوقع أن يؤكد قادة الخليج على طرح وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، بضرورة تقوية الفصائل المعتدلة في سوريا، ومواجهة داعش بقوات برية على الأرض.
كما أن دول الخليج ستبحث بالتأكيد تحصين نفسها داخلياً، وزيادة التعاون الأمني بينها لمواجهة هذا الخطر.
مصر
لعل مصر كانت أبرز عنوان للخلاف الخليجي- الخليجي، فكان التعارض بين رؤيتين: إحداهما ترى إقامة تحالف مع مصر يوازي المحاور "التركية الإيرانية الإسرائيلية" في المنطقة، ورؤية أخرى ترى أن امتطاء تيار الإخوان المسلمين سيقود إلى نفوذ فوري في مختلف دول المنطقة، وسيطرة واضحة على مراكز القرار فيها.
وبعد أن اتضح أن الرهان على جماعة الإخوان المسلمين لم يكن صحيحاً أو في محله؛ فقد استقر الأمر في الخليج العربي على دعم مصر؛ دفعاً باتجاه قيام تحالف "عربي عربي" يوازي المحاور الإقليمية التي أصبح كل منها يخطط لتسيير- أو حتى تقسيم- المنطقة كما يريد.
ولعل هذا هو المبرر الأوضح لدعوة أمين جامعة الدول العربية نبيل العربي لحضور القمة الخليجية للمرة الأولى منذ تولِّيه منصبه؛ ليكون شاهداً على مصالحة وخطة لبناء محور عربي فاعل يستطيع أن يحفظ للعرب حق تقرير مصير دولهم، دون تدخل أو فرض من قوى إقليمية أو دولية.
ولذا فإن قمة الدوحة قد تكون خليجية العنوان، وتعقد تحت شعار مجلس التعاون، لكن مسرح عملها سيكون الوطن العربي الذي أصبح يعول كثيراً على دور دول الخليج الفاعل، وعلى رأسها المملكة؛ لإخراجه من كثير من الأزمات.
تعليق