فيما تتهيأ معظم وسائل الإعلام في العالم الإسلامي للاحتفال بالكريسماس، وتتعمد جعله مناسبة احتفالية تفوق في فعالياتها كل الأعياد الإسلامية؛ فإن المفارقة أن الجانب "المسيحي" الأوروبي والغربي عموماً لا يقابل هذا الابتذال والهزيمة النفسية والمذلة الحضارية عند تلك الوسائل والنخب المساندة بقدر من "التسامح والاعتدال"!
وكلما اقترب موعد احتفالهم؛ فإن وتيرة استعلان الأوروبيين خصوصاً والغربيين عموماً برفضهم للإسلام وأهله تتزايد؛ فلقد صارت هذه الأيام مناسبة مهمة لإبداء الكراهية، وقبل أيام شارك نحو 18 الفا في مظاهرة في دريسدن شرق ألمانيا وهم يرددون ترانيم "عيد الميلاد"، تعبيرا عن رفضهم لـ"أسلمة الغرب"، وذلك بدعوة من حركة مناهضة للإسلام، في واحدة من المظاهرات المتعددة التي شهدتها مدن ألمانية الشهرين الماضي والحاضر، والتي نظمتها حركة " أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" التي تضاعف عدد أنصارها من مئات قبل ثلاثة أشهر إلى عشرات الآلاف!
ليس هذا فحسب؛ بل إن موجات الكراهية قد تعدت من التحريض اللفظي إلى الفعل العدواني؛ فخلال هذا الأسبوع وما قبله تعرض مسجدان في السويد لاعتداءين أسفر أولهما عن إصابة خمسة مصلين بحروق إصابة أحدهم خطيرة جراء إلقاء إرهابي مسيحي لزجاجة حارقة على المصلين، ورسمت صلبان معقوفة وعبارات مسيئة بلغت نحو 50 عبارة على جدران مسجد السليمانية تحت الإنشاء بمدينة دورماغن الألمانية، واعتدت مجموعة من الإرهابيين العنصريين الرافضين لوجود المسلمين في النمسا، على مسجد قوجه تبه التابع للاتحاد الإسلامي التركي، في العاصمة النمساوية فيينا، وعلقوا رأس خنزير على باب المسجد، وتتلو هذه الاعتداءات أخريات في كل من فرنسا وكندا وغيرهما؛ فقد هشمت نوافذ مسجد في مدينة كينغستون بمقاطعة اونتاريو الكندية ووضعت زجاجات خمر وبيرة أمام الأبواب، ورسمت علامتا الصليب ونجمة داود على الثلوج المحيطة بالمسجد، وتعرض الجامع الكبير في مدينة ستراسبورغ، شرق فرنسا، لمحاولة إحراق ذات طابع إرهابي قبل عدة أسابيع.
وترصد الإحصاءات تنامياً لافتاً في حوادث الإرهاب ضد المساجد وأهلها في الغرب عموماً، وهذان نموذجان منها؛ فمنذ عام 2012 حتى عام 2014 "وقع أكثر من 80 هجوما على المساجد في ألمانيا"، وفق المجلس التنسيقي لمسلمي ألمانيا. وأظهر بحث أجرته مؤسسة إكسبو السويدية، المناهضة للعنصرية، أن 12 اعتداء على الأقل استهدفت المساجد في السويد خلال العام الجاري، وشملت هذه الاعتداءات، خلال الأشهر الأخيرة، الإضرار بمباني المساجد، وكسر زجاج النوافذ، وحرق السجاد، ورسم صلبان معقوفة (شعار النازية) على مداخلها.
ما الذي يستشف من كل هذا؟
1 – أن وتيرة الاعتداءات تتزايد دون حصول عمليات إرهابية حقيقية من جانب مسلمين في الغرب عموماً، وهذا يعني أن العلاقة بين تزايد هذه الروح العدائية لا يتعلق بهذه العمليات، وإنما نتاج أحقاد متجذرة.
2 – أن تلك الاعتداءات الأخيرة حصلت تحديداً في بلاد ليس لديها إرث "إرهابي" كبير يمتد لسنوات سابقة، فلا هي حصلت في لندن التي شهدت تفجيرات بالعقد الماضي، ولا مدريد التي شهد قطارها تفجيرات كبيرة، وإنما في السويد (ليس لديها لا إرث حالي ولا حتى سابق عبر القرون) أو بالنمسا (التي تتمتع بأجواء مريحة إلى حد بعيد)، وكندا (التي لم تشهد حوادث كبيرة)، وألمانيا التي خلت من حوادث مؤثرة برغم وجود ملايين المسلمين بها. وهذا يعزز ما سبق.
3 – أن المسألة لا تتعلق بأسباب قومية كما يشاع، وإنما لأحقاد دينية؛ فالاستهداف للمسلمين وليس للأجانب عموماً، وكل ما تتمنطق به الحركات المعادية للإسلام من "وطنية" أو "قومية" ليس حقيقياً، وإلا ما الذي جعل الاستهداف للمساجد تحديداً، وجعل المعتدين يتعمدون وضع رأس خنزير في حالات، وصلبان في أخرى، وخمور في ثالثة، على أبواب وجدران المساجد، وهي أمور بعيدة كل البعد عن الاستهداف العنصري الإثني أو اللوني.
4 – أن زيادة وتيرة الاعتداءات لا يتعلق بسيطرة لـ"متطرفين" مسلمين مثلاً على حدود أوروبا أو بالقرب منها، بل بالعكس هي تزداد مع انكماش سياسي ودعوي واقتصادي للمسلمين المتاخمين لأوروبا، ومشكلات تجعل المسلمين مشغولين بأنفسهم عن غيرهم، بما يعبر عن ضيق غربي كبير ليس بمسلمي الجنوب فقط، وإنما بمسلميه أنفسهم، الذين باتوا يمثلون قوة عددية متنامية بشكل أخاف الإرهابيين الغربيين برغم سلمية المسلمين هناك.
5 – أن معظم الاعتداءات مست مساجد لجاليات تركية مسلمة، بما لا يمكن تجاهل الربط بينه، وبين تململ عواصم أوروبا من تعاظم القوة التركية، وضيقها ذرعاً بعودة العثمانية الخارجة عن طوع الأوروبيين، والحائلة دون التركيع التام للمسلمين في الحوض الإسلامي، وتشعباته داخل الجسد الأوروبي والغربي ذاته.
6 – أن هذا العدوان المتكرر بدا أنه يحظى بتشجيع واضح من أجهزة الاستخبارات الغربية، وليس حاصلاً لا من تلقاء نفسه، ولا خارج إرادتها، والدليل أن معظم هذه الاعتداءات "قيدت ضد مجهول" ولم تحظ باهتمام أمني يذكر برغم مناشدات المؤسسات الإسلامية الممثلة للجاليات المسلمة، ورغم توفر كاميرات المراقبة التي لم تفلح في أي مرة عند تفريغ محتواها في تحديد هوية أي معتدٍ، حتى لو كان "إرهابياً" كمثل الحالة السويدية التي استهدف فيها مصلون حرقاً، ولم يقتصر عن الإساءة للمساجد فقط.
كما، أن هذه الاعتداءات كمثل الحالة الألمانية التي أعقبت تحذيرات من الاستخبارات الألمانية من هجمات إرهابية وشيكة أو ازدياد احتمالات حصولها مع نشر معلومات مبالغ فيها عن انخراط ألمان مسلمين في العمليات العسكرية في سوريا.
بخلاف ما تقدم؛ فإن الربط الذي أدمن الإعلام الغربي على إحداثه ما بين الانتخابات الداخلية في البلدان الأوروبية ومثل هذه الاعتداءات، باعتبارها ترفع أسهم القوى اليمينية، لا يعفي لا ساسة أوروبا ـ والغرب ـ ولا مواطنيها من تهمة عداء الإسلام والمسلمين دون اقترافهم لأي جريمة كبيرة عنده، ولا بروزهم كقوة عظمى تبرر أحقادهم تلك.. هذا الربط لا يرفع تهمة بل يؤكد على عدائية متنامية لدى الغربيين، ويبرهن على ازدياد حبهم وتأييدهم لمن يكره الإسلام والمسلمين.
الاعتداءات المتكاثرة تدل في قلب ما سبق، على أن الإسلام قوي ويمتد بأوروبا على نحو أرغمها على أن تزيل قشرة لم تلبث عدة عقود للدلالة على أنها ستصبح متسامحة؛ فعادت لسابق عهدها، قارة متطرفة دينية بكل تشعباتها الخارجية الغربية.
وكلما اقترب موعد احتفالهم؛ فإن وتيرة استعلان الأوروبيين خصوصاً والغربيين عموماً برفضهم للإسلام وأهله تتزايد؛ فلقد صارت هذه الأيام مناسبة مهمة لإبداء الكراهية، وقبل أيام شارك نحو 18 الفا في مظاهرة في دريسدن شرق ألمانيا وهم يرددون ترانيم "عيد الميلاد"، تعبيرا عن رفضهم لـ"أسلمة الغرب"، وذلك بدعوة من حركة مناهضة للإسلام، في واحدة من المظاهرات المتعددة التي شهدتها مدن ألمانية الشهرين الماضي والحاضر، والتي نظمتها حركة " أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب" التي تضاعف عدد أنصارها من مئات قبل ثلاثة أشهر إلى عشرات الآلاف!
ليس هذا فحسب؛ بل إن موجات الكراهية قد تعدت من التحريض اللفظي إلى الفعل العدواني؛ فخلال هذا الأسبوع وما قبله تعرض مسجدان في السويد لاعتداءين أسفر أولهما عن إصابة خمسة مصلين بحروق إصابة أحدهم خطيرة جراء إلقاء إرهابي مسيحي لزجاجة حارقة على المصلين، ورسمت صلبان معقوفة وعبارات مسيئة بلغت نحو 50 عبارة على جدران مسجد السليمانية تحت الإنشاء بمدينة دورماغن الألمانية، واعتدت مجموعة من الإرهابيين العنصريين الرافضين لوجود المسلمين في النمسا، على مسجد قوجه تبه التابع للاتحاد الإسلامي التركي، في العاصمة النمساوية فيينا، وعلقوا رأس خنزير على باب المسجد، وتتلو هذه الاعتداءات أخريات في كل من فرنسا وكندا وغيرهما؛ فقد هشمت نوافذ مسجد في مدينة كينغستون بمقاطعة اونتاريو الكندية ووضعت زجاجات خمر وبيرة أمام الأبواب، ورسمت علامتا الصليب ونجمة داود على الثلوج المحيطة بالمسجد، وتعرض الجامع الكبير في مدينة ستراسبورغ، شرق فرنسا، لمحاولة إحراق ذات طابع إرهابي قبل عدة أسابيع.
وترصد الإحصاءات تنامياً لافتاً في حوادث الإرهاب ضد المساجد وأهلها في الغرب عموماً، وهذان نموذجان منها؛ فمنذ عام 2012 حتى عام 2014 "وقع أكثر من 80 هجوما على المساجد في ألمانيا"، وفق المجلس التنسيقي لمسلمي ألمانيا. وأظهر بحث أجرته مؤسسة إكسبو السويدية، المناهضة للعنصرية، أن 12 اعتداء على الأقل استهدفت المساجد في السويد خلال العام الجاري، وشملت هذه الاعتداءات، خلال الأشهر الأخيرة، الإضرار بمباني المساجد، وكسر زجاج النوافذ، وحرق السجاد، ورسم صلبان معقوفة (شعار النازية) على مداخلها.
ما الذي يستشف من كل هذا؟
1 – أن وتيرة الاعتداءات تتزايد دون حصول عمليات إرهابية حقيقية من جانب مسلمين في الغرب عموماً، وهذا يعني أن العلاقة بين تزايد هذه الروح العدائية لا يتعلق بهذه العمليات، وإنما نتاج أحقاد متجذرة.
2 – أن تلك الاعتداءات الأخيرة حصلت تحديداً في بلاد ليس لديها إرث "إرهابي" كبير يمتد لسنوات سابقة، فلا هي حصلت في لندن التي شهدت تفجيرات بالعقد الماضي، ولا مدريد التي شهد قطارها تفجيرات كبيرة، وإنما في السويد (ليس لديها لا إرث حالي ولا حتى سابق عبر القرون) أو بالنمسا (التي تتمتع بأجواء مريحة إلى حد بعيد)، وكندا (التي لم تشهد حوادث كبيرة)، وألمانيا التي خلت من حوادث مؤثرة برغم وجود ملايين المسلمين بها. وهذا يعزز ما سبق.
3 – أن المسألة لا تتعلق بأسباب قومية كما يشاع، وإنما لأحقاد دينية؛ فالاستهداف للمسلمين وليس للأجانب عموماً، وكل ما تتمنطق به الحركات المعادية للإسلام من "وطنية" أو "قومية" ليس حقيقياً، وإلا ما الذي جعل الاستهداف للمساجد تحديداً، وجعل المعتدين يتعمدون وضع رأس خنزير في حالات، وصلبان في أخرى، وخمور في ثالثة، على أبواب وجدران المساجد، وهي أمور بعيدة كل البعد عن الاستهداف العنصري الإثني أو اللوني.
4 – أن زيادة وتيرة الاعتداءات لا يتعلق بسيطرة لـ"متطرفين" مسلمين مثلاً على حدود أوروبا أو بالقرب منها، بل بالعكس هي تزداد مع انكماش سياسي ودعوي واقتصادي للمسلمين المتاخمين لأوروبا، ومشكلات تجعل المسلمين مشغولين بأنفسهم عن غيرهم، بما يعبر عن ضيق غربي كبير ليس بمسلمي الجنوب فقط، وإنما بمسلميه أنفسهم، الذين باتوا يمثلون قوة عددية متنامية بشكل أخاف الإرهابيين الغربيين برغم سلمية المسلمين هناك.
5 – أن معظم الاعتداءات مست مساجد لجاليات تركية مسلمة، بما لا يمكن تجاهل الربط بينه، وبين تململ عواصم أوروبا من تعاظم القوة التركية، وضيقها ذرعاً بعودة العثمانية الخارجة عن طوع الأوروبيين، والحائلة دون التركيع التام للمسلمين في الحوض الإسلامي، وتشعباته داخل الجسد الأوروبي والغربي ذاته.
6 – أن هذا العدوان المتكرر بدا أنه يحظى بتشجيع واضح من أجهزة الاستخبارات الغربية، وليس حاصلاً لا من تلقاء نفسه، ولا خارج إرادتها، والدليل أن معظم هذه الاعتداءات "قيدت ضد مجهول" ولم تحظ باهتمام أمني يذكر برغم مناشدات المؤسسات الإسلامية الممثلة للجاليات المسلمة، ورغم توفر كاميرات المراقبة التي لم تفلح في أي مرة عند تفريغ محتواها في تحديد هوية أي معتدٍ، حتى لو كان "إرهابياً" كمثل الحالة السويدية التي استهدف فيها مصلون حرقاً، ولم يقتصر عن الإساءة للمساجد فقط.
كما، أن هذه الاعتداءات كمثل الحالة الألمانية التي أعقبت تحذيرات من الاستخبارات الألمانية من هجمات إرهابية وشيكة أو ازدياد احتمالات حصولها مع نشر معلومات مبالغ فيها عن انخراط ألمان مسلمين في العمليات العسكرية في سوريا.
بخلاف ما تقدم؛ فإن الربط الذي أدمن الإعلام الغربي على إحداثه ما بين الانتخابات الداخلية في البلدان الأوروبية ومثل هذه الاعتداءات، باعتبارها ترفع أسهم القوى اليمينية، لا يعفي لا ساسة أوروبا ـ والغرب ـ ولا مواطنيها من تهمة عداء الإسلام والمسلمين دون اقترافهم لأي جريمة كبيرة عنده، ولا بروزهم كقوة عظمى تبرر أحقادهم تلك.. هذا الربط لا يرفع تهمة بل يؤكد على عدائية متنامية لدى الغربيين، ويبرهن على ازدياد حبهم وتأييدهم لمن يكره الإسلام والمسلمين.
الاعتداءات المتكاثرة تدل في قلب ما سبق، على أن الإسلام قوي ويمتد بأوروبا على نحو أرغمها على أن تزيل قشرة لم تلبث عدة عقود للدلالة على أنها ستصبح متسامحة؛ فعادت لسابق عهدها، قارة متطرفة دينية بكل تشعباتها الخارجية الغربية.