اليونان تعيد فتح «جراح» اليورو غير المندملة
أليكسس تسيبراس زعيم حزب سيريزا اليساري الذي يعد الشخصية الأبرز في الانتخابات المنتظرة في وقت لاحق هذا الشهر، يلوح لحشد من أنصار حزبه في أثينا.
جديون راشمان من لندن
عادت أزمة اليورو. الانتخابات في اليونان الشهر المقبل والانتصار المحتمل لحزب سيريزا اليساري المتشدد، يُخيفان السياسيين والمساهمين الذين يدخلون، مرة أخرى، في نقاش مُحبط عن سلسلة متصلة من الأهوال المحتملة: العجز عن سداد الديون، والتدافع لسحب الأرصدة من المصارف، وعمليات إنقاذ، واضطراب اجتماعي، وطرد محتمل لليونان من منطقة اليورو.
من المناسب على نحو ما، أن تندلع هذه الأزمة بالذات في نهاية العام الذي خمدت فيه الأسواق معتقدةً أن أزمة اليورو قد انتهت فعلياً. فقد انخفضت تكلفة إقراض الدول المدينة في أوروبا بشكل حاد، ما يعكس الاعتقاد السائد بأن تعهد البنك المركزي الأوروبي الشهير بفعل "كل ما يلزم" لإنقاذ العملة الموحدة أزال خطر انهيار اليورو.
دائماً ما كانت الفكرة ساذجة، كما يتبين بوضوح الآن من الأحداث في اليونان. الحلقة الضعيفة في النظرية كانت السياسة الأوروبية - وعلى وجه التحديد، الخطر المتمثل في أن الناخبين قد يثورون ضد التقشف الاقتصادي ويدلون بأصواتهم لمصلحة الأحزاب "المناهضة للنظام"، التي ترفض الإجماع الأوروبي حول كيفية الحفاظ، معاً، على العملة الموحدة.
إذا تم تفكيك ذلك الإجماع، فإن كامل الوضع غير المستقر للديون، وعمليات الإنقاذ، وسياسة التقشف سيبدأ بالاهتزاز. وهذا ما نراه في اليونان الآن.
عادت أزمة اليورو. الانتخابات في اليونان الشهر المقبل والانتصار المحتمل لحزب سيريزا اليساري المتشدد، يُخيفان السياسيين والمساهمين الذين يدخلون، مرة أخرى، في نقاش مُحبط عن سلسلة متصلة من الأهوال المحتملة: العجز عن سداد الديون، والتدافع لسحب الأرصدة من المصارف، وعمليات إنقاذ، واضطراب اجتماعي، وطرد محتمل لليونان من منطقة اليورو.
من المناسب على نحو ما، أن تندلع هذه الأزمة بالذات في نهاية العام الذي خمدت فيه الأسواق معتقدةً أن أزمة اليورو قد انتهت فعلياً. فقد انخفضت تكلفة إقراض الدول المدينة في أوروبا بشكل حاد، ما يعكس الاعتقاد السائد بأن تعهد البنك المركزي الأوروبي الشهير بفعل "كل ما يلزم" لإنقاذ العملة الموحدة أزال خطر انهيار اليورو.
دائماً ما كانت الفكرة ساذجة، كما يتبين بوضوح الآن من الأحداث في اليونان. الحلقة الضعيفة في النظرية كانت السياسة الأوروبية - وعلى وجه التحديد، الخطر المتمثل في أن الناخبين قد يثورون ضد التقشف الاقتصادي ويدلون بأصواتهم لمصلحة الأحزاب "المناهضة للنظام"، التي ترفض الإجماع الأوروبي حول كيفية الحفاظ، معاً، على العملة الموحدة.
إذا تم تفكيك ذلك الإجماع، فإن كامل الوضع غير المستقر للديون، وعمليات الإنقاذ، وسياسة التقشف سيبدأ بالاهتزاز. وهذا ما نراه في اليونان الآن.
أليكسس تسيبراس زعيم حزب سيريزا اليساري الذي يعد الشخصية الأبرز في الانتخابات المنتظرة في وقت لاحق هذا الشهر، يلوح لحشد من أنصار حزبه في أثينا.
ولطالما اشتمل تطوّر أزمة اليورو على تفاعل ثلاثة عناصر: السياسة، والأسواق، والاقتصادات. وعندما تسير الأمور نحو التحسّن، بإمكان العناصر الثلاثة خلق حلقة حميدة: يختار الناخبون السياسيين من التيار العام، وتهدأ الأسواق، وتنخفض أسعار الفائدة، وبالتالي يتحسّن الاقتصاد الحقيقي، وهو ما يؤدي إلى تعزيز موقف الوسط السياسي. بدلاً من ذلك يمكن أن تبدأ حلقة مفرغة، حين تؤدي الضائقة الاقتصادية إلى التطرف السياسي الذي يُخيف الأسواق، الذي يؤدي إلى أسعار فائدة أعلى، وعبء ديون أكبر، وتقشف أكثر - بدوره قد يؤدي إلى مزيد من التطرف السياسي.
أولئك الذين كانوا يأملون في حدوث حلقة حميدة في اليونان أشاروا إلى أن الاقتصاد عاد أخيراً إلى النمو في عام 2014. لكن المشكلة هي أن النمو كان بطيئاً جداً وضعيفاً جداً على نحو لا يكفي لمواجهة الاستياء الشعبي من وضع الأمة. تقلص الاقتصاد اليوناني بنسبة تزيد على 25 في المائة منذ بداية الأزمة، ومعدل بطالة الشباب أصبح أكثر من 50 في المائة، ونسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى بكثير مما كانت عليه عندما بدأت الأزمة. في ظل هذه الظروف ليس من الصعب فهم صعود الأحزاب السياسية المناهضة للنظام.
ومثلما هو الحال دائما، اليونان حالة متطرفة لكنها ليست معزولة في منطقة اليورو. لقد أدى التقشف أيضاً إلى صعود الأحزاب المتطرفة في غيرها من الاقتصادات الأساسية.
في إسبانيا حزب بوديموس – يساري لديه أيديولوجية مماثلة لحزب سيريزا - يتصدر حالياً استطلاعات الرأي. في فرنسا فاز حزب الجبهة الوطنية اليميني المتشدد بمعظم الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي في أيار (مايو) الماضي. وفي إيطاليا، المتطرفون من اليمن واليسار على حد سواء مستعدون لانتهاز الفرصة، ويُعِدُّون أنفسهم لفشل الحكومة الإصلاحية، بقيادة ماتيو رينزي.
صعود الأحزاب المناهضة للنظام يُهدد بقاء اليورو، لأن العملة الموحدة تعتمد على الحفاظ على الإجماع المؤيد لليورو بين البلدان الـ 18 التي اعتمدت العملة. وطالما كان القادة الذين سيجتمعون حول الطاولة في "قمة طارئة" أخرى في بروكسل ملتزمين جميعاً في الأساس بالمشروع، فإن التجربة تُشير إلى أنهم سيجدون طريقة للحفاظ عليها متماسكة. من الناحية النظرية، سيريزا سيقوض هذا الإجماع. يقول الراديكاليون اليونانيون إنهم يعتزمون إبقاء بلدهم داخل منطقة اليورو. لكن المشكلة هي أنهم يريدون أيضا شطب نحو نصف الديون الأجنبية على اليونان – وهو مطلب يرجح أن يكون مرفوضا من الأعضاء الآخرين في منطقة اليورو، ومن ألمانيا على وجه الخصوص.
ربما يكون سيريزا على حق في أن ديون اليونان غير قابلة للتسديد أساسا. لكن سياسة "التمديد والتظاهر" (تمديد فترة التسديد، لكن التظاهر بأن جميع الديون سوف يتم تسديدها في النهاية) كانت في الأساس من أجل السماح لأنجيلا ميركل، مستشارة ألمانيا، بإقناع الناخبين الألمان بالموافقة على عمليات الإنقاذ المتتالية. وإذا قيل للناخبين الألمان الآن إنه في الواقع لن يتم تسديد القروض المستحقة على اليونان بتمامها، فربما ينجرفون أيضا نحو المواقف المتطرفة. القوة الصاعدة في السياسة الألمانية هي الآن على اليمين، وليس اليسار، وتتمثل في حزب "البديل لألمانيا" المناهض لمنطقة اليورو.
هناك أيضا عدد من الأسباب الخارجية تدعو ألمانيا لأن تستريب إلى حد كبير في التنازل أمام سيريزا. ربما يكون شطب ديون اليونان أمرا مقدورا عليه – لكن من الواضح أنه يفتح الباب أمام مطالب مماثلة من إيطاليا والبرتغال وإيرلندا وإسبانيا وحتى فرنسا.
من السهل للغاية أن نرى كيف يمكن أن تتحطم منطقة اليورو تماما، فكيف يمكن أن نتجنب ذلك؟ هناك طريقتان رئيسيتان. الأولى، ربما يصاب الناخبون اليونانيون بالهلع. تقدم سيريزا على الأحزاب الرئيسية أخذ يضيق في الأيام الأخيرة، وربما يتراجع أكثر بين الوقت الحاضر ويوم الانتخابات في 25 كانون الثاني (يناير).
وهذا يمكن أن يسمح لأحزاب الوسط بضم صفوفها وصد الباب في وجه الأحزاب المناهضة للنظام – وهو نمط أصبح منتشرا نوعا ما في أوروبا. الأخرى، حتى لو تولى سيريزا السلطة، من الممكن أن يعمل الحزب على تخفيف مطالبه حين ينظر في الهوة التي سيخلقها الإعسار عن التزامات الديون. ليس هناك ما هو أقوى من الخزائن الخالية للدولة في تركيز الذهن. ربما يقدم الألمان أيضا المزيد من التنازلات حين يفكرون في الفوضى المحتملة التي ستنطلق من عقالها في حالة خروج اليونان من منطقة اليورو.
التسوية الفوضوية، على ما يبدو، هي النتيجة التي تراهن عليها الأسواق. هذا ما يشير إليه التاريخ الحديث. لكن قصة اليورو ما زالت تتفتح. وليس من المضمون على الإطلاق أن تكون الخاتمة سعيدة.
أولئك الذين كانوا يأملون في حدوث حلقة حميدة في اليونان أشاروا إلى أن الاقتصاد عاد أخيراً إلى النمو في عام 2014. لكن المشكلة هي أن النمو كان بطيئاً جداً وضعيفاً جداً على نحو لا يكفي لمواجهة الاستياء الشعبي من وضع الأمة. تقلص الاقتصاد اليوناني بنسبة تزيد على 25 في المائة منذ بداية الأزمة، ومعدل بطالة الشباب أصبح أكثر من 50 في المائة، ونسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى بكثير مما كانت عليه عندما بدأت الأزمة. في ظل هذه الظروف ليس من الصعب فهم صعود الأحزاب السياسية المناهضة للنظام.
ومثلما هو الحال دائما، اليونان حالة متطرفة لكنها ليست معزولة في منطقة اليورو. لقد أدى التقشف أيضاً إلى صعود الأحزاب المتطرفة في غيرها من الاقتصادات الأساسية.
في إسبانيا حزب بوديموس – يساري لديه أيديولوجية مماثلة لحزب سيريزا - يتصدر حالياً استطلاعات الرأي. في فرنسا فاز حزب الجبهة الوطنية اليميني المتشدد بمعظم الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي في أيار (مايو) الماضي. وفي إيطاليا، المتطرفون من اليمن واليسار على حد سواء مستعدون لانتهاز الفرصة، ويُعِدُّون أنفسهم لفشل الحكومة الإصلاحية، بقيادة ماتيو رينزي.
صعود الأحزاب المناهضة للنظام يُهدد بقاء اليورو، لأن العملة الموحدة تعتمد على الحفاظ على الإجماع المؤيد لليورو بين البلدان الـ 18 التي اعتمدت العملة. وطالما كان القادة الذين سيجتمعون حول الطاولة في "قمة طارئة" أخرى في بروكسل ملتزمين جميعاً في الأساس بالمشروع، فإن التجربة تُشير إلى أنهم سيجدون طريقة للحفاظ عليها متماسكة. من الناحية النظرية، سيريزا سيقوض هذا الإجماع. يقول الراديكاليون اليونانيون إنهم يعتزمون إبقاء بلدهم داخل منطقة اليورو. لكن المشكلة هي أنهم يريدون أيضا شطب نحو نصف الديون الأجنبية على اليونان – وهو مطلب يرجح أن يكون مرفوضا من الأعضاء الآخرين في منطقة اليورو، ومن ألمانيا على وجه الخصوص.
ربما يكون سيريزا على حق في أن ديون اليونان غير قابلة للتسديد أساسا. لكن سياسة "التمديد والتظاهر" (تمديد فترة التسديد، لكن التظاهر بأن جميع الديون سوف يتم تسديدها في النهاية) كانت في الأساس من أجل السماح لأنجيلا ميركل، مستشارة ألمانيا، بإقناع الناخبين الألمان بالموافقة على عمليات الإنقاذ المتتالية. وإذا قيل للناخبين الألمان الآن إنه في الواقع لن يتم تسديد القروض المستحقة على اليونان بتمامها، فربما ينجرفون أيضا نحو المواقف المتطرفة. القوة الصاعدة في السياسة الألمانية هي الآن على اليمين، وليس اليسار، وتتمثل في حزب "البديل لألمانيا" المناهض لمنطقة اليورو.
هناك أيضا عدد من الأسباب الخارجية تدعو ألمانيا لأن تستريب إلى حد كبير في التنازل أمام سيريزا. ربما يكون شطب ديون اليونان أمرا مقدورا عليه – لكن من الواضح أنه يفتح الباب أمام مطالب مماثلة من إيطاليا والبرتغال وإيرلندا وإسبانيا وحتى فرنسا.
من السهل للغاية أن نرى كيف يمكن أن تتحطم منطقة اليورو تماما، فكيف يمكن أن نتجنب ذلك؟ هناك طريقتان رئيسيتان. الأولى، ربما يصاب الناخبون اليونانيون بالهلع. تقدم سيريزا على الأحزاب الرئيسية أخذ يضيق في الأيام الأخيرة، وربما يتراجع أكثر بين الوقت الحاضر ويوم الانتخابات في 25 كانون الثاني (يناير).
وهذا يمكن أن يسمح لأحزاب الوسط بضم صفوفها وصد الباب في وجه الأحزاب المناهضة للنظام – وهو نمط أصبح منتشرا نوعا ما في أوروبا. الأخرى، حتى لو تولى سيريزا السلطة، من الممكن أن يعمل الحزب على تخفيف مطالبه حين ينظر في الهوة التي سيخلقها الإعسار عن التزامات الديون. ليس هناك ما هو أقوى من الخزائن الخالية للدولة في تركيز الذهن. ربما يقدم الألمان أيضا المزيد من التنازلات حين يفكرون في الفوضى المحتملة التي ستنطلق من عقالها في حالة خروج اليونان من منطقة اليورو.
التسوية الفوضوية، على ما يبدو، هي النتيجة التي تراهن عليها الأسواق. هذا ما يشير إليه التاريخ الحديث. لكن قصة اليورو ما زالت تتفتح. وليس من المضمون على الإطلاق أن تكون الخاتمة سعيدة.