| الاتحاد الخليجي إلى أين؟ |
| هل من الممكن أن يكون هناك اتحاد بين دول الخليج؟ سؤال يراود شعب الخليج من حيث فائدة هذا النوع من المشاريع والمتوقع من هكذا اتحاد، وإذا كنا لم نحقق أشياء كثيرة في إنشاء مجلس التعاون الخليجي فكيف نستطيع أن نحقق جدوى أكبر وأوسع من خلال اتحاد فيدرالي أو كونفدرالي؟ |
| ميدل ايست أونلاين |
| بقلم: سالم حميد |
| عندما عرضت "إمارات الساحل" عام 1968 على الاشقاء في قطر والبحرين الانضمام إلى اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، كانت لدى قطر تحفظات مشروطة بقيام الدولة الاتحادية بين اربع إمارات فقط وهي أبوظبي ودبي وقطر والبحرين واستبعاد الإمارات الشمالية من هذا الاتحاد، وهذا ما رفضه قادة "إمارات الساحل".ولكن التحفظ الغريب الذي أتى من البحرين هو أنها متقدمة من الناحية الفكرية والتعليمية بالمقارنة مع "إمارات الساحل" ذلك الحين، وأنه ليس من العدل والانصاف الانضمام مع إمارات متخلفة! وبدورنا تفهمنا تحفظات الاشقاء وأعلنا قيام دولتنا الاتحادية عام 1971 رغم كل الصعاب. فهل لو عاد الزمن إلى الوراء سترفض البحرين ذلك العرض الإماراتي؟تأجيل القمة التشاورية الخليجية من أجل "المزيد من الدراسة" في قمة استثنائية لاحقة، هي النتيجة التي خلص إليها حالياً مبتدعو فكرة الاتحاد الخليجي، كما أن قادة مجلس التعاون الخليجي وافقوا في قمتهم التشاورية الرابعة عشرة على خوض النقاش بتأنٍ وبشكل أكثر دقة.ربما لم ينتبه قادة المجلس إلى أن الخطوة المتسرعة السابقة باتجاه الوحدة الخليجية قد خلقت ضجة كبيرة في المنطقة وانتهت بإلغاء فكرة الوحدة مع الأردن والمغرب لأنها غير واقعية، والموافقة على دعم مشاريع في المغرب والأردن لمدة خمس سنوات، ربما كتعويض للبلدين من استثنائهم من الدخول في دول مجلس التعاون بعد أن حلم كثر في جني ثمرة الانضمام قبل حتى أن تتم مناقشة الفكرة!على كل، بالنسبة للمغرب والأردن انتهت أحلام الوحدة، لكن ماذا عن فكرة الاتحاد بين دول الخليج؟ هل هذا الأمر واقعي أم أيضاً فرقعة إعلامية كسابقتها؟ هل من الممكن أن يكون هناك اتحاد بين دول الخليج؟ سؤال يراود شعب الخليج من حيث فائدة هذا النوع من المشاريع والمتوقع من هكذا اتحاد، وإذا كنا لم نحقق أشياء كثيرة في إنشاء مجلس التعاون الخليجي فكيف نستطيع أن نحقق جدوى أكبر وأوسع من خلال اتحاد فيدرالي أو كونفدرالي؟ وهل هذه الاقتراحات قابلة للتطبيق أصلاً؟ربما كان من التسرع طرح مقترحات أو مشاريع دون دراسة مسبقة وبحث ميداني على المستوى الشعبي، ومن خلال مؤسسات علاقات عامة مختصة ودراسة الجدوى الاقتصادية والسياسية لهذا الاتحاد المزمع، وحسب قناعتي فإن أبرز عوائق الاتحاد هو عدم التجانس بين المنظومات السياسية الموجودة.ففي دول غربية لا استغرب قيام اتحاد كونفدرالي بين عدد من الدول لأن الأنظمة السياسية متشابهة؛ فهي دول ديمقراطية تعتمد النظام البرلماني المنتخب، كما أن هناك أحزاباً تتنافس على الفوز بالسلطة عن طريق انتخابات شعبية، أما في دول الخليج فالمنظومات السياسية تختلف وتتباين، ليس عن الدول الغربية فقط بل بين دولة خليجية وأخرى.ففي الكويت مثلاً برلمان يعد الأقدم خليجياً، وهو حسب الكثيرين من المحللين ميزة من مزايا دولة الكويت، وفي الإمارات انفتاح اقتصادي وثقافات متعددة من مختلف دول العالم تمارس حرياتها من دون قيود، وصيغة اتحاد توافقي بين سبع إمارات تمشي في تناغم وانسجام، وهذا البلد له خصوصيته فهو يشكل نموذجاً كونه مركزاً عالمياً للأعمال. كما أن هناك تبايناً من حيث المساحة بين الدول الخليجية فهناك دولة كالسعودية هي ثاني أكبر دولة من حيث المساحة عربياً فما بالك خليجياً، ودولة كقطر التي لا تتعدى مساحتها مساحة مدينة من مدن السعودية، وما أريد أن أقول أنه هناك الكثير من العقبات التي تحول بين اتحاد الخليج الذي سمعنا عنه الكثير في الآونة الاخيرة.لا أظن أننا سنوفق إذا ما سمحنا للدول الكبيرة أن تبتلع الدول الصغيرة حولها في سبيل الوصول إلى اتحاد خليجي! القضية ليست في أن نتحد ونكون كياناً واحداً من عدمه، القضية في أن نفعّل مجلس التعاون الخليجي عسكرياً واقتصادياً ومالياً بشكل يتوافق مع جميع الدول ومن دون أن تسعى الدول الكبيرة إلى أن تفرض فيتو دائماً على كل خطوة، وبذلك نستطيع أن نحول الخليج إلى مجموعة من الدول القوية المتعاونة لكن المستقلة بتجاربها، إذن يجب أن نطور مجلس التعاون ثم نخوض في اقتراحات وحدة فدرالية وغيرها من الاقتراحات، فنحن حتى الآن عاجزون عن توحيد العملة، فما بالكم بالكيانات!ربما تكون البحرين هي أهم نقطة أو الدافع الاساسي لهذا النوع من المقترحات، ومن مصلحتها الانضمام إلى السعودية لحماية نفسها من الحملة الإيرانية وأطماعها، وطبعاً كلنا مع دعم البحرين والحفاظ عليها وإبعادها عن التأثيرات الإيرانية ومشاريعها التخريبية، لكن يمكننا أن نسهم بشكل فاعل من خلال دعم اقتصادي وسياسي وحتى عسكري، يمكن أن نحافظ على خصوصية البحرين كدولة مستقلة من خلال دعم المشاريع الاقتصادية في هذا البلد وتهدئة الأوضاع فيها بخلق نوع من الرخاء الاقتصادي وامتصاص مصادر التأزيم فيها.كانت رسالة رفض الاتحاد المزمع واضحة من قبل دولة الإمارات وسلطنة عُمان في اجتماع القمة التشاورية الخليجية، بدليل عدم تمثيل رؤساء الإمارات وعُمان في الاجتماع، مما يعني عدم اهتمامهما بهذا الاتحاد، فالاتحاد ينبغي أن يكون مبنياً على مقومات متجانسة.وغالباً ما نسمع من العرب استغرابهم من نجاح الوحدة العربية الإماراتية حتى الآن! الإمارات السبع في الحقيقة كانت تتكون من إمارتين فقط، ووحدها الحروب الأهلية على مدى 400 عام هي من فرقتها إلى سبعة، كما أن تاريخ الإمارات السبعة مشترك وجميعها دخلت في صراع وحروب مع إيران على مدى قرون، ولا نستبعد الدخول معها عسكرياً مستقبلاً إن لزم الأمر.فمن الناحية النظرية وحسب المعطيات العسكرية الحالية، فإن الإمارات قادرة على إبادة إيران عن بكرة أبيها في غضون أيام فقط، وكذلك السعودية التي قواتها تضاهي قوة الإمارات أيضاً قادرة وبسهولة على مسح إيران من الخارطة في غضون يومين فقط، إذن لماذا كل هذا التخوف من دولة مارقة مثل إيران ونحن قادرون على تدميرها بسهولة؟أما في حالة عُمان، فهي لا تزال حتى اليوم ممتنة للمساعدات التي قدمها الشاه للعمانيين أثناء ثورة ظفار، ولا ترغب في الدخول في علاقات سيئة مع إيران! يبدو أن الاشقاء في عُمان نسوا جميع الحروب التي خاضوها ضد الفرس القرون الماضية!في النهاية سنرى ما تسفر عنه اجتماعات قادة دول الخليج التي ستعقد لاحقاً، مع قناعة أنه بدلاً من الانتقال إلى الاتحاد فالأجدى تطبيق التعاون على أكمل وجه ثم النظر إلى أي مشاريع مستقبلية أخرى.وأخيراً، مختلف دول الخليج لديها خصوصيات، فمن كان من تلك الدول على استعداد التنازل عنها مقابل هذا الاتحاد، أو غير قادر على حماية نفسه، فليتحد مع من يستطيع حمايته. |
تويت
تعليق