الثروات وحدها لا تبني دولاً، ومؤسسات الدول الرخوة لا تحقق استقراراً استراتيجياً على الأمد البعيد، والتسابق على مهرجانات الفسق المعماري وتنظيم المعارض والمسابقات الرياضية مسارح وقتية يحمل بعدها المُصفقون والمعجبون همومهم ومستقبل أبنائهم إلى فرش الخوف من المستقبل.
عاشت دول الخليج العربي قرناً من الزمان متوسدة فضائل آبار النفط، تواجه المشكلات والتحديات الداخلية والخارجية بالحلول المادية، حتى وصلت إلى حد الغرق، فلم يعد المال وحده سبيل النجاة من أخطار تُحيط منطقة الخليج بأطماع التوسع والأفكار الآيديولوجية. بناء استراتيجيات الدول العميقة والصلبة لا يقوم على ربط مستقبلها عبر مصالح اقتصادية قابلة للتغير والذوبان في أي وقت، ما لم يكن هناك حسابات دقيقة لتبدل المصالح ودوران عجلة الحياة وقراءة عِبر التاريخ. أصاب صُناع القرار السياسي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التبلد بعد سقوط الاتحاد السوفياتي واشتراكيات أوروبا الشرقية وسطوع نجم «الرأسمالية العالمية» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ظنّ الجميع أن منطقة الخليج ستكون بعيدة عن الصراعات بعد استتباب الأمر «للرأسمالية»، وأن أميركا بقوتها ونفوذها الدولي على القوي والضعيف ستحمي هذه المنطقة، وخرج من ينادي بالسباق نحو بناء العمارات ومنتخبات كرة القدم، وأصبحنا في دول الخليج لا نُفرق بين صفقات الأسلحة وشراء الشعير! من مصائبنا الأخرى في دول الخليج، أننا أُبتلينا بكتبة يَلعقُون المعلومات بأقلام نفطية، أضاعتنا بهرجة أرقام العوائد النفطية، وأدخلتنا في غيبوبة الاتكالية، لا نقرأ، لا نحلل، لا نرصد، لا نستفيد من دروس مرت بنا وبمن حولنا، زعيق تنموي، صراخ في المحطات الفضائية النفطية، وعبث بعقول جيل أدخلوه في غياهب خلافات حول السحر والشعوذة ورضاعة الكبير!
مراكز الدراسات الاستراتيجية في الخليج غير معترف بها، لأن نتائجها وتوصياتها تفضح العبث التنموي، وتُربك حياة شعوب المنطقة النائمة على أحلام الحلف الوردي مع أميركا والدول الغربية. تَحول ثُلة من المخلصين المناضلين في مراكز الدراسات الاستراتيجية إما إلى منبوذين أو معارضين وقعوا تحت رقابة أجهزة أمنية. نستنكر في دول الخليج من يخرج علينا من أبناء جلدتنا بفكر عميق وتأصيل لقراءة الأحداث، أفنى حياته في البحث والرصد ليحذر وينبه، لأن كتبة الصوالين النفطية جَمدوا العقول بمنافع حماية العم سام لدولنا!
برز على الساحة الفكرية الخليجية مُفكر وخبير استراتيجي، هو الدكتور عبدالله بن فهد النفيسي، سياسي وأكاديمي كويتي، كان له صولات وجولات في الحياة السياسية البرلمانية في الكويت، رفض المناصب الوزارية، وتفرغ في جهاده البحثي لقضايا العصر والأمة والمنطقة العربية والخليجية على خصوصاً.
فجر الدكتور النفيسي قضايا وأخطار استراتيجية تهدد مستقبل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، خصوصاً بعد حرب تحرير دولة الكويت من الاحتلال العراقي، وكان أول من طالب بضرورة قيام اتحاد كونفيديرالي بين هذه الدول قبل ذوبان الدول الصغيرة، وانبحّ صوته، وهو يُحذر من خطر الأطماع الإيرانية ومخططها لتأجيج الصراعات المذهبية في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط.
الدكتور عبدالله النفيسي يتكئ في رؤيته وتحليله على مخزون بحثي ومعلوماتي هائل، وقراءة للأحداث وتتبع يبعث على الإعجاب لأفكار وسياسات المارد الإيراني التوسعي المقبل، قال إن إيران ستستثمر الفراغ في العراق بعد سقوط نظام الراحل صدام حسين، وستُحول العراق إلى التبعية الإيرانية «ولم يُصدقوه»!
وقال إن الأميركيين والإيرانيين يعقدون اجتماعات سرية منذ 10 أعوام، وأن الاتفاق الإيراني - الأميركي مقبل، واستهزأ الخليجيون برأيه، وبعد الاتفاق الإيراني مع أميركا والغرب عاد الإعلام الخليجي يبحث عن الدكتور النفيسي في كل مكان!
وفي لقاء الجمعة مع الإعلامي عبدالله المديفر، أطلق صيحته الأخيرة، وقال: «إن الاتحاد الكونفيديرالي بين دول مجلس التعاون مسألة حياة أو موت، قبل أن تلتهم إيران دول الخليج الصغيرة، وأن النظرة الاستراتيجية الإيرانية موجهة صوب الكعبة المشرفة»!
تابعتُ باهتمام ما تكتب وما تقول خلال الأعوام الـ10 الماضية، وأشهد أن تحليلاتك وقراءاتك لمستقبل الأحداث أصابت، وحدث ما توقعت يا دكتور عبدالله، وساورني شك عندما نُقل عنك توقعك بسقوط حكومة الإخوان في مصر خلال عام واحد، لكنني عرفت في ما بعد الفرق بين حكم «المؤسسات الصلبة» وحكم «المؤسسات الرخوة».
أقول لك أيها المُفكر الكبير، لو كُنْتَ إيرانياً أو إسرائيلياً، لَعيّنوك رئيساً لمركز الدراسات الاستراتيجية الذي يشرف على صناعة وبلورة قرارات الدولة، ولكن قدرك أنك خليجي عربي، لن يسمعك أحد، ولن يقدر جهدك وذكاءك وفكرك العميق أحد. التخطيط في الخليج يا دكتور عبدالله النفيسي تربى على مقولة شعبية قديمة: «وش غداكم، وش عشاكم»، هذا هو فيض الفكر النفطي الذي أدخلنا في غيبوبة أحلام الاتكالية الوردية، والأوضاع تزداد سوءاً، وأشك في أن هناك إحساساً بأهمية الأخطار المحيطة بمنطقة الخليج، والبرهان على ذلك ما حدث في قمة دول مجلس التعاون في الكويت الشهر الماضي!
«رَبنَا لا تَكِلْ شعوب الخليج لأنفسهم، ولا لحكوماتهم، ولا لأحد سواك طرفة عين أو من دون ذلك».
كيف يمكن لنا الثبات حين تتوالى علينا المدلهمات ؟
أفضل محلل سياسي لدينا - د.خالد الدخيل - يقدم وصفة حل بعيدة عن الأحلام الساذجة من قبيل الاتحاد و الوحدة الخليجية ..
وينبغي على صانعي ومتخذي القرار في دولتنا التعامل مع ما يطرحه هذا الرجل بجدية تامة ..بل و الإسراع في وضع خطة عاجلة مبنية على رؤاه الفذة .. يقول الرجل :
" إنه يجب أن تبدأ من مشاركة الناس".. لافتاً إلى أن العملية لا تزال تحوم حول الإصلاح، ولم تدخل عملية الإصلاح السياسي الحقيقي، الذي يجب أن يقوم على تعريف مفهوم الدولة، وهو "الإقليم والناس والسلطة".
وأشار إلى أن إخراج الناس من العملية السياسية، هو ضرب لمفهوم الدولة في العمق، مقترحاً إجراء انتخابات نصفية لمجلس الشورى، أو إنشاء مجلس مواز، كما هو معمول به في دول كثيرة.
وطالب بأن يتغير المفهوم التقليدي، الذي نشأت عليه الدولة في مرحلتها الأولى، ويجب مشاركة الناس في هذا القرار.
وقال الدكتور خالد الدخيل: إن السياسة الخارجية السعودية تفتقد إلى ثلاثة عناصر مهمة هي عدم وجود قدرات تتناسب مع حجم الدولة، وموقعها الإستراتيجي، ودورها المركزي في المنطقة، والإطار المؤسسي لاتخاذ القرار السياسي، الذي يكون بتفعيل مجلس الأمن الوطني، وتأسيس قاعدة شعبية للقرار السياسي الخارجي عن طريق تفعيل مجلس الشورى، بعملية انتخابات نصفية ثم انتخابات كاملة.
وطالب "الدخيل" بتعزيز القدرات العسكرية، مؤكداً بأنه يجب أن تكون لدينا قوة عسكرية حتى تكون السعودية هي خط الدفاع الأول عن نفسها أولاً، وعن محيطها الإقليمي، مشيراً بهذا الصدد إلى أن "صدام حسين" لم يكن ليتجرأ على دخول الكويت عام 1990 م، في وجود قدرات سعودية رادعة داعياً إلى عدم ربط ذلك بمفهوم "عسكرة المجتمع"، كما فعلت بعض الدول العربية.
كيف يمكن لنا الثبات حين تتوالى علينا المدلهمات ؟
أفضل محلل سياسي لدينا - د.خالد الدخيل - يقدم وصفة حل بعيدة عن الأحلام الساذجة من قبيل الاتحاد و الوحدة الخليجية ..
وينبغي على صانعي ومتخذي القرار في دولتنا التعامل مع ما يطرحه هذا الرجل بجدية تامة ..بل و الإسراع في وضع خطة عاجلة مبنية على رؤاه الفذة .. يقول الرجل :
" إنه يجب أن تبدأ من مشاركة الناس".. لافتاً إلى أن العملية لا تزال تحوم حول الإصلاح، ولم تدخل عملية الإصلاح السياسي الحقيقي، الذي يجب أن يقوم على تعريف مفهوم الدولة، وهو "الإقليم والناس والسلطة".
وأشار إلى أن إخراج الناس من العملية السياسية، هو ضرب لمفهوم الدولة في العمق، مقترحاً إجراء انتخابات نصفية لمجلس الشورى، أو إنشاء مجلس مواز، كما هو معمول به في دول كثيرة.
وطالب بأن يتغير المفهوم التقليدي، الذي نشأت عليه الدولة في مرحلتها الأولى، ويجب مشاركة الناس في هذا القرار.
وقال الدكتور خالد الدخيل: إن السياسة الخارجية السعودية تفتقد إلى ثلاثة عناصر مهمة هي عدم وجود قدرات تتناسب مع حجم الدولة، وموقعها الإستراتيجي، ودورها المركزي في المنطقة، والإطار المؤسسي لاتخاذ القرار السياسي، الذي يكون بتفعيل مجلس الأمن الوطني، وتأسيس قاعدة شعبية للقرار السياسي الخارجي عن طريق تفعيل مجلس الشورى، بعملية انتخابات نصفية ثم انتخابات كاملة.
وطالب "الدخيل" بتعزيز القدرات العسكرية، مؤكداً بأنه يجب أن تكون لدينا قوة عسكرية حتى تكون السعودية هي خط الدفاع الأول عن نفسها أولاً، وعن محيطها الإقليمي، مشيراً بهذا الصدد إلى أن "صدام حسين" لم يكن ليتجرأ على دخول الكويت عام 1990 م، في وجود قدرات سعودية رادعة داعياً إلى عدم ربط ذلك بمفهوم "عسكرة المجتمع"، كما فعلت بعض الدول العربية.
سبق- الدوحة: أنهى المنتخب السعودي للمبارزة، مشاركته في بطولة الجائزة الكبرى الدولية للمبارزة 2014، التي أقيمت منافساتها على ملاعب أكاديمية التفوق الري
.
تحليل سقيم وقد يفتح باب للصراعات. الان ما علاقة انتخابات مجلس الشورى بما يحصل من امور سياسية في المنطقة!؟ مجلس الشورى مسؤول عن الاوضاع الداخلية ولا ارى فتح المجال لهذا لمجلس بان يتدخل في القرارات السياسية الخارجية للدولة امراً مثمرا سواء على المدى القريب او البعيد.
تحليل سقيم وقد يفتح باب للصراعات. الان ما علاقة انتخابات مجلس الشورى بما يحصل من امور سياسية في المنطقة!؟ مجلس الشورى مسؤول عن الاوضاع الداخلية ولا ارى فتح المجال لهذا لمجلس بان يتدخل في القرارات السياسية الخارجية للدولة امراً مثمرا سواء على المدى القريب او البعيد.
إذا كان قرار تقوية الجبهة الداخلية مهماً فيما مضى ، فهو بات ضرورة ملحّة في وقتنا الحالي .. وسفينتنا تتلاطمها أمواج عاتية .
سؤال : كيف نقوّي جبهتنا الداخلية دون إصلاح "حقيقي"؟
سؤال آخر يترتب عليه : كيف يمكن أن يحصل هذا الإصلاح دون مشاركة سياسية ؟
تعليق