رد: هجوم على مركز جديدة عرعر
دواعش الداخل».. قبل غضب الحليم
في عام 1941 رحّلت السلطات الأميركية اليابانيين إلى بلادهم، إثر الهجوم الياباني العنيف على قاعدة «بيرل هاربر»، كما نقلت الأميركيين اليابانيين إلى معسكرات للاعتقال، واستمر ذلك أربعة أعوام، حتى أعيد الأميركيون اليابانيون إلى الحياة الطبيعية في أميركا مرة أخرى، بعد انتصار أميركا في حربها واستسلام اليابان. لقد كانت تخوض حرب وجود.. فمن يلومها.
تخوض السعودية اليوم حرباً غير مسبوقة على الإرهاب، هذه الحرب التي أعقبت مداميك «الخريف العربي»، التي دمَّرت أسوار بعض الدول العربية وأنهتها، وقضت على أمنها واستقرارها، وحولتها إلى كيانات سكانية هائمة.
لم تكن الحرب على «داعش» خارج سياق التغيير الذي بدأ في المنطقة منذ عام 2010، بل هي جزء من سياسة تقول: «ما لم يأتِ بالتظاهرات والاحتجاجات المدبلجة وتهييج الشارع سيأتي بالإرهاب، وتكوين ميليشيات إرهابية عابرة للحدود، تسير على عربات الدفع الرباعي والإقليمي والدولي».
وفي خضم هذه الحرب المستعرة على حدود المملكة الشمالية والجنوبية، يبدو أيضاً أن السعودية تخوض معركة داخلية، تستخدم فيها النفَس الطويل أحياناً، والتغافل والتسامح أحايين أخرى، تواجه فيها خيانات تحاول تهيئة الجو تارةً، وتتبنى الحواضن الإرهابية تارةً أخرى، وتمد الإرهابيين بالحراك والمال والتعاطف، وتبرر لهم وتصنع المؤيدين والمشجعين.
بين سياسة التغافل والحزم شعرة لا يتقنها إلا دهاة السياسة، وما يفعله بعضهم من تأييد للإرهاب ممن يُسمون أنفسهم «الحكوكيين» أو «الناشطون» أو «المعارضون»، وإعطائه المبرر والمناخ الذي يعمل به، يخرجهم من دائرة التغافل، ليصل بهم إلى دائرة الخيانة.
نتذكر عام 2003، عندما فُجع السعوديون بتفجيرات عاصمتهم الرياض، وما تلاها من عمليات قتالية قام بها شبان -يَحسبون أنفسهم من المتدينين- ضد المصالح السعودية.
وقتها حاول من يمكن أن يُطلَق عليهم بالحزب المراوغ -الملتبس وعظياً ودعوياً- للإرهاب تمييع الاتهام، وتشتيت الالتفاف الشعبي حول الوطن والدولة.
ولعل أشهر محاولات المراوغين كانت ترويج بعضهم لمقولة إن الإدانة المستعجلة للعمليات الإرهابية ليست في المصلحة؛ لأننا لا نعلم يقيناً من قام بها.
على رغم أشرطة الوصايا التي كان يصدرها تلامذة أولئك «الوعاظ»، وتبنيهم العمليات، إلا أن الحاضنين استمروا في الإنكار، ليس بحثاً عن العدالة، بل من أجل إعطاء الإرهابيين الفرصة كاملة، لعل ما يتمنونه يتحقق، ومن ثم يكونوا معهم في صفوف الفائزين والحاصدين.
ثم استدار أولئك الحاضنون، ودفعوا بالدولة نحو التخفيف من لهجتها تجاه الإرهابيين، وطالبوا بالرفق بهم، والتسامح مع من يتوب، حتى مع من تلطخت يديه بالدماء، وأطلقوا عليهم الفئة الضالة بدلاً من التكفيريين أو الإرهابيين.
ثم أشعلوا البلد كلها بعدها بأعوام إثر انتهاء الحرب على الإرهاب، والبدء في التحقيقات والضبط والسجن، في دعاية رخيصة تسمى «فكوا العاني».
اليوم يقوم الحاضن نفسه للإرهاب بما كان يفعله في تلك الأيام، فهو يدعو إلى وطن، لكنه لا يحدده، فلا نعرف عن أي وطن يتحدث، أهو وطن مرسي أم تورا بروا أم طالبان أم داعش؟ وهو يترحم على الشهداء ولا يحددهم، وأيضاً لا نعرف، أيقصد الإرهابيين الذي سقطوا أم الجنود الذين بذلوا أرواحهم دفاعاً عن وطنهم؟
هذا هو ما يذبح الوطن من وريده إلى وريده، وقد يشكل الحاضن الشعبي في يوم من الأيام، فذلك الحاضن يعتقد بأنه ذكي إلى درجة أن يلعب على كل الحبال، فلسان إدانته الكاذب مع الدولة، وماله وغلمانه ودعمه الخفي مع الإرهابيين.
بالتأكيد، لا أحد يطالب بمعسكرات، كما فعلت أكبر دولة ديموقراطية ومدافعة عن حقوق الإنسان في العالم، عندما وجدت أن مصلحتها وأمنها يقتضيان إدخال أبنائها الأميركان من أصول يابانية إلى معسكرات اعتقال، بل أتساءل: هل سيكون الوطن مضطراً في يوم من الأيام إلى تجاوز سياسة التغافل، والضرب بيد من حديد على كل من يحارب أو يساعد الخونة من الداخل؟ وهل سنرى محاكم عسكرية للإرهابيين؟ وتنفيذاً سريعاً للأحكام الشرعية في مدن وأحياء المملكة.. هل سيُحاسب كل المحرضين والفرحين بقتل أبنائنا؟
أتمنى أن يتعقل «دواعش الداخل»، قبل أن يفقد الحليم حلمه الذي لا يزال في يديه.
دواعش الداخل».. قبل غضب الحليم
في عام 1941 رحّلت السلطات الأميركية اليابانيين إلى بلادهم، إثر الهجوم الياباني العنيف على قاعدة «بيرل هاربر»، كما نقلت الأميركيين اليابانيين إلى معسكرات للاعتقال، واستمر ذلك أربعة أعوام، حتى أعيد الأميركيون اليابانيون إلى الحياة الطبيعية في أميركا مرة أخرى، بعد انتصار أميركا في حربها واستسلام اليابان. لقد كانت تخوض حرب وجود.. فمن يلومها.
تخوض السعودية اليوم حرباً غير مسبوقة على الإرهاب، هذه الحرب التي أعقبت مداميك «الخريف العربي»، التي دمَّرت أسوار بعض الدول العربية وأنهتها، وقضت على أمنها واستقرارها، وحولتها إلى كيانات سكانية هائمة.
لم تكن الحرب على «داعش» خارج سياق التغيير الذي بدأ في المنطقة منذ عام 2010، بل هي جزء من سياسة تقول: «ما لم يأتِ بالتظاهرات والاحتجاجات المدبلجة وتهييج الشارع سيأتي بالإرهاب، وتكوين ميليشيات إرهابية عابرة للحدود، تسير على عربات الدفع الرباعي والإقليمي والدولي».
وفي خضم هذه الحرب المستعرة على حدود المملكة الشمالية والجنوبية، يبدو أيضاً أن السعودية تخوض معركة داخلية، تستخدم فيها النفَس الطويل أحياناً، والتغافل والتسامح أحايين أخرى، تواجه فيها خيانات تحاول تهيئة الجو تارةً، وتتبنى الحواضن الإرهابية تارةً أخرى، وتمد الإرهابيين بالحراك والمال والتعاطف، وتبرر لهم وتصنع المؤيدين والمشجعين.
بين سياسة التغافل والحزم شعرة لا يتقنها إلا دهاة السياسة، وما يفعله بعضهم من تأييد للإرهاب ممن يُسمون أنفسهم «الحكوكيين» أو «الناشطون» أو «المعارضون»، وإعطائه المبرر والمناخ الذي يعمل به، يخرجهم من دائرة التغافل، ليصل بهم إلى دائرة الخيانة.
نتذكر عام 2003، عندما فُجع السعوديون بتفجيرات عاصمتهم الرياض، وما تلاها من عمليات قتالية قام بها شبان -يَحسبون أنفسهم من المتدينين- ضد المصالح السعودية.
وقتها حاول من يمكن أن يُطلَق عليهم بالحزب المراوغ -الملتبس وعظياً ودعوياً- للإرهاب تمييع الاتهام، وتشتيت الالتفاف الشعبي حول الوطن والدولة.
ولعل أشهر محاولات المراوغين كانت ترويج بعضهم لمقولة إن الإدانة المستعجلة للعمليات الإرهابية ليست في المصلحة؛ لأننا لا نعلم يقيناً من قام بها.
على رغم أشرطة الوصايا التي كان يصدرها تلامذة أولئك «الوعاظ»، وتبنيهم العمليات، إلا أن الحاضنين استمروا في الإنكار، ليس بحثاً عن العدالة، بل من أجل إعطاء الإرهابيين الفرصة كاملة، لعل ما يتمنونه يتحقق، ومن ثم يكونوا معهم في صفوف الفائزين والحاصدين.
ثم استدار أولئك الحاضنون، ودفعوا بالدولة نحو التخفيف من لهجتها تجاه الإرهابيين، وطالبوا بالرفق بهم، والتسامح مع من يتوب، حتى مع من تلطخت يديه بالدماء، وأطلقوا عليهم الفئة الضالة بدلاً من التكفيريين أو الإرهابيين.
ثم أشعلوا البلد كلها بعدها بأعوام إثر انتهاء الحرب على الإرهاب، والبدء في التحقيقات والضبط والسجن، في دعاية رخيصة تسمى «فكوا العاني».
اليوم يقوم الحاضن نفسه للإرهاب بما كان يفعله في تلك الأيام، فهو يدعو إلى وطن، لكنه لا يحدده، فلا نعرف عن أي وطن يتحدث، أهو وطن مرسي أم تورا بروا أم طالبان أم داعش؟ وهو يترحم على الشهداء ولا يحددهم، وأيضاً لا نعرف، أيقصد الإرهابيين الذي سقطوا أم الجنود الذين بذلوا أرواحهم دفاعاً عن وطنهم؟
هذا هو ما يذبح الوطن من وريده إلى وريده، وقد يشكل الحاضن الشعبي في يوم من الأيام، فذلك الحاضن يعتقد بأنه ذكي إلى درجة أن يلعب على كل الحبال، فلسان إدانته الكاذب مع الدولة، وماله وغلمانه ودعمه الخفي مع الإرهابيين.
بالتأكيد، لا أحد يطالب بمعسكرات، كما فعلت أكبر دولة ديموقراطية ومدافعة عن حقوق الإنسان في العالم، عندما وجدت أن مصلحتها وأمنها يقتضيان إدخال أبنائها الأميركان من أصول يابانية إلى معسكرات اعتقال، بل أتساءل: هل سيكون الوطن مضطراً في يوم من الأيام إلى تجاوز سياسة التغافل، والضرب بيد من حديد على كل من يحارب أو يساعد الخونة من الداخل؟ وهل سنرى محاكم عسكرية للإرهابيين؟ وتنفيذاً سريعاً للأحكام الشرعية في مدن وأحياء المملكة.. هل سيُحاسب كل المحرضين والفرحين بقتل أبنائنا؟
أتمنى أن يتعقل «دواعش الداخل»، قبل أن يفقد الحليم حلمه الذي لا يزال في يديه.
تعليق