المكان: القاعدة الفرنسية الجوية رقم 126 المسماة "قاعدة فانتيزيري ــ سولانزارا".
الموقع: مهبط الطائرات.
الزمان: الاثنين، 8 تشرين الأول/أكتوبر2012 ظهرا.
الأجواء: حالة ترقب واستنفار منذ الصباح: سيارات تأتي وتذهب . طائرة عسكرية سعودية هبطت في مكان غير
بعيد عن الجمهرة من كبار العسكريين وجمع من الكاميرات والمصورين والصحافيين. يصعب التنقل من مكان الى
آخر من غير بطاقة خاصة توضع بشكل ظاهر على الصدر
المناسبة: إنه يوم استثنائي لهذه القاعدة الأكثر تقدما لفرنسا في قلب البحر الأبيض المتوسط التي تستضيف للمرة
الأولى تدريبات عسكرية لقوات كوماندوس سعودية وفرنسية في إطار "النمر 2"
الموقع: قاعدة سولانزارا تقع على الساحل الشرقي لجزيرة كورسيكا
المنطقة تتمتع بجمال طبيعي رائع ما بين البحر الوادع الأزرق على بعد رمية حجر والجبال الخضراء الشاهقة
المطلة على السهل المنفسح حيث ترتع هذه القاعدة التي بناها الحلف الأطلسي يوم كانت فرنسا عضوا كامل العضوية
فيه. ولا زال شعار الحلف موجودا على مدخلها. سولانزارا عادت الى الأضواء العام الماضي مع بداية
العمليات العسكرية الجوية فوق ليبيا إذ كانت تنطلق منها الطائرات الفرنسية المقاتلة بسبب موقعها المركزي وقربها
من مسرح العمليات في المتوسط.
لنترك الكلام للإعلام الفرنسي الذي كان حاضرا بقوة ذلك اليوم لتسجيل الحدث المزدوج: الحضور العسكري
الرسمي عالي المستوى من الجانبين السعودي والفرنسي من جهة والمناورة العسكرية المشتركة لوحدات الكوماندز
من جهة أخرى. وتأكيدا للأهمية الخاصة التي ترتديها هذه التدريبات المشتركة، فقد حضر من الجانب السعودي
رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الأول الركن حسين بن عبدالله القبيل وقائد القوات البرية صاحب السمو الملكي
الفريق الركن خالد بن بندر بن عبد العزيز وقائد وحدات المظليين والوحدات الخاصة صاحب السمو الملكي اللواء
الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز. وحضر من الجانب الفرنسي قائد أركان القوات الفرنسية الأميرال أدوار غيو
وقائد أركان سلاح المشاة الجنرال برتراند مادرو والجنرال كريستوف غومار، قائد القوات الخاصة الفرنسية
ومسؤولون عسكريون كبار من الجانبين.
تحت عنوان "القوات الخاصة الفرنسية والسعودية تخرج من الظل"، قدم موقع وزارة الدفاع الفرنسية الإلكتروني
التابع لقيادة أركان الجيوش الفرنسية Defense.gouv.fr وصفا مفصلا للمناورة العسكرية المركبة التي شهدها
ذاك اليوم في إطار "النمر 2" :" إنها الساعة الواحدة وخمسين دقيقة عندما قفز مظليو القوات الخاصة
الفرنسية والسعودية من ارتفاع 1800 مترا من طائرات هيركوليس سي 130 بادئين بذلك العملية العسكرية
الدينامية لتدريب "النمر 2". الجنرال أدوار غيو، رئيس أركان الجيوش الفرنسية ونظيره السعودي الفريق أول
الركن حسين بن عبدالله القبيل والعديد من الضيوف من السلطات العسكرية والمدنية هم المشاهدون المميزون لهذه
العملية الخاصة للسيطرة على برج المراقبة لقاعدة سولانزارا الجوية رقم 126".
ويضيف التقرير:"بعد أن سيطرت قوة ال كوماندز على مسرح العملية وتحديدا على مدرج المطار، أعطي
الضوء الأخضر لتحط سريعا طائرة نقل سعودية من طراز هيركوليس سي 130 وطائرة سي 160 ترانسال
فرنسية. الطائرتان لم تطفئا محركاتهما. وسريعا جدا خرجت منها أربع سيارات هامر عسكرية وسيارات الدورية
الخاصة VPS. ثم عادت الطائرتان للإقلاع في الوقت الذي سمع فيه في مسرح العملية هدير محركات الحوامة
القتالية تايغر المولجة مهمة حماية العملية ورجال ال كوماندز وحجب أي خطر عنهم. وتزامن ذلك مع ظهور
حوامات بلاك هوك السعودية وكاراكال الفرنسية لتنزل بالحبال مجموعتي كوماندز فرنسية وسعودية اللتين كلفتا
السيطرة على برج المراقبة بدعم جوي من حوامات غازيل وكيوا. غير أن الأثر الأكبر تبدى عندما قامت طائرة
رافال الفرنسية القتالية بدورة في أجواء القاعدة وتحديدا فوق مسرح العملية وذلك من باب إظهار العضلات
وردع أي تحرك معاد. وبعد إنجاز المهمة عادت حوامات بلاك هوك وكراكال الى أرض المطار لتستعيد أفراد
الكوماندز من غير أن تحط أرضا إذ رمت حبالها التي تعلق بها أفراد القوات الخاصة زوجا زوجا لتحملهم بعيدا
عن أرض المعركة. هكذا أنجز تمرين قوات الكوماندز ذاك النهار بدقة وفعالية ليفتح الباب بعد المرحلة الدينامية
الى مرحلة العرض الثابت لتقديم فريقي الكوماندز والأسلحة التي يستخدمونها والتقنيات العالية المتوافرة لهم
ولإفساح المجال للرسميين والحضور والصحافيين لتبادل الحديث والحوار والإستفهام".
ويذكر التقرير أن فرنسا والمملكة السعودية ترتبطان باتفاق في ميدان التعاون العسكري يعود للعام 1982
وتدريب "النمر 2" يأتي في سياق تعزيز التنسيق بين الطرفين وللارتقاء بالمستوى العملاني لكليهما من زاوية
تعزيز العمل المشترك والتعارف والثقة منوها بتشديد رئيس أركان القوات الفرنسية اللأميرال أدوار غيو على
"الأداء العالي والمهنية" اللذين ميزا القوات المشاركة وبالفوائد المتبادلة المنتظرة التي سيجنيها الطرفان كل من
خبرة الآخر. ومن الناحية العملانية، أشاد المسؤول العسكري الفرنسي بالانسجام الملموس لعمل مختلف الأسلحة في
إطار القوات الخاصة ونجاحها في أدائها الأمر الذي يشكل "تميزها الأول" ويجعل منها أداة بيد القادة
والمسؤولين السياسيين لتنفيذ المهام التي توكل إليها بكل كفاءة وقدرة.
من جانبها، أشارت مجلة "ماريان" Marianne في تقرير كتبه خبيرها في الشؤون العسكرية جان دومينيك ميرشيه
الى أن التعاون بين القوات الخاصة الفرنسية والسjavascript:void('Microsoft Sans Serif')عودية "قائم على قدم وساق وإن كان عادة يبقى بعيدا عن
الأضواء" ونوهت إلى أنها التجربة السعودية الأولى القائمة على إرسال قوة كوماندز من القوات الخاصة الى
أوروبا مذكرة بان تمرين "النمر 1" قد جرى العام الماضي في شمال المملكة. وأشارت مجلة "ماريان" الى أن
تمرين "النمر 2" ليس فقط تمرينا ارضيا بل إنه يشمل أيضا قوات بحرية وجوية بغرض الإستفادة من تسهيلات
جزيرة كورسيكا ومن طبيعتها التي تلائم تدريبات قوات الكوماندز في مختلف نشاطاتها.
ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية AFP موضوعا مطولا عن المناورة التي عبأت حوالي ألف رجل وأسلحة
ومعدات ضخمة ضمنته وصفا لمراحلها العملانية وتوقفت خصوصا عند "العبر" التي استخلصها رئيس أركان
الجيوش الفرنسية ونظيره السعودي. وبحسب الوكالة الفرنسية المعروفة، فإن الأميرال أدوار غيو
"أبدى ارتياحه التام" لمجرى المناورة التي "أتاحت فرصة تحسين التعاون والتنسيق الميداني قياسا لما كان عليه
العام الماضي". وعدد التقرير "ميزات" اللجوء الى قوات الكوماندوس وفق الأميرال غيو الذي يرى أن تجمع
خمس صفات أساسية هي: القدرة على ردة الفعل السريعة، القدرة على التكيف، الاستقلالية في الأداء، الإقدام
والمبادرة وأخيرا العمل من غير ضجيج. ونسبت الوكالة الى وزارة الدفاع الفرنسية أن "الغاية" من اللجوء إلى
القوات الخاصة هي "الحصول سريعا على نتائج حاسمة بصدد مصير أزمة أو نزاع".
واستعادت وكالة الصحافة الفرنسية مقاطع من كلمة الفريق أول الركن حسين بن عبدالله القبيل التي أشاد فيها
بـ"العلاقات التاريخية الممتازة" بين القوات المسلحة الفرنسية والسعودية التي تشمل التمرينات المشتركة واكتساب
المعدات والأسلحة الفرنسية المختلفة وإرسال متدربين سعوديين الى المعاهد العسكرية الفرنسية معربا عن رغبة
الجانب السعودي في تعميق التعاون وتكثيف التدريبات من أجل اكتساب المهارات والكفاءات في إطار الإستراتيجية
العامة للقوات المسلحة السعودية. ووعد الفريق أول الركن القبيل ب"تعزيز العلاقات الفرنسية ــ السعودية في
كافة المجالات".
وأفردت المجلة العسكرية المتخصصة "Zone Militaire Magazine" حيزا واسعا على صفحاتها لتمرين
"النمر 2" فشرحت مطولا خطواتها الفنية التي بدأت بالمرحلة التي تسمى بالإنكليزية Field Integration
Training تليها مرحلة Field Training Exercices. وكانت انطلاقة المرحلة الأخيرة يوم 8 تشرين
الأول/ أكتوبر فيما استمرت التمارين حتى الثامن عشر منه. وقارنت المجلة المتخصصة بين بداية التمارين
الجوية الفرنسية ــ السعودية التي انطلقت العام 2009 في إطار تدريبات Green Shield في منطقة ديجون
(جنوب شرق فرنسا) للقوات الجوية وبين تمرين "النمر 2" للقوات الخاصة في سولانزارا لترى بينها علامات
تشابه تؤكد سعي الطرفين للاستفادة من التجارب المشتركة وتطوير التعاون بينهما.
واقتطفت المجلة بعض العبارات الأساسية من كلمة صاحب السمو اللواء الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز التي
ألقاها قبل بدء التمرين حيث اعتبر أن التدريبات الجارية "تندرج في منظومة التعاون العسكري المشترك" بين
المملكة السعودية وفرنسا وأنها "ثمرة حرص البلدين على تحقيق أعلى درجات الاستفادة المتبادلة في التعاون
والخبرات في كل المجالات". ونقلت المجلة عن قائد الوحدات الخاصة السعودية تنويهه بـ"مناخ الثقة" القائم بين
الجانبين وإشارته الى "الإدراك التام لحساسية المهمات" التي تقوم بها القوات الخاصة لدى الجانبين. وبحسب
نظيره الفرنسي، الجنرال كريستوف غومار، فإن من بين أهداف هذه التمرينات التوصل إلى أعلى درجات ا
لاحترافية مشيدا بالدور "الخاص والخطير" الذي تضطلع به القوات الخاصة. وذكرت المجلة أن القوات الخاصة
الفرنسية مرتبطة مباشرة برئاسة الأركان ولها هيكليتها القيادية المستقلة وهي تضم عناصر وأسلحة من مختلف
قطاعات الجو والبحر والبر. وتنشط القوات الخاصة الفرنسية التي تضم 3300 عنصرا، في الوقت الحاضر، في
بحر العرب ومقابل الشواطئ الصومالية في محاربة الإرهاب والقرصنة.
يتبع
تعليق