<p>إذا أردنا أن نتحدث ونلقي الضوء على (الدولة السعودية الأولى) وحروبها
وامتداداتها من عمان حتى صحراء العراق والشام، ومن الخليج العربي حتى البحر الأحمر،
في أيام (الإمام سعود بن عبد العزيز الأول)، فلا بد لنا أن نقف على ذلك الاتفاق أو
الحلف غير المقدس بين الدولة العثمانية وبريطانيا للقضاء على تلك الدولة والسيطرة
على الجزيرة العربية، وكان (مخلب القط) في ذلك محمد علي باشا حاكم مصر، خصوصا أن
قوات سعود دخلت (كربلاء)، وكادت تدخل دمشق، لولا أن واليها (يوسف باشا كنج) تعهد
بأن يسير على نفس المنهج العقائدي الذي طلبه منه سعود، وفعلا أغلقت المتاجر
والأسواق في أوقات الصلاة، ومُنع البغاء وشرب المسكرات، وغادرت لأول مرة قافلة الحج
من دون طبل ولا زمر ولا رقص ولا أعلام.
<p>وبما أن قواته سيطرت على غرب ساحل الخليج العربي بكامله تقريبا، فقد أذاق
(القواسم) السفن والمراكب البريطانية الأمرين، ووصل الأمر ذروته إلى حد الاستيلاء
على الباخرة الضخمة (منيرفا)، وهذا في ظني هو الخطأ الكبير الذي ارتكبه الإمام
سعود، لأنه استفز بريطانيا، فبدلا من أن يحيدها جعلها خصما، لهذا دفعت بسفنها
الحربية (كارولاين)، (تشيفون)، (لانيريد) التي تحتوي وحدها على 36 مدفعا، ودكت
الحصون وأغرقت المراكب.
<p>وعندها بدأت بريطانيا فعلا في إمداد محمد علي بالذهب والمعدات، وكذلك فعلت
الأستانة، وأشار لذلك المؤرخ المصري (الجبرتي) الذي قال: «إن قوافل الإمدادات لم
تكن تنقطع من مصر إلى ينبع».
<p>ويخطئ كثير من الكتاب عندما يشيرون لجيش إبراهيم باشا زاعمين أنه الجيش المصري،
فهذا ليس بصحيح على الإطلاق، لأن أهل مصر لم يكونوا راضين عن خوض تلك الحرب، فأغلب
من التحقوا به هم من المرتزقة الفرنسيين والإيطاليين والألبان والأتراك والشركس
وبعض المغاربة والأفارقة والمصريين، لهذا لم يكن المؤرخ السعودي (ابن بشر) مخطئا
عندما كان لا يدعوهم بغير: «جيش (الروم)».
<p>كانوا مدججين بالأسلحة حتى أسنانهم، بالمدافع والقنابر والبنادق وبراميل
البارود، وبالمقابل لم يكن مع السعوديين غير إيمانهم وشجاعتهم وسيوفهم ورماحهم وبعض
بنادق الفتيل أو ما غنموه بعد ذلك من أعدائهم.
<p>وقاد حملة إبراهيم باشا مستشاره العسكري الفرنسي (فيسيير) الذي سبق له أن حارب
مع (نابليون) وكان من ألمع قادته.
<p>ولم يكن ينقص جيوش الأعداء شيء من الأطعمة والأدوية والخمور، حتى الأطباء
والصيادلة كانوا من إيطاليا.
<p>وقد أشاد (فيسيير) بشجاعة (عبد الله بن سعود)، وقال: «لو أنه سار على
(استراتيجية وتكتيك) والده وظل دائما يحاربنا في الصحراء والأرض المكشوفة، ولم
يتحصن بالدرعية، لكان صعبا علينا بأي حال من الأحوال هزيمته»، وبعدها تم أسره
وإعدامه في إسطنبول.
<p>وفي تلك الحرب صمدت الدرعية قرابة سبعة أشهر والمدافع تدكها ليل نهار، وأهلها
محتسبون مرابطون محاربون، في الوقت الذي سقطت فيه بعد ذلك (عكا) المحصنة بقلاع
وأسوار الحجارة، أمام جيش إبراهيم باشا خلال أيام معدودة.
<p>وبعد أن استسلمت الدرعية ووصل الخبر لمحمد علي استمرت الاحتفالات سبعة أيام
بلياليها، ومثلها حصل في تركيا، وبعث وزير الخارجية البريطاني اللورد (ابردين) يدعو
إبراهيم باشا لزيارة إنجلترا تقديرا له.
كما أن ملكة بريطانيا (فيكتوريا) بعثت بصورتها المرصعة بالماس بعد هذه المناسبة
السعيدة هدية لمحمد علي، الذي عندما تسلمها من القنصل البريطاني حملها بصندوقها
المخملي ووضعها فوق رأسه قائلا: «إن قيمتها أعظم من كنوز الدنيا، ويكفي أن بريطانيا
دعمتنا معنويا وماليا، وفوق ذلك بأسطولها البحري».
هكذا سقطت الدولة السعودية الأولى.
وامتداداتها من عمان حتى صحراء العراق والشام، ومن الخليج العربي حتى البحر الأحمر،
في أيام (الإمام سعود بن عبد العزيز الأول)، فلا بد لنا أن نقف على ذلك الاتفاق أو
الحلف غير المقدس بين الدولة العثمانية وبريطانيا للقضاء على تلك الدولة والسيطرة
على الجزيرة العربية، وكان (مخلب القط) في ذلك محمد علي باشا حاكم مصر، خصوصا أن
قوات سعود دخلت (كربلاء)، وكادت تدخل دمشق، لولا أن واليها (يوسف باشا كنج) تعهد
بأن يسير على نفس المنهج العقائدي الذي طلبه منه سعود، وفعلا أغلقت المتاجر
والأسواق في أوقات الصلاة، ومُنع البغاء وشرب المسكرات، وغادرت لأول مرة قافلة الحج
من دون طبل ولا زمر ولا رقص ولا أعلام.
<p>وبما أن قواته سيطرت على غرب ساحل الخليج العربي بكامله تقريبا، فقد أذاق
(القواسم) السفن والمراكب البريطانية الأمرين، ووصل الأمر ذروته إلى حد الاستيلاء
على الباخرة الضخمة (منيرفا)، وهذا في ظني هو الخطأ الكبير الذي ارتكبه الإمام
سعود، لأنه استفز بريطانيا، فبدلا من أن يحيدها جعلها خصما، لهذا دفعت بسفنها
الحربية (كارولاين)، (تشيفون)، (لانيريد) التي تحتوي وحدها على 36 مدفعا، ودكت
الحصون وأغرقت المراكب.
<p>وعندها بدأت بريطانيا فعلا في إمداد محمد علي بالذهب والمعدات، وكذلك فعلت
الأستانة، وأشار لذلك المؤرخ المصري (الجبرتي) الذي قال: «إن قوافل الإمدادات لم
تكن تنقطع من مصر إلى ينبع».
<p>ويخطئ كثير من الكتاب عندما يشيرون لجيش إبراهيم باشا زاعمين أنه الجيش المصري،
فهذا ليس بصحيح على الإطلاق، لأن أهل مصر لم يكونوا راضين عن خوض تلك الحرب، فأغلب
من التحقوا به هم من المرتزقة الفرنسيين والإيطاليين والألبان والأتراك والشركس
وبعض المغاربة والأفارقة والمصريين، لهذا لم يكن المؤرخ السعودي (ابن بشر) مخطئا
عندما كان لا يدعوهم بغير: «جيش (الروم)».
<p>كانوا مدججين بالأسلحة حتى أسنانهم، بالمدافع والقنابر والبنادق وبراميل
البارود، وبالمقابل لم يكن مع السعوديين غير إيمانهم وشجاعتهم وسيوفهم ورماحهم وبعض
بنادق الفتيل أو ما غنموه بعد ذلك من أعدائهم.
<p>وقاد حملة إبراهيم باشا مستشاره العسكري الفرنسي (فيسيير) الذي سبق له أن حارب
مع (نابليون) وكان من ألمع قادته.
<p>ولم يكن ينقص جيوش الأعداء شيء من الأطعمة والأدوية والخمور، حتى الأطباء
والصيادلة كانوا من إيطاليا.
<p>وقد أشاد (فيسيير) بشجاعة (عبد الله بن سعود)، وقال: «لو أنه سار على
(استراتيجية وتكتيك) والده وظل دائما يحاربنا في الصحراء والأرض المكشوفة، ولم
يتحصن بالدرعية، لكان صعبا علينا بأي حال من الأحوال هزيمته»، وبعدها تم أسره
وإعدامه في إسطنبول.
<p>وفي تلك الحرب صمدت الدرعية قرابة سبعة أشهر والمدافع تدكها ليل نهار، وأهلها
محتسبون مرابطون محاربون، في الوقت الذي سقطت فيه بعد ذلك (عكا) المحصنة بقلاع
وأسوار الحجارة، أمام جيش إبراهيم باشا خلال أيام معدودة.
<p>وبعد أن استسلمت الدرعية ووصل الخبر لمحمد علي استمرت الاحتفالات سبعة أيام
بلياليها، ومثلها حصل في تركيا، وبعث وزير الخارجية البريطاني اللورد (ابردين) يدعو
إبراهيم باشا لزيارة إنجلترا تقديرا له.
كما أن ملكة بريطانيا (فيكتوريا) بعثت بصورتها المرصعة بالماس بعد هذه المناسبة
السعيدة هدية لمحمد علي، الذي عندما تسلمها من القنصل البريطاني حملها بصندوقها
المخملي ووضعها فوق رأسه قائلا: «إن قيمتها أعظم من كنوز الدنيا، ويكفي أن بريطانيا
دعمتنا معنويا وماليا، وفوق ذلك بأسطولها البحري».
هكذا سقطت الدولة السعودية الأولى.
تعليق