تشرين2/نوفمبر 15, 2024
الشريط

الطيار المقاتل...الطائرات المسيرة عن بعد والذكاء الاصطناعي

كانون1/ديسمبر 23, 2015 2294

يكثر الحديث عن مستقبل الطائرات المسيرة عن بعد وقدرتها على تنفيذ مهام القتال الجوي في حين يواجه مصنعو الطائرات المقاتلة النفاثة صعوبة في تخطي العامل البشري بمفهوم القدرة الجسدية على التحمل، اي ابتكار طائرات تستطيع التحليق اسرع او تنفيذ مناورات اعنف من ذي قبل.

ان عدم قدرة الطيار الجسدية على تحمل المناورات الجوية العنيفة يمكن ان تؤدي به الى فقدان السيطرة على مقالد التحكم بالطائرة، او قد ينتج عنها حصول غيبوبة او شلل مؤقت، حتى الوصول الى مرحلة الاذى الجسدي المباشر او الموت المحتم.

لذلك تم اختراع الالبسة المقاومة للجاذبية، تعديل وضعية كرسي الطيار، اضافة الى وضع معايير متشددة لاختيار الطيارين ذوي البنية الجسدية المتميزة وتدريبهم بشكل يسمح بزيادة قدرتهم الجسدية على تحمل المناورات الجوية العنيفة.

كما يشكل العامل البشري ما نسبته 60 الى 80 % من اجمالي الاسباب الكامنة وراء حصول الحوادث الجوية. يرتبط هذا العامل مباشرة بمفهوم الخطأ في التنفيذ، او عدم التنفيذ بالشكل الصحيح.

اضف الى ذلك عدم قدرة الطيار الذهنية على معالجة الكم الهائل من المعلومات وبالتالي عدم اتخاذ القرار المناسب في مهل زمنية تسمح له بالمحافظة على زمام المبادرة ومفاجأة الخصم والتغلب عليه وتنفيذ المهام الجوية القتالية بنجاح. لذلك يتم التشديد على التدريب ونوعيته واساليبه اضافة الى ابتكار انظمة مساعدة والتي تسمح للطيار بتجنب اقتراف الاخطاء او الحد منها.

هل اصبح من الممكن التخلي عن مهنة الطيار المقاتل اي  ازالة العامل البشري كأحد المعوقات الاساسية امام تطوير الطائرات المقاتلة، والسعي الى تطوير قدرات المناورة لدى منظومات الطائرات المقاتلة المسيّرة عن بعد لتصبح قادرة على تنفيذ مختلف المهام الجوبة من اعتراض، مطاردة، انقضاض....، وهل اصبح بالإمكان ابتكار منظومات خالية من العيب حيث لا يعتبر العامل البشري اساس في نجاحها او حتى فشلها.

هذا صحيح ولكن...

يرتبط العامل البشري في مفهوم القتال الجوي بمعايير غير ملموسة كالشجاعة والاقدام والمحافظة على رباطة الجأش وبذل النفس او حتى الشهادة في سبيل الحق. وهذه الامور لم يستطع الذكاء الاصطناعي بلوغها بعد. اذ ياتي  الحديث عن الذكاء الاصطناعي من ضمن سياق البحث ومن ضمن اشكالية تطوير الانظمة المسيرة عن بعد وجعلها قادرة على تنفيذ مهام القتال الجوي ككل، وليس حصرا تنفيذ الضربات الجوية او تنفيذ الدعم الجوي القريب...  

ويمكن تعريف الذكاء الصناعيArtificial Intelligence “ AI”  على أنه ذكاء يظهر عند منظومة اصطناعية غير طبيعية، "من صنع الانسان" . يشكل الذكاء الاصطناعي أحد فروع المعلوماتية التي تدرس تطوير خوارزميات وتقنيات ذكية لتطبيقها في الحواسيب والروبوتات بحيث تمتلك سلوكا ذكيا في أداء المهام او في حل المشاكل . عندما يدمج الذكاء الاصطناعي مع بيئة العمل و يتفاعل معها و يتعلم منها ، يعرف عندئذ بالعميل الذكي .“Intelligent Agent”

الموضوع ليس بهذه البساطة اذ ان اشد حملة يواجهها مشروع الطائرات المقاتلة المسيرة عن بعد ورد على لسان رئيس الولايات المتحدة الاميركية باراك اوباما عندما عبر عن اسفه لما تتعرض له الادارة الاميركية من ضغوط وانتقادات بسبب الاصابات الجانبية Collateral Damage المصاحبة لتنفيذ الضربات الجوية بواسطة الDrones.

ان العقل البشري وبسبب عدم قدرتنا على ادراك حدود الادراك لديه، يجعلنا نغفل عن مفهوم المفاضلة الانية التي ينفذها العقل البشري، والتي تنفذ بالاستناد الى مجموعة من القيم والاحاسيس لا بمكن للذكاء الاصطناعي الرقمي ان يحللها من خارج اطار الارقام ونسب النجاح وفقا لما هو محدد  اصلا في ذاكرته واثتاء برمجته.

يمكن القول اليوم انه يمكن للطائرات المسيرة عن بعد تنفيذ بعض مهام الدعم الجوي، اما مفهوم القتال الجوي فهو شئ اخر لا يمكن ادراكه الا من خلال مفهوم الصراع وخوض غمار المواجهات والصراع للبقاء. لذلك فان المفاضلة ما بين منظومات الذكاء الاصطناعي والطيار المقاتل مؤجلة الى حين ابتكار منظومة ذكاء اصطناعي قادرة على "الابتكار نفسه" وقادرة على التفوق على العقل البشري في ما يرتبط بمفهوم الاحساس والمخاطرة والتحدي والجرأة  والمغامرة.

وبالتالي فان مهنة الطيار المقاتل هي ركن من اركان مهام القتال الجوية، وهي باقية الى حين...

Last modified on الأربعاء, 23 كانون1/ديسمبر 2015 22:58
Image
الامن الوطني العربي نافذة تطل على كل ما يتعلق بالعالم العربي من تطورات واحداث لها ارتباط مباشر بالمخاطر التي تتهددنا امنيا، ثقافيا، اجتماعيا واقتصاديا...

آخر خبر

تواصلوا معنا

لاعلاناتكم على موقع الامن الوطني العربي نرجو التواصل مع شركة كايلين ميديا الوكيل الحصري لموقعنا

 editor@nsaforum.com