لا سقوط جدار برلين أو انهيار بنك «ليمان براذرز» الذي تسبب في الأزمة المالية العالمية عام 2008، فإن فيروس كورونا المستجد، حدث مدمر للعالم لا يمكن أن نتخيل عواقبه. فمثلما أدى هذا الفيروس إلى تغيير نمط الحياة وتعطيل الأسواق وكشف كفاءة الحكومات (أو عدم كفاءتها)، فإنه سيؤدي إلى تحولات دائمة في القوة السياسية والاقتصادية بطرق لن تظهر إلا لاحقًا.
ولمساعدتنا على فهم هذه الأزمة، طلبت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية من 12 مفكراً بارزاً من جميع أنحاء العالم تقديم توقعاتهم لما سيحدث للنظام العالمي بعد الوباء.
1- ستيفن. م. والت:
* الفيروس سيسرع من تحول السلطة والنفوذ من الغرب إلى الشرق
* الحكومات لن تتخلى عن قبضتها وسلطاتها الجديدة بعد انتهاء الفيروس
* سيخلق فيروس كورونا عالمًا أقل انفتاحًا وأقل ازدهارًا وأقل حرية
يقول ستيفن. م. والت، وهو أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد الأميركية، «هذا الوباء سيقوي الدولة ويعزز القومية. ستتبنى الحكومات بجميع أنواعها إجراءات طارئة لإدارة الأزمة، وسيكره الكثيرون التخلي عن هذه السلطات الجديدة عند انتهاء الأزمة».
ويضيف: «سوف يسرع الفيروس أيضًا من تحول السلطة والنفوذ من الغرب إلى الشرق، وقد استجابت كوريا الجنوبية وسنغافورة بشكل أفضل، وكان رد فعل الصين جيدًا بعد أخطاءها المبكرة. كانت الاستجابة في أوروبا وأمريكا بطيئة وعشوائية بالمقارنة، مما زاد من تشويه النموذج الغربي». ويضيف: «ما لن يتغير هو الطبيعة المتضاربة بشكل أساسي للسياسة العالمية، إن الأوبئة السابقة - بما في ذلك وباء الإنفلونزا في 1918-1919 - لم تنهِ تنافس القوى العظمى ولم تبشر بعصر جديد من التعاون العالمي، وفيروس كورونا لن يفعل ذلك أيضاً».
وتابع: «سوف نشهد تراجعاً إضافياً عن العولمة، حيث يتطلع المواطنون إلى الحكومات الوطنية لحمايتهم، بينما تسعى الدول والشركات للحد من نقاط الضعف في المستقبل». وختم بالقول: «باختصار، سيخلق فيروس كورونا عالمًا أقل انفتاحًا وأقل ازدهارًا وأقل حرية، لم يكن الأمر كذلك بهذه الطريقة، لكن الجمع بين فيروس قاتل وتخطيط غير ملائم وقيادة غير كفؤة وضع البشرية على مسار جديد ومثير للقلق».
2- روبن نيبليت:
* فيروس كورونا هو القشة التي قصمت ظهر البعير.. بالنسبة للعولمة الاقتصادية
* الحكومات والشركات ستعزز مستقبلاً قدرتها على التعامل مع فترات طويلة من العزلة الاقتصادية الذاتية
* من فشلوا في إدارة الأزمة لن يتوانى على إلقاء اللوم على الآخرين
أما، روبن نيبليت، وهو المدير والرئيس التنفيذي لمعهد «تشاتام هاوس» في بريطانيا، فيقول: «يمكن أن يكون فيروس كورونا هو القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للعولمة الاقتصادية».
ويضيف: «وقد أثارت القوة الاقتصادية والعسكرية المتنامية للصين بالفعل عزمًا من الحزبين في الولايات المتحدة على فصل الصين عن التكنولوجيا العالية التي تمتلكها الولايات المتحدة والملكية الفكرية ومحاولة إجبار الحلفاء على أن تحذو حذوها..
إن الضغط العام والسياسي المتزايد لتحقيق أهداف خفض انبعاثات الكربون قد أثار بالفعل تساؤلات حول اعتماد العديد من الشركات على سلاسل الإمداد لمسافات طويلة..
الآن، يجبر فيروس كورونا الحكومات والشركات والمجتمعات على تعزيز قدرتها على التعامل مع فترات طويلة من العزلة الاقتصادية الذاتية». ويتابع: «يبدو من غير المحتمل إلى حد كبير في هذا السياق أن يعود العالم إلى فكرة العولمة المفيدة للطرفين التي حُددت أوائل القرن الحادي والعشرين، وبدون حافز لحماية المكاسب المشتركة من التكامل الاقتصادي العالمي، فإن بنية الحوكمة الاقتصادية العالمية التي تم إنشاؤها في القرن العشرين ستتدهور بسرعة، وسيتطلب الأمر عندئذٍ انضباطًا هائلاً للقادة السياسيين للحفاظ على التعاون الدولي وعدم التراجع إلى المنافسة الجيوسياسية العلنية».
وختم قائلاً: «إن إثبات الحكومات أنها قادرة على إدارة أزمة فيروس كورونا سيساعدها في شراء بعض رأس المال السياسي للقادة، ولكن أولئك الذين فشلوا سيجدون صعوبة في مقاومة إغراء إلقاء اللوم على الآخرين».
3- كيشور محبوباني:
* الفيروس سيسرع من الانتقال من العولمة التي تركز على الولايات المتحدة إلى التي تتمحور حول الصين
* حتى بدون ترامب.. الشعب الأمريكي لم يعد يثق في العولمة والتجارة الدولية
* إذا أرادت الولايات المتحدة تحسين رفاهية الشعب الأمريكي فعليها التعاون مع الصين..
لكني أعتقد أن ذلك لن يحدث بدوره يقول، كيشور محبوباني، وهو بروفيسور سنغافوري وعميد كلية «لي كوان يو» للسياسة العامة التابعة لجامعة سنغافورة الوطنية، كما شغل منصب وزير خارجية سنغفورة،: «لن يغير فيروس كورونا بشكل أساسي الاتجاهات الاقتصادية العالمية، سوف يسرع فقط من التغيير الذي بدأ بالفعل، وسيتم الانتقال من العولمة التي تركز على الولايات المتحدة إلى العولمة التي تتمحور حول الصين».
وتساءل قائلاً: «لماذا سيستمر هذا الاتجاه؟ لقد فقد الشعب الأمريكي ثقته بالعولمة والتجارة الدولية واتفاقيات التجارة مع أو بدون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. في المقابل، لم تفقد الصين إيمانها. لما لا؟ هناك أسباب تاريخية أعمق. يعرف القادة الصينيون جيدًا الآن أن فترة قرن من الإذلال في الصين والممتدة من عام 1842 إلى عام 1949 كان نتيجة لتهاونها وجهودها غير المجدية من قبل قادتها لعزلها عن العالم، على النقيض من ذلك، كانت العقود القليلة الماضية من الانتعاش الاقتصادي نتيجة للمشاركة العالمية، كما شهد الشعب الصيني انفجار الثقة الثقافية، هم الآن (الصينيون) يعتقدون أنهم قادرون على المنافسة في أي مكان».
وتابع: «وبالتالي، كما وثقت في كتابي الجديد، أمام الولايات المتحدة خياران، إذا كان هدفها الأساسي هو الحفاظ على التفوق العالمي، فسيتعين عليها الانخراط في منافسة جيوسياسية صفرية محصلتها صفر، سياسيًا واقتصاديًا، مع الصين»، مضيفاً: «ومع ذلك، إذا كان هدف الولايات المتحدة هو تحسين رفاهية الشعب الأمريكي -الذي تدهورت حالته الاجتماعية- فعليه أن يتعاون مع الصين. ويقترح أن يكون التعاون هو الخيار الأفضل. ومع ذلك، بالنظر إلى البيئة السياسية الأمريكية السامة تجاه الصين، قد لا تسود المشورة الأكثر حكمة».
4- جون إكنبيري:
* سوف تخرج الديمقراطيات من قوقعتها.. وتبحث عن نماذج أكثر أماناً للتعاون المشترك
* ستعطي الأزمة دفعة للقوميين ومناهضي العولمة وحتى الصينيين.. للإلحاح على وجهات نظرهم
من جهته يقول، جون إكنبيري، وهو أستاذ السياسة والشؤون الدولية في جامعة برينستون، ومؤلف كتاب «ما بعد النصر والليبرالي ليفياثان»، :«على المدى القصير، ستعطي الأزمة دفعة لجميع المعسكرات المختلفة في النقاش حول الإستراتيجية الصحيحة، حيث سوف يرى القوميون والمناهضون للعولمة، والصينيون، وحتى الأمميون الليبراليون، أدلة جديدة على الإلحاح على وجهات نظرهم، بالنظر إلى الضرر الاقتصادي والانهيار الاجتماعي الذي يتكشف،
من الصعب رؤية أي شيء آخر غير تعزيز الحركة نحو القومية، وتنافس القوى العظمى، والفصل الاستراتيجي، وما شابه». ويستردك الخبير قائلاً: «ولكن مثلما حدث في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، قد يكون هناك أيضًا تيار معاكس أبطأ، نوع من الأممية المتشددة المشابهة لتلك التي بدأها فرانكلين روزفلت وعدد قليل من رجال الدولة الآخرين قبل الحرب وأثناءها».
ويتابع قائلاً :«لذا، قد تسافر الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية الأخرى عبر نفس سلسلة ردود الفعل هذه مدفوعة بإحساس متسلسل بالضعف، وقد تكون الاستجابة أكثر وطنية في البداية، ولكن على المدى الطويل، ستخرج الديمقراطيات للعثور على نوع جديد من الأممية البراغماتية والحمائية».
5- شانون ك. أونيل:
* فيروس كورونا يقوض المبادئ الأساسية للتصنيع العالمي
* ستقوم الشركات الآن بإعادة التفكير في تقليص سلاسل التوريد المرتبطة بعدة بلدان
* الحكومات ستتدخل لتوفير سلاسل توريد محلية
وتقول، شانون ك. أونيل، وهي أكاديمية متخصصة في دراسات أمريكا اللاتينية في مجلس العلاقات الخارجية، ومؤلفة كتاب «أمم غير قابلة للتجزئة: المكسيك والولايات المتحدة والطريق إلى الأمام»، :«إن فيروس كورونا يقوض المبادئ الأساسية للتصنيع العالمي..
ستقوم الشركات الآن بإعادة التفكير في وتقليص سلاسل التوريد متعددة الخطوات والمتعددة البلدان التي تهيمن على الإنتاج اليوم». وتعرضت سلاسل التوريد العالمية بالفعل لانتقادات اقتصادية، بسبب ارتفاع تكاليف العمالة الصينية، والحرب التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتقدم في مجال الروبوتات، والأتمتة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وكذلك انتقادات سياسية، بسبب فقدان الوظائف، خاصة في الاقتصادات الكبيرة.
وتضيف : «لقد كسرت جائحة كورونا، الآن العديد من هذه الروابط، فقد أغلقت المصانع، بالإضافة إلى أن المستشفيات والصيدليات ومحلات السوبر ماركت ومحلات البيع بالتجزئة أصبحت محرومة من المخزونات والمنتجات». وتتابع: «على الجانب الآخر من الوباء، ستطلب المزيد من الشركات معرفة المزيد عن مصدر إمداداتها، وستتدخل الحكومات كذلك، مما يجبر ما تعتبره الصناعات الاستراتيجية على خطط احتياطيات محلية واحتياطيات. الربحية ستنخفض، لكن استقرار العرض يجب أن يرتفع».
6- شيفشانكار مينون:
* الفيروس سيغير سياسات الدول.. سواء داخلياً أو فيما بينها
* الدول الديمقراطية كانت استجابتها أسرع في التعامل مع الوباء
* نحن متجهون بعد فيروس كورونا إلى عالم أكثر فقراً وبخلاً وأنانية
أما، شيفشانكار مينون، وهو زميل في معهد Brookings India، كما أنه مستشار سابق للأمن القومي لرئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ، فيقول :«رغم أن الوقت مازال مبكراً للحكم إلا أن هناك 3 أمور تبدو واضحة: أولاً: سيغير الفيروس سياساتنا، سواء داخل الدول أو فيما بينها، كما أن نجاح الحكومة النسبي في التغلب على الوباء وآثاره الاقتصادية سيؤدي إلى تفاقم أو تقليص القضايا الأمنية والاستقطاب الأخير داخل المجتمعات»،
مضيفاً: «في كلتا الحالتين، تظهر التجربة حتى الآن أن السلطويين أو الشعبويين ليسوا أفضل في التعامل مع الوباء، والواقع أن الدول التي استجابت في وقت مبكر وبنجاح، مثل كوريا وتايوان، كانت ديمقراطية، وليست تلك التي يديرها قادة شعبويون أو سلطويون». ثانياً: هذه ليست نهاية العالم المترابط ، أو الاعتماد الدولي، إن الوباء نفسه دليل على تكافلنا، لكن في جميع الأنظمة السياسية، هناك بالفعل اتجاه داخلي، بحث عن الاستقلال الذاتي والسيطرة على مصير المرء، نحن متجهون نحو عالم أكثر فقراً وبخلاً وأصغر.. بسبب الإنغلاق».
أخيرا: هناك علامات الأمل والحس السليم، أخذت الهند زمام المبادرة لعقد مؤتمر عبر الفيديو لجميع قادة جنوب آسيا لصياغة استجابة إقليمية مشتركة للتهديد، وإذا صدمنا الوباء في إدراك مصلحتنا الحقيقية في التعاون المتعدد الأطراف بشأن القضايا العالمية الكبرى التي تواجهنا، فسيكون قد حقق غرضًا مفيدًا».
7- جوزيف س. ناي جونيور:
* الولايات المتحدة لا تستطيع حماية أمنها من خلال التصرف بمفردها
* الفيروس أثبت أن استراتيجية ترامب الجديدة للأمن القومي.. غير كافية
ويقول، جوزيف س. ناي جونيور، وهو أستاذ في جامعة هارفارد ومؤلف كتاب «هل الأخلاق مهمة؟ الرؤساء والسياسة الخارجية من روزفلت إلى ترامب»، «في عام 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استراتيجية جديدة للأمن القومي تركز على منافسة القوى العظمى، ويظهر فيروس كورونا أن هذه الاستراتيجية غير كافية، حتى لو سادت الولايات المتحدة كقوة عظمى، فإنها لا تستطيع حماية أمنها من خلال التصرف بمفردها».
ويتابع: «كما لخص ريتشارد دانزيج المشكلة في عام 2018 إن تقنيات القرن الحادي والعشرين عالمية ليس فقط في توزيعها، ولكن أيضًا في عواقبها. يمكن أن تصبح مسببات الأمراض وأنظمة الذكاء الاصطناعي وفيروسات الكمبيوتر والإشعاع التي قد يطلقها الآخرون بطريق الخطأ مشكلتنا مثل مشكلتهم، يجب متابعة أنظمة التقارير المتفق عليها، والضوابط المشتركة، وخطط الطوارئ المشتركة، والمعايير، والمعاهدات كوسيلة لإدارة مخاطرنا المشتركة العديدة».
ويضيف: «فيما يتعلق بالتهديدات العابرة للحدود مثل فيروس كورونا وتغير المناخ، لا يكفي التفكير في القوة الأمريكية على الدول الأخرى، مفتاح النجاح هو معرفة أهمية القوة مع الآخرين.. كل بلد يضع مصلحته الوطنية أولاً؛ السؤال المهم هو كيف يتم تحديد هذا الاهتمام على نطاق واسع أو ضيق، ويظهر الفيروس أننا فشلنا في تعديل استراتيجيتنا مع هذا العالم الجديد».
8- جون ألين:
* هذه الأزمة ستقوم بتعديل هيكل القوى العالمية.. بطرق لا يمكننا أن نتخيلها
* المنتصرون على أزمة فيروس كورونا سيكتبون التاريخ
* سوف يستمر الفيروس في خفض النشاط الاقتصادي وزيادة التوتر بين البلدان على المدى الطويل
ويقول، جون ألين، هو رئيس معهد بروكنجز، وجنرال متقاعد من مشاة البحرية الأمريكية، والقائد السابق لقوة المساعدة الأمنية الدولية التابعة لحلف شمال الأطلسي والقوات الأمريكية في أفغانستان: «كما كان الحال دائمًا، سيكتب المنتصرون على أزمة فيروس كورونا التاريخ»،
مضيفاً: «تعاني كل دولة، وبشكل متزايد كل فرد، من الإجهاد المجتمعي لهذا المرض بطرق جديدة وقوية. حتمًا، ستدعي تلك الدول المثابرة -سواء من خلال أنظمتها السياسية والاقتصادية الفريدة، أو من منظور الصحة العامة- النجاح على أولئك الذين يعانون من نتائج مختلفة وأكثر تدميراً.. بالنسبة للبعض، سيظهر ذلك على أنه انتصار كبير ونهائي للديمقراطية والتعددية والرعاية الصحية الشاملة، وبالنسبة للآخرين، سوف يعرض الفوائد الواضحة للحكم الاستبدادي الحاسم».
ويتابع ألين قائلاً: «في كلتا الحالتين، ستقوم هذه الأزمة بتعديل هيكل القوة الدولية بطرق لا يمكننا أن نتخيلها.. سوف يستمر الفيروس في خفض النشاط الاقتصادي وزيادة التوتر بين البلدان. على المدى الطويل، من المرجح أن يقلل الوباء بشكل كبير من القدرة الإنتاجية للاقتصاد العالمي، خاصة إذا كانت الشركات قريبة وانفصل الأفراد عن القوة العاملة». ويضيف: «إن خطر التفكك هذا كبير بشكل خاص للدول النامية وغيرها التي لديها نسبة كبيرة من العمال المعرضين اقتصاديًا، وسيتعرض النظام الدولي بدوره لضغوط كبيرة، مما سيؤدي إلى عدم الاستقرار ونزاع واسع النطاق داخل البلدان وعبرها».
9 - لوري غاريت:
* لن يكون لوباء كورونا آثار اقتصادية طويلة الأمد فحسب.. بل سيؤدي إلى تغييرات أكثر جوهرية
* سيتم تقريب سلاسل التوريد للحماية من الاضطرابات في المستقبل
* ستكون هناك بعد الفيروس مرحلة دراماتيكية جديدة في الرأسمالية العالمية
وتقول، لوري غاريت، زميلة سابقة للصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية وكاتبة علمية حائز على جائزة «بوليتزر» :«الصدمة الأساسية للنظام المالي والاقتصادي العالمي هي الاعتراف بأن سلاسل التوريد وشبكات التوزيع العالمية معرضة بشدة للخلل، وبالتالي، لن يكون لوباء كورونا آثار اقتصادية طويلة الأمد فحسب، بل سيؤدي إلى تغيير أكثر جوهرية».
وتضيف: «سمحت العولمة للشركات باستغلال التصنيع في جميع أنحاء العالم وتسليم منتجاتها إلى الأسواق في الوقت المناسب، متجاوزة تكاليف التخزين. واعتبرت المخزونات التي بقيت على الرفوف لأكثر من بضعة أيام إخفاقات للأسواق، كان لا بد من الحصول على الإمدادات وشحنها على مستوى عالمي وبتنسيق بعناية، وقد أثبت كورونا أن مسببات الأمراض لا يمكن أن تصيب الناس فحسب، بل تسمم النظام الاقتصادي».
وتتابع: «وبالنظر إلى حجم الخسائر في السوق المالية التي عانى منها العالم منذ فبراير، فمن المرجح أن تخرج الشركات من هذا الوباء بلا ريب حول النموذج الذي تم إنتاجه في الوقت المناسب والإنتاج المنتشر عالميًا، يمكن أن تكون النتيجة مرحلة جديدة دراماتيكية في الرأسمالية العالمية، حيث يتم تقريب سلاسل التوريد للحماية من الاضطرابات في المستقبل. قد يقلل ذلك من أرباح الشركات على المدى القريب ولكنه يجعل النظام بأكمله أكثر مرونة».
10- ريتشارد هاس:
*سيدفع الفيروس الحكومات إلى الانكفاء الذاتي والاهتمام بما يحدث في داخل الدولة وليس خارجها
* ستصبح الدول الفاشلة أكثر ضعفاً وستواجه العديد من البلدان صعوبة في التعافي من الأزمة
* من المرجح أن تساهم الأزمة في استمرار تدهور العلاقات الصينية الأمريكية.. وإضعاف التكامل الأوروبي
ويقول، ريتشارد هاس، هو رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركية ومؤلف كتاب «عالم في حالة فوضى: السياسة الخارجية الأمريكية وأزمة النظام القديم» :«أعتقد أن أزمة الفيروس ستؤدي على الأقل لبضع سنوات على الأقل إلى تحول معظم الحكومات إلى الداخل، مع التركيز على ما يحدث داخل حدودها بدلاً من على ما يحدث بعدهم».
ويضيف: «أتوقع تحركات أكبر نحو الاكتفاء الذاتي الانتقائي (ونتيجة لذلك، الفصل) بالنظر إلى ضعف سلسلة التوريد؛ معارضة أكبر للهجرة على نطاق واسع؛ انخفاض الرغبة أو الالتزام في معالجة المشكلات الإقليمية أو العالمية (بما في ذلك تغير المناخ) نظرًا للحاجة المتصورة لتكريس الموارد لإعادة البناء والتعامل مع العواقب الاقتصادية للأزمة».
ويتابع: «أتوقع أن تجد العديد من البلدان صعوبة في التعافي من الأزمة، مع ضعف الدولة وأصبحت الدول الفاشلة سمة أكثر انتشارًا في العالم، من المرجح أن تساهم الأزمة في التدهور المستمر للعلاقات الصينية الأمريكية وإضعاف التكامل الأوروبي». ويضيف: «على الجانب الإيجابي، يجب أن نرى بعض التعزيز المتواضع لإدارة الصحة العامة العالمية، ولكن بشكل عام، فإن الأزمة المتأصلة في العولمة ستضعف بدلاً من أن تزيد من رغبة العالم وقدرته على التعامل معها».
11- كوري شاك:
* بعد أزمة فيروس كورونا.. لن يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها زعيم دولي
* الفيروس كشف أن الولايات المتحدة فشلت في اختبار القيادة
* كان من الممكن تخفيف الآثار العالمية لهذا الوباء إلى حد كبير من خلال قيام المنظمات الدولية بتقديم المزيد من المعلومات المسبقة
أما، كوري شاك، وهي نائب المدير العام للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الولايات المتحدة، فتقول: «لن يُنظر إلى الولايات المتحدة بعد الآن على أنها رائدة دولية بسبب المصلحة الذاتية الضيقة لحكومتها وعدم الكفاءة الفادحة، كان من الممكن تخفيف الآثار العالمية لهذا الوباء إلى حد كبير من خلال قيام المنظمات الدولية بتقديم المزيد والمزيد من المعلومات المسبقة، الأمر الذي كان سيعطي الحكومات الوقت لإعداد وتوجيه الموارد إلى حيث تشتد الحاجة إليها»،
وتضيف: «هذا شيء كان يمكن للولايات المتحدة تنظيمه، لكنها كان تهتم فقط في ذاتها، لقد فشلت واشنطن في اختبار القيادة».
12- نيكولاس بيرنز:
* الاتحاد الأوروبي قد يتفكك إن لم ينجح في تقديم المزيد من المساعدة لمواطني دوله
* إذا لم تستطع الولايات المتحدة والصين التوقف عن توجيه الاتهامات لبعضهما.. فستتضاءل مصداقية البلدين بشكل كبير
* قوة الروح الإنسانية أعطت مثالاً قوياً خلال هذه الأزمة
ويقول، نيكولاس بيرنز، أستاذ بكلية هارفارد كينيدي الحكومية، ونائب وزير الشؤون السياسية السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، إن «فيروس كورونا هو أكبر أزمة عالمية في هذا القرن. عمقها وحجمها هائل، وتهدد أزمة الصحة العامة 7.8 مليار شخص على وجه الأرض، يمكن للأزمة المالية والاقتصادية أن تتجاوز في تأثيرها الركود الكبير 2008-2009. كل أزمة بمفردها يمكن أن تشكل صدمة زلزالية تغير بشكل دائم النظام الدولي وتوازن القوى كما نعرفه».
ويضيف: «حتى الآن، كان التعاون الدولي غير كاف على الإطلاق، إذا لم تستطع الولايات المتحدة والصين، أقوى دول العالم، أن تنحيا جانبا حربهما الكلامية حول أيهما مسؤول عن الأزمة وتؤدي بشكل أكثر فعالية، فقد تتضاءل مصداقية البلدين بشكل كبير، وإذا لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من تقديم المزيد من المساعدة الموجهة إلى 500 مليون مواطن، فقد تستعيد الحكومات الوطنية المزيد من السلطة من بروكسل في المستقبل، أما في الولايات المتحدة، فإن أكثر ما هو على المحك هو قدرة الحكومة الفيدرالية على توفير تدابير فعالة لوقف الأزمة».
ويتابع: «مع ذلك، في كل بلد، هناك العديد من الأمثلة على قوة الروح الإنسانية - للأطباء والممرضات والقادة السياسيين والمواطنين العاديين الذين يظهرون المرونة والفعالية والقيادة، وهذا يوفر الأمل في أن الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم يمكن أن يسودوا استجابة لهذا التحدي الاستثنائي».
بقلم محمد مراح
نقلا عن موقع القبس الالكتروني