قالت مصادر مصرية و إسرائيلية إن «هناك تحقيقات موسعة حول ما تردد عن إمداد إيران تنظيم أنصار بيت المقدس، الموالي تنظيم داعش الإرهابي في سيناء، بالأسلحة.
وأكد مصدر إسرائيلي مطلع أن ما نشرته مجلة «إسرائيل دفنس» العسكرية حول اكتشاف أسلحة إيرانية بأيدي رجال «داعش» في سيناء هو موضع متابعة وتحقيق منذ عدة أشهر في مصر وإسرائيل وغيرهما من الدول، التي تتابع وتحاصر نشاط هذا التنظيم، لافتا إلى أن "هناك صورا وأشرطة فيديو كثيرة تؤكد هذه الحقيقة".
ويعد «أنصار بيت المقدس» واحدا من أقوى التنظيمات المتطرفة التي ظهرت في شبه جزيرة سيناء، وبايعت أبو بكر البغدادي زعيم «داعش» - المزعوم - في نوفمبر عام 2014، وغير التنظيم اسمه رسميا لـ«ولاية سيناء» عقب مبايعة «داعش»؛ لكن هذه التسمية رفضتها السلطات المصرية، ليعرف في الإعلام بـ«داعش سيناء»، وكان التنظيم قد أعلن فور نشأته أن هدفه محاربة إسرائيل، وشارك بالفعل في إطلاق صواريخ على مدن إسرائيلية من سيناء؛ لكنه تحول منذ سنوات لاستهداف قوات الشرطة والجيش المصري.
وكان موقع «المجلة الإسرائيلية»، قد ذكر أنه راقب الصور والأشرطة التي يبثها «داعش سيناء» فوجد فيها عناصر التنظيم وهي تستخدم أسلحة إيرانية الصنع، مشيرا إلى أن حساب «oryxspioenkop» على موقع «تويتر» نشر صورا تظهر عناصر التنظيم يحملون سلاح القنص الإيراني الصنع «صياد AM - 50»، الذي يحاكي بندقية القنص النمساوية «شتاير إتش إس 50»، التي تعتبر من أقوى بنادق القنص في العالم.
وأضاف الموقع أن «داعش سيناء» يمتلك أيضا صواريخ كورنت وعربات مدرعة يستخدمها الجيش المصري، لافتا إلى أن جميع الصور التي نشرها على «تويتر» أخذت من شريط فيديو صادر عن "داعش سيناء".
وقال المصدر الإسرائيلي المطلع إن نصف الأسلحة الموجودة بحوزة «داعش» عموما هي أسلحة أميركية؛ لكن لوحظ في الآونة الأخيرة تزايد قطع السلاح من صناعات أخرى، مثل الصين وإيران وروسيا، مضيفا: "يجري التحقيق حول ما إن كانت هذه الأسلحة قد سربت إلى سيناء من قطاع غزة، حيث تحكم حماس، أو من أماكن أخرى أو من غزة والأماكن الأخرى، مثل اليمن والسودان وغيرهما".
مضيفا أن "هناك صناعة تهريب أسلحة جبارة في الشرق الأوسط، تتورط فيها، ليس فقط تنظيمات الإرهاب وتجار الأسلحة؛ بل أيضا دول وأجهزة استخبارات متعددة، وإسرائيل تتابع ذلك بقلق وتشرك أصدقاءها في المنطقة بالمعلومات بغرض التنسيق وتعزيز مكافحة الإرهاب".
ويرى مراقبون أن «أنصار بيت المقدس» كان ضمن تنظيمات متشددة كثيرة مثل «الجهاد»، و«التكفير والهجرة» لجأت إلى الركن الشمالي الشرقي من سيناء منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي، تزامنا مع مطاردة الجماعات المتطرفة منذ الحادث الشهير لاغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات في عام 1981. وما تبعه من أحداث إرهابية طالت عددا من رموز المجتمع المصري.
وظهر «أنصار بيت المقدس» عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بحكم حسني مبارك؛ لكنه منذ عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية، قام باستهداف خطوط الغاز في سيناء، فضلا عن استهداف العسكريين ورجال الأمن المصري والارتكازات والنقاط الأمينة، إضافة إلى استهداف حافلة سياحية لأجانب بالقرب من مدينة طابا، وفي معبد الكرنك بالأقصر، ومؤخرا استهداف الطائرة الروسية في سيناء.
وحول دور إيران في أمر الأسلحة، قال المصدر الإسرائيلي المطلع: «دعوني أذكركم أنه في مارس (آذار) عام 2011 ضبطت قوة من الكوماندوز البحري الإسرائيلي السفينة Victoria في عرض البحر، وكانت مسجلة بملكية ألمانية، ومحملة بكميات ضخمة من الوسائل القتالية إيرانية الصنع، تم تهريبها عن طريق سوريا وتركيا وكان هدفها حركة حماس في القطاع».
لافتا إلى أن «الجميع يعرف العلاقة الوثيقة بين حماس و(داعش سيناء)، فقد تم شحن السفينة بداية في ميناء اللاذقية في سوريا بوسائل قتالية إيرانية ممزوجة بسلع مدنية، ومن هناك خرجت إلى ميناء مرسين في تركيا، ثم كانت في طريقها إلى ميناء العريش في مصر وعليها حاويات تمّ فيها إخفاء نحو 50 طنّا من الوسائل القتالية». مضيفا: «بعد ثلاث سنوات بالضبط، وفي عام 2014، أمسكت وحدة الكوماندوز نفسها بسفينة الشحن KLOS C، التي حاولت أن تهرب وسائل قتالية من إيران، تم تمرير بعضها جوا، كما يبدو، من سوريا، وخصصت للتنظيمات في سيناء وقطاع غزة».
وقال المصدر الإسرائيلي نفسه: «هناك على أقل تقدير 10 أسواق سوداء رئيسية للسلاح في العالم، تشتمل على كلّ من: مقديشيو في الصومال، واليمن، وبغداد وكركوك والبصرة في العراق، ولبنان، وليبيا، وباكستان وأفغانستان، قسم جدي منها يعتمد على إيران، ولغالبيتها اتصال مع غزة وسيناء».
من جانبها، نقلت وكالة «فارس» الإيرانية، أمس، عن مصدر في وزارة الخارجية، قوله إن مزاعم بعض المواقع الإسرائيلية أن إيران تبيع الأسلحة لـ«داعش» في سيناء «لا أساس لها من الصحة».
ويقول مراقبون إن «عناصر تنظيم داعش سيناء ما زالوا يحتمون داخل كهوف في جبل الحلال، الذي يقع في وسط سيناء، التي حددت فيها اتفاقية (كامب ديفيد) للسلام بين مصر وإسرائيل عدد قوات الجيش المصري وتسليحه».
ويشير الخبراء العسكريون إلى أن «مشكلة الأنفاق الحدودية التي تمتد لنحو 15 كيلومترا بطول الحدود مع قطاع غزة كشبكة عنكبوتية تحت الأرض تُمثل مشكلة كبرى في تعامل السلطات المصرية مع عناصر (داعش سيناء)»، إذ كان يجري من خلالها تهريب البضائع إلى القطاع وقت حصاره من الجانب الإسرائيلي فيما مضى، أما الآن فتدخل من خلالها كثير من الأسلحة والمتفجرات، التي تستخدم في الهجوم ضد القوات المصرية.