اطلقت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مشروع الصحة الإلكترونية (eHealth) الذي يهدف الى وضع البيانات الصحية في متناول الأجهزة المعنية لاستثمارها في الحالات الطارئة وعندما تقضي الحاجة الى ذلك . كما يهدف الى تعزيز التعاون في مجال الصحة الإلكترونية ما بين حكومات الدول الواقعة على ضفتي الأطلسي، وهيئات المعايير الدولية، وشركات الرعاية الطبية ورواد الأعمال وأصحاب المشاريع التجارية.
وفي الترويج لهذا المشروع يمكن ان تتخيل أن سائحا وصل مؤخرا إلى بلد ما في الخارج صدمته حافلة وغاب عن الوعي وتم اسعافه إلى أحدى المستشفيات. الأطباء والممرضون يعرفون اسم المصاب من جواز السفر الذي يحمله لكنهم لا يعرفون شيئا عن تاريخ وخلفية المريض الطبية أو مسببات حساسيته أو العقاقير التي يتناولها أو ظروفه الخاصة الأخرى.
ولكن ماذا لو أن سجل المصاب الطبي الإلكتروني يمكن أن يستخرج بسهولة قبل الجراحة؟ وماذا لو أن الرموز الطبية والتعابير الطبية التي تجمع في بلد ما تطابقت مع تلك التي اعتمد عليها الأطباء في البلد الآخر؟
وتركز حاليا الفرق العاملة على خريطة الطريق على تمهيد الطريق أمام الإيجازات الصحية للأفراد (التي يتحكم المريض بمن يمكنه الوصول إليها). كما عملت الفرق على السبل المثلى لتجنيد وتدريب الموظفين والعاملين في المجال الصحي كي تسير عملية التبادلات عبر الصحة الإلكترونية بصورة كفوءة وفعالة.
ويبدو أن هناك وعدا بمردود حتى أكبر في المستقبل من التعاون عن طريق الصحة الإلكترونية على ضفتي الأطلسي. إذ سيصبح بمقدور مصنعي الآلات الطبية الوصول إلى أسواق جديدة في وقت أقرب في حال تبنت البلدان نفس المعايير والنظم الخاصة بالرعاية الطبية.
في الوقت الذي تكافح فيه الحكومات للتغلب على مشاكل المواطنين من كبار السن والأعداد المتزايدة من الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، يؤمل بأن يتمكن مشروع الصحة الإلكترونية من تقديم رعاية طبية أفضل بأسعار أدنى. وقد سبق أن بدأ هذا المشروع الصحي الإلكتروني بمساعدة شركات المستحضرات الصيدلانية على شمل عدد أكبر من المرضى لإجراء تجارب سريرية على عقاقير لها إمكانات بالحفاظ على حياة الناس.
ويقول خبراء حكوميون إن تفشي فيروسي زيكا وإيبولا يبرز أهمية إلحاحية التعاون الدولي حول البيانات الصحية في العالم الحقيقي.
وفي هذا السياق أعلن جوريس فان دام وهو مبرمج كومبيوتر وباحث صيدلاني في شركة نوفارتيس أن اعتماد نظام الصحة الإلكترونية ظل يسير “بمنتهى البطء”. واعتبر أن المشكلة لا تكمن في بروتوكولات كومبيوترية بل حواجز تنظيمية وتردد المراكز الطبية الأكاديمية مشاركة وتبادل البيانات. وقال فان دام: “هذه المؤسسات لا ترغب في أن يقوم شخص آخر بإجراء بحوث على المرضى الذين تعالجهم.”
رغم ذلك، يظل نظام الصحة الإلكترونية يمثل أولوية قصوى بالنسبة للقطاعين العام والخاص. فوزارة التجارة الأميركية التي تروج للآلات الطبية والمستحضرات الصيدلانية باعتبارها سلعًا تصديرية ذات أولوية، تلعب كذلك دورا رائدا سعيا لاعتماد معايير دولية مشتركة. وعن ذلك قال اختصاصي التجارة الدولية ماثيو هاين: “قابلية التشغيل البيني المتبادل تغذي الإبداع وريادة الأعمال والابتكار.”