قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية، في تحقيق لها عن مصير زعيم «داعش» أبي بكر البغدادي، إنه أصيب بجراح خطيرة العام الماضي، ولم يعلم بالحادث إلا مجموعة من المقربين له، وفريق من الأطباء والممرضين الذين سهروا على علاجه والعناية به.
وأضافت الصحيفة البريطانية إن التحقيق الصحفي، الذي أعده كل من مارتن شولوف وسبنسر إكرمان، وامتد على فترة عام، واستند إلى مصادر أمنية كردية وعراقية وغربية من داخل التنظيم؛ أكد أن الهجوم الذي تعرض له "البغدادي" حصل في بلدة الشرقاط في 18 مارس، وليس غرب العراق كما كان الاعتقاد في البداية، مشيرة إلى أن الشرقاط تبعد 190 ميلًا عن العاصمة بغداد.
ويشير التحقيق إلى أن "البغدادي" أخذ وقتًا طويلًا كي يتعافى من جراحه، حيث قضى ستة أشهر في بلدة الباعج شمال العراق، وليس بعيدًا عن الحدود مع إقليم كردستان.
ويذكر الكاتبان أنه تبين من التحقيق أن زعيم «داعش» عاد إلى نشاطه من جديد، وتولى مسؤولياته بصفته زعيمًا للتنظيم، مشيرين إلى أنه يتحرك اليوم ضمن منطقة ضيقة، تقع ما بين شمال غرب العراق وشمال شرق سوريا، التي لا تبعد عن خطوط القتال القريبة من الأكراد، والتي لا يزال فيها الزعيم.
ونقلت الصحيفة عن الجنرال العراقي خالد حمزة قوله إن البغدادي في حركة دائمة و"يذهب إلى الموصل"، ويتحرك في المنطقة التي ما بين بيليج وباعج وتلعفر، ويؤكد حمزة زيارة "البغدادي" إلى بلدة باعج قبل شهرين، ويقول: "لدينا معلومات دقيقة من داخل المدينة بأنه زار واليها"، مشيرًا إلى أن "البغدادي" يحظى بدعم من القبائل هناك، وأنهم "موالون له، ونعرف أنه في البلدة، وفي ذلك اليوم قاموا بمصادرة الهواتف التي بحوزة الناس قبل وصوله، ولم يكونوا يريدون من أي شخص القيام بإجراء مكالمة".
وكشفت المقابلات التي أجرتها «الجارديان» على مدى عام، أن الجراح التي تعرض لها "البغدادي" ظلت سرًّا، فيما رفضت الولايات المتحدة الاعتراف بالغارة أو الكشف عن محاولة قتله؛ لأن "البغدادي" لم يكن المقصود بعملية الاغتيال، بل كان المقصود شخصًا آخر.
واستندت الصحيفة في روايتها على ثمانية مصادر عرفت بجراح "البغدادي" التي أكدت كلها أنه تعرض لجروح خطيرة، أفقدته القدرة على الحركة، وقضى وقتًا طويلًا يعالج منها.
وقالت «الجارديان» إنها اتصلت بأحد المقاتلين الذين كانوا مع أمير الحرب، أبي عمر الشيشاني، الذي قتل قبل شهرين، مشيرة إلى أن اسم هذا المصدر هو حامد خليلوف، وهو من أوزبكستان وعمل في دابق السورية، وألقي القبض عليه في بيجي قرب الشرقاط في أغسطس 2015، وقال إنه ذهب مع الشيشاني لمقابلة البغدادي في باعج، حيث كان يتلقى العلاج.
ويذكر الكاتبان أن "خليلوف" قدم تفاصيل عن اللقاء للمحققين العراقيين، كما رد على أسئلة وجهتها له الصحيفة البريطانية، لافتين إلى أنها اتصلت بأربعة مصادر تأكدت من صحة المعلومات التي قدموها، بالإضافة إلى مسؤولين غربيين على معرفة بالجراح التي أصيب بها "البغدادي" وشفائه منها.
وينقل التحقيق عن مسئول أمني قوله: "أعرف أن البغدادي أصيب بجراح، ولم يكن حادثًا قاتلًا". وأضاف أن البغدادي "يتحرك الآن، لكنه أخذ وقتًا طويلًا في العلاج، ونعرف عن تحركاته اليوم أكثر من الوقت الماضي".
وتشير الصحيفة إلى قصة تعرض "البغدادي" لحادث تبادلتها خمس وكالات أجنبية: نيوزلندية وأمريكية وأسترالية وبريطانية وكندية، مشيرة إلى أنها قامت بمشاركة مخابرات دول أخرى بها، مثل العراق والسعودية ودول الخليج، بالإضافة إلى أكراد العراق.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن الشهادات تلفت إلى أن "البغدادي" يتحرك الآن في شمال العراق وشمال شرق سوريا، وشوهد في الأشهر الستة الماضية في مدينة الشدادي السورية والمدينة الحدودية البوكمال، وتقول إن هناك أدلة قوية على زيارته إلى الباعج وتلعفر والعباسية، بالإضافة إلى الموصل.