تختلف الصواريخ "كروز" التي تطلق من القطع البحرية عن الصواريخ البالستية التي تطلق من منصات برية ومسارها منحني على ارتفاعات عالية، اما الصواريخ الكروز فطيرانها افقي وعلى علو منخفض وفق مسارات ملتوية معقدة، وإصابة أهدافها تكون دقيقة لتوجيهها بواسطة أنظمة توجيه متطورة.
دخلت روسيا مجال صناعة صواريخ الكروز لتنافس الولايات المتحدة الأميركية المنتجة لصاروخ "توماهوك" الذي أستعملته في حروب الخليج، أفغانستان، ليبيا، واليمن. فأنتجت روسيا صاروخ كروز مخصّص للهجوم على أهداف برّية ومداه يصل إلى 1550 ميل، وتسميته .“ 3M 14- Kalibr “
أجرت روسيا في تموز 2014 تجربة صاروخها الكروز على أهداف برّية، فاتهمتها أميركا بمخالفة معاهدة عام 1987 التي تحظّر على اميركا وروسيا إطلاق صواريخ باليستية وكروز مداها من 300 الى 3400 كلم.
كشفت روسيا عرضياً في صيف 2015 عن مشاكل حصلت في صاروخ kalibr أثناء إجرائها مناورة رماية بهذا الصاروخ في مرفأ سيفاستول بالقرم، إذ انفجر أحد الصواريخ على مسافة غير بعيدة من سفن الإطلاق.
بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا، أطلقت روسيا في7 أوكتوبر/تشرين الأول 2015، 26 صاروخ كروز kalibr وصرّحت أن الصواريخ أصابت اهدافها بدقّة بعد طيرانها على علو منخفض فوق غرب إيران وشمال العراق قبل وصولها إلى اهدافها في شمال حلب والرقة وغرب إدلب.
إلاّ ان الأميركيين أعلنوا أن أربعة من الصواريخ الروسية سقطت في منطقة ريفية شمال إيران دون معرفة مكان السقوط بالتحديد ولا معرفة الخسائر، ويؤكد الأميركيون هذا السقوط إستناداً لمصادرهم التقنية للمعلومات من رادارات وصور الأقمار الإصطناعية. وأعقب ذلك إنتقاد وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر ما أسماه عدم المهنية للتدخل العسكري الروسي لإطلاقهم الصواريخ الكروز دون إنذار مسبق للدول التي ستمرّ فوقها الصواريخ.
نفى الروس والإيرانيون سقوط صواريخ روسية في إيران، ووصفوا ذلك بحملة كاذبة من الأميركيين لتشويه الدعم الروسي للنظام السوري وأدرجوه ضمن الحرب النفسية ضد التحالف الروسي الإيراني، والنظام السوري.
تكهّن الأميركيون بأن روسيا أرادت إظهار قدراتها الصاروخية للعالم، لإعتبار أن أهداف صواريخ الكروز تكون عادة أسلحة ثقيلة من مضادات الطائرات وما يماثلها، وهذا ما لا تمتلكه مجموعات المعارضة السورية.
وما يؤكد الإخبار الأميركي عن سقوط الصواريخ الروسية تناقل وسائل التواصل الإجتماعي في إيران خبر سماع دوّي إنفجارات حصلت شمال غرب إيران يوم الإربعاء 7 تشرين الأول 2015 ، وقد تحطمت زجاج كثير من النوافذ في تلك المنطقة. وكذلك مما يدعم خبر الأميركيين هو ما صرّح به بعض المسؤوليين الروس بأنه المشاكل التي تحدُث مع الصواريخ kalibr غير معروفة لإنها لم تُطلق قبلاً في حربٍ سابقة، وإن إطلاقها الأخير من بحر قزوين يُعدُّ الإختبار الحقيقي العملاني الأول، إذ أن روسيا لم تكن قد أمتلكت بعد المقدرة الكاملة للتحكّم بهذه الصواريخ وتوجيهها بدقة إلى أهدافها.
ويقول المحللون العسكريين الروس أن روسيا تستخدم الصراع في سوريا لإختبار جيلاً جديداً من الأسلحة المصنّعة حديثاً، مثل الرادارات، أنظمة المراقبة، والصواريخ الكروز وغيرها، فهم يعتبرون أن مدى الرمي الذي فُتِحَ أمامهم في سوريا هو المدى المناسب لإجراء الإختبار والضبط الدقيق للأسلحة الجديدة الروسية وأهمها صواريخ الكروز.Kalibr-NK
كل ذلك يقودنا للقول أن الإنكار الروسي لسقوط 4 صواريخ كروز خلال إطلاق 26 صاروخ من بحر قزوين الى أهدافٍ في سوريا، ما هو إلاّ إخفاء لنتائج تجربتها الأولى في الحرب السورية، وكانت نسبة فشلها 25% .
من المبكر الحكم على نجاح الصاروخ أو فشله ولكن من المؤكّد أن روسيا ستعمل على معالجة المشاكل التي حصلت لرماية الصاروخ الكروز kalibr-Nk لترتفع نسبة تحقيق إصاباته لأهدافه، ولتقترب من منافسة الصواريخ الأميركية توماهوك.