شن جيش النظام المدعوم بغطاء جوي روسي يوم الخميس هجوماً جديداً على مناطق في شمال حلب مهدداً بقطع طريق حيوية إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة بالمدينة في قتال ألقى بظلال جديدة على محادثات السلام في جنيف.
وأصبح تصاعد القتال في سوريا في الفترة الأخيرة لاسيما حول مدينة حلب بشمال البلاد أكبر تحد حتى الآن لاتفاق وقف العمليات القتالية الذي تم التوصل إليه في فبراير شباط وزاد من قتامة الوضع في حين تجتمع الأطراف المتحاربة في جنيف.
وفي تحديد لموقفها التفاوضي قالت الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة الرئيسية في سوريا لرويترز إنها مستعدة للمشاركة في هيئة حكم انتقالي مع أعضاء حاليين من حكومة الرئيس بشار الأسد ولكن أكدت رفضها لأي دور للأسد نفسه.
واستبعدت الحكومة التي تتلقى الدعم العسكري من روسيا وإيران أي مناقشة تتعلق بالرئاسة. ورفضت موسكو وطهران كذلك ما تعتبرانه جهودا غربية لتحديد مستقبل الأسد بشكل مسبق.
وتبادلت الأطراف المتحاربة الاتهامات فيما يتعلق بالقتال الدائر ودفعت باتفاق وقف الأعمال القتالية الذي يهدف لتهدئة المناخ قبيل محادثات جنيف إلى نقطة الانهيار.
وإضافة إلى الهجوم على حلب وردت أنباء عن ضربات جوية حكومية مكثفة قرب حمص حيث وصفه طبيب بأنه القصف الحكومي الأعنف منذ بدء سريان اتفاق وقف العمليات القتالية.
وفي حلب انصب هجوم القوات الحكومية وحلفائها على المنطقة المحيطة بمخيم حندرات المطل على نقطة دخول للمدينة يسيطر عليها المعارضون. وحلب نفسها مقسمة إلى مناطق تسيطر على بعضها الحكومة وعلى البعض الآخر المعارضة.
وقال عبد الله عثمان رئيس المكتب السياسي للجبهة الشامية وهي من جماعات المعارضة إن التصعيد بدأ خلال الليل وإن المنطقة على قدر كبير من الأهمية وإنه إذا “تقدم النظام” فإن هذا سيعزز قبضته على حلب.
قصف روسي “عنيف للغاية”
قال عثمان إن القصف كان روسيا وعنيفا للغاية. وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يرقب تطورات الحرب في سوريا ذلك.
وذكر التلفزيون الحكومي أن الجيش سيطر على الجزء الشمالي من مخيم حندرات بعد معارك ضارية مع جماعات مسلحة وقتل عددا من المسلحين.
ويحظى المخيم بأهمية استراتيجية لوقوعه على هضبة مطلة على طريق رئيسية تقود إلى أحياء بالمدينة تسيطر عليها المعارضة.
وشنت الحكومة وحلفاؤها عددا من الهجمات الكبيرة في منطقة حلب قاطعين أقصر خط إمداد بين المعارضين وتركيا في فبراير شباط. لكن المعارضين ما زالوا يسيطرون على مناطق حول المدينة منها مشارفها الغربية.
ويتصاعد القتال حول حلب منذ أسبوعين لاسيما جنوبي المدينة حيث تخوض القوات الحكومية مدعومة بجماعة حزب الله اللبنانية ومقاتلين آخرين معارك شرسة مع المعارضين ومنهم مقاتلو جبهة النصرة.
ولا يشمل اتفاق وقف العمليات القتالية جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.
وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متحدثا في موسكو إلى إن مقاتلي المعارضة انتهكوا الهدنة في محاولة لاستعادة مناطق خسروها وقال “المعارضة تحاول استعادة ما خسرته.”
وقال بوتين الذي قرر الشهر الماضي سحب جزء من القوات الروسية في سوريا إن موسكو تركت دمشق في وضع يمكنها من شن هجمات كبيرة.
وذكر الطبيب محمد الشمسي إن ضربات جوية في حمص أصابت خمس بلدات وقرى وقتلت شخصا وأصابت عددا من الأشخاص بجروح في تلبيسة.
وأضاف الشمسي أن غارات شنت على تلبيسة والحولة.
ويواجه معارضون في شمالي حلب هجمات منفصلة من تنظيم الدولة الإسلامية الذي يحاول استعادة مناطق على الحدود مع تركيا خسرها في الأيام الأخيرة لصالح جماعات معارضة أخرى مدعومة من تركيا.
المعارضة تريد سماع مقترحات الحكومة بشأن الأسد
تهدف مباحثات جنيف لوضع حد للحرب التي أودت بحياة ربع مليون شخص وخلقت أسوأ أزمة لجوء عرفها العالم وسمحت بصعود تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستافان دي ميستورا إنه يرغب في أن تركز المباحثات على قضية الانتقال السياسي وهي واحدة من أهم القضايا الخلافية في ظل إصرار المعارضة وداعميها على ضرورة تنحي الأسد في بداية العملية.
وقال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات في مقابلة إن هناك العديد من الأشخاص على الجانب الآخر الذين يمكن التعامل معهم. وأضاف أن الهيئة لن تعترض ما داموا لن يرسلوا “مجرمين” تورطوا في قتل السوريين.
وتريد المعارضة أن تدير المرحلة الانتقالية سلطة حكومية بصلاحيات تنفيذية كاملة. لكن دمشق أشارت إلى أن أقصى ما يمكنها طرحه هو “حكومة وحدة” بمشاركة المعارضة وكتابة دستور جديد.
ويقول داعمو الأسد وبينهم إيران إنه من الضروري السماح له بالترشح في أي انتخابات رئاسية في المستقبل.
وقال بوتين “من الضروري – من أجل أن يوافق الجميع ويقبلوا بالجلوس لمائدة التفاوض- القبول بالدستور وأساس الدستور هو إجراء انتخابات. هذا هو السبيل للخروج من الأزمة.”
وقال المسلط إن المجال لا يزال يتسع للتفاوض بشأن كيفية التعامل مع رحيل الأسد. وقال إنه من أجل التوصل لحل ولمساعدة جميع السوريين فعلى الحكومة تقديم اقتراحات يشأن ما تريده بالنسبة للأسد وأن تتم مناقشته.