قبل أيام من عقد أكبر مؤتمر للدفاع هذه السنة، كشف واحد من مخططي الجيش الأميركي عن وجود مساع حثيثة لتوسيع القدرات العسكرية خارج النطاق التقليدي الممتد من الأرض إلى الجو، والبحر، والفضاء، والفضاء الإلكتروني.
وبالرغم من قرار تقليص ميزانية الدفاع الامريكية إلا أن الجيش يقوم بإعطاء الأولوية للاستثمارات الجديدة المتخصصة بإسقاط الطائرات بدون طيار، وقرصنة الشبكات وتشويش الإرسال، وحتى إغراق السفن في عرض البحر.
وقال الجنرال ه.ر. ماكماستر مدير الموارد البشرية، والمحارب المتمرد الذي يعمل في لواء بيركنز كرئيس للجيش المستقبلي "إن التهديد الذي يقود استراتيجية العمل الخارجي للجيش الأميركي هو صعود وتقدم الصين وروسيا، إن "منافسة الأنداد" هذه أصبحت أكثر عدوانية وأكثر قوة، على حد سواء، فالدولتان تعملان على تحديث جيشيهما أضف إلى ذلك العمليات لبسط السيطرة على أراضٍ في شبه جزيرة القرم، وبحر الصين الجنوبي.
رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال البحري جو دانفورد، كان قد أطلق على روسيا لقب "أكبر تهديد محتمل لنا"، ودعا إلى اتباع نهج استراتيجي جديد لا يفتقد للخطوط القضائية المصطنعة بين المسارح الجغرافية، أو حتى بين الحرب والسلم - وهي الخطوط التي لا يحترمها خصومنا.
روسيا والصين وحتى القوى الأقل مثل إيران تستثمر في شبكات معقدة ومتطورة من الصواريخ بعيدة المدى وأجهزة الاستشعار بدعم من الغواصات والطائرات المقاتلة، والألغام، وصولا إلى اكتشاف وتدمير السفن والطائرات التابعة للولايات المتحدة ضمن نطاق يمتد لمئات الأميال، وهي تشكل خطراً جدياً على القوات الأميركية المنتشرة في أراضي الحلفاء مثل دول البلطيق وبولندا وتايوان.
ماكماستر لم يتردد في الكشف للصحفيين عن أن الجيش تنبه لكونه متأخراً في بعض النقاط الحساسة، وحالياً لم يعد باستطاعة قطاعات الجيش الاعتماد على جهات خارجية لتقوم بمهام كان من المفترض أن تكون قادراً على القيام بها، ففي أفغانستان والعراق، كان مشاة البحرية يقومون بالتنصت على إرسال العدو، وتشويش إشارات القنابل التي زرعت على جانب الطريق، وإجلاء الضحايا ناهيك عن الحفاظ على الأجواء نظيفة من طائرات العدو، كان من المفترض أن تكون القوات البرية منذ بداية الصراع، قادرة على الصمود في منطقة الحرب من تلقاء نفسها.
الجيش الأميركي يعتمد على منظومات الصواريخ المتطورة ففي المجال الدفاعي، يعتبر الباتريوت وبطاريات ثاد عنصرين حاسمين لردع القوة الجوية للعدو كقاذفات القنابل والصواريخ الباليستية - من تدمير القواعد الجوية والموانئ وفي المجال الهجومي، يمكن لصواريخ ATACMS والصواريخ الطويلة المدى (LRPF)، ضرب مطلقي صواريخ العدو والرادارات، ومراكز القيادة على الأرض، الآن تخيل إضافة نوع من القدرة المضادة للسفن لضرب الاهداف في عرض البحر. وهذا يمكن أن يكون إما صواريخ كروز المضادة للسفن أو قذائف مدفعية غريبة مثل المضادة للسفن أو ذات سرعة القذيفة المفرطة (HVP)، وعلى الرغم من أن ماكماستر لم يحدد أي منها. إلا أنه دعا لتخيل إضافة قدرات الإنترنت والحرب الإلكترونية للإختراق والتشويش على شبكات القيادة التي تحمل أجزاء متباينة من نظام A2 / AD معا، ولكن يبقى من غير الواضح ما هو السلاح المضاد للسفن الذي سوف يستخدم في المستقبل .
وعلى المدى القريب، يقوم الجيش بالتركيز على الدفاع عن النفس مع نظام جديد مضاد للطائرات - على وجه التحديد نظام مكافحة الطائرات بدون طيار. استخدمت القوات الروسية في أوكرانيا طائرات بدون طيار رخيصة لاكتشاف الأهداف للمدفعية الثقيلة، ذات آثار مدمرة. ولكن الجيش الأمريكي قام منذ زمن طويل بحل جميع وحدات الحرب الالكترونية التي يمكن أن تشوش وصلات تحكم الطائرات بدون طيار، كما قام بحل معظم وحدات دفاعها الجوي قصيرة المدى (SHORAD)، مستثمرا بدلا عن ذلك في الدفاعات الصاروخية الراقية مثل باتريوت وثاد. وقال ماكماستر، يقوم الجيش بإعادة برمجة أجهزة الرادار الموجودة لديه على التقاط هذه الأهداف "المنخفضة والبطيئة" وكذلك الاستثمار في كل من أجهزة التشويش الجديدة، والليزر ذات الطاقة العالية لننطلق بها إلى السماء.
"نحن قادرون على تسريع قدراتنا في الجيش بطريقة لم نكن قادرين على فعلها في الماضي"، قال ماكماستر، متحدثاً عن تعاون جديد بين متطلبات الجيش ومسؤولي الاستحواذ وباحثي المختبرات، وقادة العمليات، لإحداث تغييرات لا تتطلب حتى تكنولوجيا جديدة، ولكن فقط استخدام ما هو موجود بالفعل في الخدمة حاليا ولكن بشكل مختلف.
ويستمر الجيش جنبا إلى جنب مع كل هذه المهمات في الجو والبحر والفضاء الإلكتروني، في الاستثمار في النظم الأرضية، من العربات المدرعة الحديثة خفيفة الوزن، إلى القنابل الموجهة بدقة، إلى الطائرات بدون طيار المصغرة التي تقف على أعلى النخيل.
وأكد ماكماستر على أن الاتجاه الحالي يسير نحو معركة متعددة الجبهات تختلف كثيرا عن ماشهده عصر "التحول" من العام 1990 حتى بداية العام 2000 ، عندما كانت أميركا منشغلة جدا في الشؤون العسكرية"، وتحلم بحروب بعيدة المدى عالية التقنية، وغير دموية، أما اليوم يبدو أننا سنبدأ بمعركة قتال متلاحم.
وختم ماكماستر في الواقع، قد تصبح المعارك البرية بالنسبة لنا أكثر أهمية عندما يتعلم الخصوم كيفية مواجهة القوة الجوية لدينا، كأن يتمكن أعداؤنا من اتخاذ غطاء في المدن، والغابات، وغيرها من "التضاريس المعقدة"، للقيام بعمليات التشويش على ما لدينا من صواريخ وأجهزة استشعار طويلة المدى نستخدمها للحفاظ على طائراتنا على بعد مسافة، "عندها فقط يعني ذلك أننا ذاهبون إلى معركة قتال متلاحم، وسوف يتوجب علينا أن نشتبك مع العدو وندمره.