مع بدء انتشار صور قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني على مواقع التواصل الإجتماعي الأسبوع الماضي، بدا، بحسب كبير محرري مجلة ويكلي ستاندارد الأمريكية لي سميث، أن حملة عسكرية إيرانية ستبدأ في مكان ما في الشرق الأوسط.
وفعلاً، لم يمض وقت طويل حتى استهدفت الميليشات الشيعية المدعومة من إيران والحرس الثوري ووحدات فيلق القدس وميليشيات الباسيج، مدينة الفلوجة ذات الغالبية السنية والتي يسيطر عليها داعش. وإذا تمكن سليماني والحرس الثوري من القضاء على مقاتلي داعش، على غرار ما فعل في حملة تكريت، فإن ذلك سيكون خصوصاً بفضل الحملة الجوية الأمريكية.
ففي غفلة من الجميع، يقول سميث، جمعت إدارة أوباما المصالح الأمريكية والإيرانية في حزمة واحدة.
"سرطان الفلوجة"
فمع أن البيت الأبيض يقول إنه يقاتل داعش، إلا أن شركاءه الإيرانيين والمدعومين من إيران يقولون إن هذه الحرب هي لقتل السنة. وينسب سميث إلى قائد ميليشيا شيعية تدعمها إيران إن "لا وطنيين حقيقيين ولا مسلمين حقيقيين في الفلوجة... إنها فرصتنا لتنظيف العراق باستئصال سرطان الفلوجة".
وفي رأي الباحث ليس هذا هو نوع الحلفاء الذي يتعين على أمريكا التنسيق معه، إذ يبدو أن الولايات المتحدة تساعد فريقاً في حرب طائفية ضد الغالبية السنية في المنطقة.
ويؤكد سميث أنه لا يمكن لأمريكا أن تقضي على داعش، إلا إذا تمكنت من إقناع زعماء السنة العرب، وتحديداً زعماء القبائل، بالانضمام إلى القتال. فهؤلاء وحدهم يملكون القوات المحلية والمعلومات التي تتيح استئصال داعش. ولكن الواضح أن أي زعيم قبلي لن يسمح لإخوانه بفتح حرب أهلية سنية يمكن أن يستفيد منها الشيعة والإيرانيون.
التحرك ضد الجماعات الشيعية
وللقضاء على داعش، يقول سميث إن على الولايات المتحدة التحرك ضد الجماعات الشيعية التي تمارس الإرهاب ضد السنة "ولكن هذا لن يحصل مع هذا البيت الأبيض للأسباب نفسها التي منعت الإدارة الأمريكية من التحرك لخلع الرئيس السوري بشار الأسد، ذلك أن أوباما لا يريد إغضاب الأسياد الإيرانيين.
إلا أن سميث يلفت إلى أن الولايات المتحدة لا تستطيع الإنتصار في الحملة ضد داعش بالانحياز إلى الإيرانيين، معتبراً أنها حرب زائفة، وحملة البيت الأبيض على داعش هي غطاء لإعادة اصطفاف سياسي.
ويضيف أن أمريكا وإيران تتفقان، وإن يكن لأسباب مختلفة، على أن داعش سيء حقاً، لذا هما حليفتان في هذه المعركة التي توفر لكل منهما فرصة للتعود على واقع جديد وهو أن أمريكا تتحالف مع إيران.
الواضح أن أوباما يريد الانسحاب من المنطقة لأسباب صارت معروفة. والمصالح الأمريكية في المنطقة التي كانت استراتيجية لم تعد أساسية كما كانت قبل 40 سنة. ومن منظور أوباما، ليس استخدام أمريكا القوة في الشرق الأوسط مفيداً لا لبلاده ولا للمنطقة.
تبديل التحالفات
إلا أن سميث يرى أن أوباما ليس مراقباً محايداً قرر ترك حلفاء أمريكا أو الركاب المجانيين كما سماهم، لمهب الريح والتحول إلى الاهتمام بشؤون بلاده الداخلية، فهو بدل تحالفاته، ووقف في صف الفريق الخصم منذ سنوات، وجند حكومة الولايات المتحدة، بما فيها قواتها المسلحة والأجهزة الاستخباراتية والجهاز الديبلوماسي، إلى جانب إيران.
تسريب أنباء الغارة الإسرائيلية
ويلفت الباحث إلى أن الأدلة على إعادة الاصطفاف واضحة منذ نصف عقد، إذ سرب البيت الأبيض معلومات عن غارات إسرائيلية على قوافل أسلحة إيرانية تعبر سوريا في طريقها إلى حزب الله. وأثار الأمر غضب إسرائيل التي خشيت من أن تحرج الدعاية أعداءها وتدفعهم إلى سن حرب.
مليارات الدولارات
ويضيف أن الإدارة الأمريكية وفرت لوحدة من الجيش اللبناني يسيطر عليها حزب الله معلومات استخباراتية. وعندما قرر البيت الأبيض أخيراً دعم الثوار السوريين، فعل ذلك شرط أن يقاتلوا داعش فحسب، لا قوات الأسد وحلفاءه. وطبعاً يكمن الدليل الرئيسي على تغيير أوباما تحالفاته في كون الاتفاق النووي مع إيران لم يكلف طهران شيئاً، وإنما أغرقها بمئات مليارات الدولارات، وهو المال الذي يمكنها استخدامه لشن حروب على السنة في سوريا والعراق. فعندما تخلى أوباما عن السيطرة على تلك المبالغ التي كانت مجمدة، عزز قدرة إيران على شن حروب. ولو كان أوباما جدياً في وقف الحرب في سوريا، كان اشترط انسحابها الكامل من هناك لتحرير أموالها، ولكن الوضع ليس كذلك.
كيري مصرفي لإيران
وفي الوقت الذي تطالب فيه طهران بأموالها، تبذل إدارة أوباما كل ما في وسعها لمساعدتها. ولهذا السبب تحول جون كيري في رأي سميث "المصرفي الاستثماري لإيران"، معتبراً إنها نقطة سوداء للديبلوماسية الأمريكية وأمريكا. وذكر بأنه في الحرب العالمية الثانية، أقرضت الولايات المتحدة الحلفاء مالاً ومعدات لمحاربة النازيين، أما في النزاع الأكبر في القرن الحادي والعشرين فقد "حررت إدارة أوباما مليارات الدولارات لإيران لتستخدمها في حربها ضد العرب السنة. لماذا. لأن أوباما يعتبر إيران حليفاً".
ويخلص سميث:"هذا هو السياق الذي يجب أن يفهم فيه الاتفاق النووي الشهير لأوباما. إنه ليس إلا اتفاقاً غير متكافئ في جزء منه في شأن البرنامج النووي العسكري الإيراني، وهو خصوصاً اتفاق شركة. الاتفاق هو مسودة لإعادة ترتيب المصالح الأميركية مع إيران، ونحن نراه يتحقق على الأرض في الفلوجة".
المصدر: موقع 24 الإماراتي