لم تستفق بريطانيا بعد من صدمة الاستفتاء على الخروج من الإتحاد الأوروبي، وها هي على موعد بعد غد الأربعاء مع استحقاق جديد ليس معروفاً بعد حجم الصدمة التي سيحدثها.
صار بمثابة قول مأثور أن تحقيق تشيلكوت الذي أنشئ عام 2009 للنظر في دور بريطانيا في حرب العراق، استغرق وقتاً أطول من الحرب نفسها. والتقرير النهائي المؤلف من 2,6 مليوني كلمة والمتوقع صدوره الأربعاء، هو أطول من "الحرب والسلام"، الأعمال الكاملة لشكسبير، والكتاب المقدس معاً.
وتقول صحيفة إندبندنت إن السؤال الذي يردده الجميع هو هل يستحق التقرير كل هذا الانتظار والإسهاب؟
عندما أعلن رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون إنشاء لجنة التحقيق، كانت قد مرت ستة أسابيع فقط على آخر مهمة للقوات البريطانية في البصرة. في حينه، كان التورط البريطاني في نزاع كان قد بدأ قبل ذلك بست سنوات، يثير سجالاً كبيراً. وكان كثيرون، بمن فيهم إندبندنت يعارضون الحرب منذ بدايتها. وبمنح أعضاء لجنة التحقيق صلاحيات واسعة، بدا أن رئيس الوزراء يتجاوب مع مطالبات عامة بتدقيق بأسباب ذهاب البلاد إلى الحرب وسبب استنزاف النزاع كل هذا الوقت والدماء.
في الواقع، تقول الصحيفة البريطانية، إن تحقيقاً في تلك الحرب كان ضرورياً، إذ كان مفترضاً أن تكون قصيرة ومحددة مع هدف بسيط لضمان تغيير النظام. ولكن بينما كانت تكتيكات الصدمة والرعب كافية لخلع صدام حسين وسحق الجيش العراقي، سرعان ما اتضح أنه لم يكن هناك أية خطط لضمان إقامة سلام دائم في البلاد.
وأكثر من ذلك، تبين أن الذريعة المعلنة لغزو العراق- وهي الاعتقاد أن صدام امتلك أسلحة دمار شامل تشكل تهديداً مباشراً للغرب- لا أساس لها.
وباختصار، تقول الصحيفة إن بريطانيا أُخذت إلى حرب بناء على ذريعة مغلوطة، وحاربت فيها من دون استراتيجية خروج مناسبة، أو من دون التجهيزات المناسبة للنزاع. لذا، تطلبت تلك السلسلة الكارثية من سوء التقدير إعادة نظر صحيحة.
ومع ذلك، تشير الصحيفة أنه سيكون ثمة من يتساءل عن أهمية نتائج تقرير تشيلكوت بعد سبع سنوات، وخصوصاً أن التطورات الجيوسياسية بعد النهاية النظرية للحرب حولت المشهد في كل من العراق والمنطقة الأوسع في شكل كبير. وحل الربيع العربي ورحل، وغرقت سوريا في حرب أهلية لها تداعيات عالمية، وسيطر داعش على مساحات شاسعة من العراق. فإذا كان تقرير تشيلكوت سينظر في الفترة المنتهية عام 2009 فحسب، سيكون علينا استخلاص نتائجنا الخاصة في شأن الصلة بين تلك الحرب والكآبة التي رأيناها مذذاك.
ومع ذلك، تقول الصحيفة، يمكن هذا التحقيق أن يستخلص دروساً مهمة. وعلى الأقل يحق للعائلات التي خدم أولادها في القوات المسلحة البريطانية أن تعرف أسباب عدم تزويد الجنود بتجهيزات مناسبة في مواجهة قنابل بدائية وتكتيكات أخرى.
وتأمل إندبندنت أيضاً بأن يقدم التقرير نظرة واسعة عن الإخفاقات المتعلقة بالتخطيط التي تسببت بتفاقم النزاع. وإذا كان على بريطانيا مواجهة احتمال التورط في هجوم بري ضد عدو بعيد مجدداً، "علينا ألا نكرر أخطاء العراق".
ومع ذلك، قلة تتوقع أن ينطوي تقرير الأربعاء على أحكام دامغة أو معلومات صادمة، إذ سبق لبريطانيا أن شهدت وضعاً مشابهاً مع تحقيقي "هاتون" عام 2003 و"باتلر ريفيو" عام 2004 اللذين شكلا خيبة واعتبرا بمثابة "تبرئة" للحكومة.
قد يكون تحقيق تشيلكوت حظي بصلاحيات أوسع للتحقيق مع شهود والإطلاع على أدلة موثقة، إلا أنه ليس محسوماً بعد ما إذا كان سيتوصل إلى خلاصات مختلفة في شأن الحرب. ومع ذلك، إذا كان ثمة وقت مناسب للصدمات في السياسة البريطانية، فإنه بالتأكيد الآن.