عبدالله الجنيد |
وفي 19 أغسطس 2016 أعلنت البحرية الروسية أن فرقاطتها (ياروسلاف مودري) سوف تغادر جيبوتي للقيام بمهمة روتينية في القرن الأفريقي، إلا أنها دخلت خليج عدن فورا.
الفرقاطة ياروسلاف مودري أنهت في يوليو الماضي مهامها في البحر الأبيض المتوسط ضمن وحدات الأسطول الروسي الداعم للعمليات العسكرية الروسية في سوريا، إلا أن هذه الفرقاطة قد غادرت المتوسط على نغمة عالية جدا. فقد أوكل لقائدها القيام بامتحان كسر الطوق الأمني حول حاملة الطائرات الأمريكية أيزنهاور لمسافة خمسة أميال في مناورة خطيرة جدا تحت ادعاء أن «أجهزة التحكم فيها خارج السيطرة».
مما اضطر المدمرة الأمريكية جريفلي من الاقتراب منها مسافة 70 مترا للتحقق من ذلك، واختبار صحة الادعاء عبر القيام بمناورة لا يمكن أن توصف إلا بالاستفزازية لإجبار قائد الفرقاطة الروسية على إعادة التفكير في الأوامر الموكلة إليه أو إثبات أن أجهزة التوجيه لديه تعاني من خلل حقيقي.
إذن نحن أمام سفينة وقبطان قادرين على الاضطلاع بمهام خاصة في منطقة عالية التوتر، خصوصا بعد دخول العمليات العسكرية في اليمن، وتحديدا اقتحام صنعاء نقطة اللا عودة. وكلنا يعي أن القرار السياسي بإنجاز اقتحام صنعاء الآن لم يعد قابلا للتعديل أو التأجيل.
وما زيارة نائب وزير الخارجية الروسي باجدنوف إلى السعودية ومغادرته لها يوم الاثنين بعد لقاءات عالية المستوى بقيادتها السياسية إلا دليل على أن نافذة الحل السياسي مع انقلابيي صنعاء قد أغلقت. بدورها أكدت الإدارة الروسية أن انضمام الفرقاطة ياروسلاف مودري إلى قطع الأسطول الروسية العاملة في منطقة القرن الأفريقي هو تأكيد لالتزامها بمحاربة القرصنة.
لكن ما فات على الإدارة الروسية أن لا أعمال قرصنة قد سجلت حديثا، وأن الأعمال المهددة للأمن والملاحة الدولية في منطقة القرن الأفريقي تتمثل في أعمال تهريب السلاح والمقاتلين من منطقة القرن الأفريقي إلى اليمن. وأن أغلب تلك العمليات المسجلة من قبل القوة الدولية المشتركة الموكل إليها مكافحة القرصنة وتهريب السلاح هي مسجلة ضد سفن إيرانية.
الإدارة الروسية الآن تضع التحالف العربي أولا والأمم المتحدة ثانيا أمام تحد كبير لن يخدم الاستقرار في خليج عدن أو منطقة القرن الأفريقي. وقد يعتبر البعض أن القرار الروسي الذي أتى على خلفية القرار الأمريكي بسحب العسكريين الأمريكيين من العاملين كفريق ارتباط لدى التحالف العربي مؤشر تصعيد، وهو كذلك.
لكن ما تستوجبه القراءة هو فهم أن اليمن مسرح عمليات مشترك للتحالف العربي لدعم الشرعية، في حين أن الولايات المتحدة تقوم بعمليات خاصة ضد التنظيمات الإرهابية في حضرموت وأبين.
نقطة الاختلاف بين التحالف العربي والولايات المتحدة تكمن في الأهداف.
فهدف الولايات المتحدة هو اقتناص القيادات الإرهابية، مما نتج عنه انحرافات في الأهداف العسكرية للتحالف العربي، وأول ذلك تهديد أمن عدن بشكل مباشر. فأولويات التحالف العربي الآن إعادة الاستقرار، ثانيا اجتثاث الإرهاب، ثالثا توفير الدعم الإغاثي والإنساني، ورابعا وأخيرا الإسهام في إطلاق مشروع الدولة حسب مخرجات المصالحة الوطنية.
الخطوة الروسية لن تعطل الأهداف السياسية للتحالف العربي في اليمن، لكنها بالتأكيد تهدف إلى خلط الأوراق ليس إلا، وإن كانت دبلوماسيتها ستعتمد على صواريخها الجوالة «كروز» من فئة كاليبر فإنها ستحصد الريح، كما كان لصواريخ سكود على الحد الجنوبي.
المصدر صحيفة مكة