عبدالله الجنيد |
تستلزم استراتيجية "تحريم المكان / قابلية النفاذ" توظيف سلاح نوعي كصاروخ "قادر" الايراني ( النسخة الايرانية من الصاروخ الصيني C-802 ) و الذي استخدمه الحوثيون في استهدافهم الاجرامي لسفينة الامداد الإغاثي الاماراتية "سويفت Swift" في البحر الاحمر بتاريخ 1 أكتوبر الجاري . فذلك الاستخدام مثل نقلة نوعية في مستوى التهديد لسلامة الملاحة في المياة الدولية من قبل تنظيمات تابعة لإيران . الا ان استهداف الحوثيون الأحد الماضي للمدمرة الامريكية ماسون Mason و سفينة الدعم القتالي بونس Ponce بصاروخين مماثلين ادخل تنظيم الحوثي و ايران دائرة الدول و التنظيمات المارقة .
فهذا التصعيد غير المسبوق و بهذا النوع من الأسلحة في ممر مائي دولي بحيوية باب المندب لا يمكن القبول به خصوصا و ان مدى هذا الصاروخ يتجاوز 200 كيلومتر في حين ان اقصى اتساع (عرض ) بين ضفتي البحر الاحمر هو 306 كيلومتر . فحيازة الحوثي لذلك السلاح في منطقة باب المندب يختلف عن حيازة حزب الله لنفس السلاح على ضفة البحر الابيض المتوسط ، علما ان هذا السلاح يدار بأطقم إيرانية والأوامر بأستخدامة تصدر عن رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني شخصيا . و يجدر التنويه ان ايران طورت ثلاث نسخ من صاروخ "قادر" ، الاولى لأسطولها بما في ذلك القوارب السريعة المستخدمة من الحرس الثوري ، النسخة الساحلية ( الذي استخدمة الحوثيون مؤخرا ) ، النسخة البرية تحت اسم سومار Sumar ، و ان هذا الصاروخ في الأساس هو النسخة الصينية من الصاروخ الفرنسي إكزوست Exocet MM40 و يعتبر من الأسلحة ذاتيّة التوجية Standalone Weapon بعد الإطلاق .
يبقى ان نتناول الرسائل السياسية لاستخدام ذلك السلاح الان . حيث يمثل هذا احد ادوات تحريم المكان / القابلية للنفاذ و ان إيران تملك القدرة على نشرها حيثما تشاء ، ثانيا هو ردها المباشر على المناورات السعودية في بحر عُمان ، و اخيرا لانغلاق اي أفق لمفاوضات حول اليمن بآليات إيرانية بالاضافة لتطورات ميدانية في العراق و سوريا . فاستهداف سفينة الاغاثة الاماراتية سويفت قد يقرأ بالانتقامي ، الا ان استهداف سفن البحرية الامريكية هو ابتزازا سياسي قبل ان يكون استهدفا عسكري . فحسب تصريح لمسؤول في البحرية الامريكية نشرته يو اس نيفال انستتيوت USNI يوم الثلثاء " حتى الان نحن لم نتأكد من سبب سقوط او ارتطام الصاروخين بالبحر ، او كون ذلك قد نتج عن قصور في نظم الملاحة و التوجية فيهما ، او كون ان الأسلحة المضادة التي أطلقت من المدمرة ماسون قد اعترضت احدها . الا اننا نؤكد استهداف الماسون و ربما السفينة بونس بصاروخين من نوع كروز " . فهل فعلا كان ذلك نتيجة قصور في وظائف نظم التوجية او ان الصاروخين قد جهزا كذلك قبل الإطلاق . فذلك النوع من الصواريخ قد استخدم من قبل حزب الله ضد الكورفيت الإسرائيلية سار 5 Saar في 14 يوليو 2006 ، و نجح في اختراق دفاعاتها المماثلة للأمريكية .
قد لا يعنينا السجال الامريكي الايراني بكل الاشكال و الأدوات ، لكن ما يعنينا الان هو حجم التهديد الايراني انطلاقا من الاراضي اليمنية لمحيطها الإقليمي بعد دخول هذا السلاح الحيز العملياتي و بلوغه مستوى غير مقبول . ففي حال اقدمت إيران على نشر النسخة البرية من ذلك السلاح على اراضي يمنية فيجب ان يعتبر بمثابة تصعيد غير مبرر و مصدر تهديد مباشر لأمن المملكة العربية السعودية . و ان على القيادة السياسية الايرانية ادراك مغبة ذلك فورا . كذلك على المجتمع الدولي و الولايات المتحدة الامريكية تحديدا ادراك ان هذا المستوى من التهديد ما كان ليحدث لولا مهادنتها العبثية حيال السياسات الايرانية العدوانية في عموم الشرق الاوسط .
اخير ، من هو الطرف الذي يوفر الاستطلاع الاستخباراتي الالكتروني لتزويد الحوثي باحداثيات تلك الاهداف !!