كشفت صحيفة "حرييت" التركية عن تفاصيل ما اسمته "حرب الجنرالات في الجو" ليلة الانقلاب، حيث كان سلاح الجو من أهم الأسلحة التي اعتمد عليها الانقلابيون. وذكرت الصحيفة بأنّ 24 جنرالا من جنرالات القوات الجوية كانوا يتواجدون بحفل زفاف ابنة زميلهم في إسطنبول، وقد تحولت قاعة حفل الزفاف إلى مقر إدارة العمليات المضادة للانقلابيين.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الجنرال أكين أوزتورك كان من بين المدعوين للحفل، لكنه توجه إلى أنقرة بدلا من إسطنبول. وعندما بدأت المعلومات تتوالى حول حراك جوي مُحتمل خارج سلسلة الأوامر العسكرية، قرر الجنرالات اتخاذ إجراءات صارمة.
وأوردت "حرييت" بالتسلسل الزمني ما جرى ليلة 15 تموز/ يوليو، منذ البداية حتى النهاية:
— 19:06 مركز القوات الجوية يأمر جميع الطائرات التي تحلق في أجواء تركيا بالهبوط إلى قواعدها.
— 19:26 وصلت هذه التعليمات إلى كل القوات الجوية.
في هذه الأثناء حاول الجنرال عابدين أونال، قائد القوات الجوية، معرفة سبب وصول مثل هذه التعليمات، وحاول الاتصال برئيس هيئة الأركان خلوصي أكار، إلا أنّ الضباط هناك أخبروه بأنه في اجتماع ولم يسمحوا له بالوصول إليه.
— 21:05 تم تنفيذ قرار إغلاق المجال الجوي، وعادت 36 طائرة حربية إلى قواعدها.
— 22:15 بدأ هناك حراك جوي في سماء أنقرة برغم قرار الحظر الجوي، وعلم أونال بأنّ هناك حراكا انقلابيا.
— 22:20 اجتمع أونال بالجنرالات المتواجدين في حفل الزفاف، وأمرهم باتخاذ إجراءات مضادة فورا، وأمرهم بإخبار العساكر التابعين لهم بأنّ أي طائرة حربية تُحلق في الأجواء هي طائرة معادية.
— 22:25 اتصل الجنرال أونال بقائد القاعدة الجوية الرابعة (أقنجي)، والذي لم يشارك بحفل الزفاف، وسأله هل الطائرات انطلقت من عندك؟ فأجاب: "نعم"، فأخبره أنْ يأمرها فورا بالهبوط، لكنه قال: "أنا مجبور، لا أستطيع فعل غير ذلك، نحن تحت التهديد".
— 22:30 اعتقد قادة القواعد الجوية بأنّ كل القواعد الجوية أصبحت تحت السيطرة، لكنهم تلقوا اتصالا هاتفيا من قائد القاعدة الجوية الثامنة في ديار بكر، وأخبرهم بوجود ست طائرات حربية تستعد للإقلاع، والقائد لم ينفذ الأمر بمنعهم من الإقلاع، أو لم يستطع تنفيذ الأوامر.
— 22:45 اتصل العميد محمد شانفر بأكين أوزتورك، وأخبره بأنّ هناك حراكا جويا غير طبيعي، فأجاب أوزتورك بأنه لا يعلم شيئا عن ذلك، وأوصل شانفر تعليمات أونال إلى أوزتورك.
— 23:00 تم التأكد من أنّ مركز العمليات الجوية في أنقرة أصبح تحت سيطرة الانقلابيين، وتقرر القضاء على هذا المركز، وأمر أونال جميع الجنرالات باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنع إقلاع أي طائرة، وذكر لهم بأنّ التعليمات سيحصلون عليها من مركز العمليات الجوية في اسكيشهير وليس الذي في أنقرة. ولم تقلع أي طائرة من أي قاعدة جوية باستثناء "أقنجي" في أنقرة، و"أنجيرليك" في أضنة، وقاعدة "بالق أسير" على بحر إيجة.
— 23:30 حضرت مجموعة مسلحة إلى قاعة حفل الزفاف، وذكرت للجنرالات أنهم جاؤوا لحمايتهم، لكن أونال قال لهم إنه لم يأمرهم بذلك، وطلب منهم الابتعاد، لكنهم لم ينفذوا الأوامر.
فجر 16 تموز/ يوليو:
— 00:10 لم يستطع أونال الوصول إلى رئيس الوزراء بعد وصول هؤلاء العساكر، لكنه استمر في محاولة الاتصال به. وبعد ذلك وصلت قوة تعزيز من الانقلابيين، وألقوا القبض على كل الجنرالات الذين تواجدوا في حفل الزفاف، بمن فيهم أونال.
— 01:00 أصبح مركز العمليات الجوية في أنقرة تحت سيطرة الانقلابيين تماما، ومرت ساعتان، وهناك تعليمات تصدر من مركزي العمليات، في أنقرة واسكيشهير، بصورة متناقضة، والأخير طلب من الطائرات الهبوط فورا، وأخبر الطيارين بأنّ ما يقومون به غير قانوني.
— 02:00 بدأت قيادة القوات الجوية في استعادة السيطرة على مركز العمليات في أنقرة، لكن الانقلابيين نقلوا جنرالات القوات الجوية إلى قاعدة "أقنجي" في أنقرة، وربطوا أياديهم وأغلقوا على عيونهم.
— 04:40 أصدر رئيس الوزراء بن علي يلدريم التعليمات بإسقاط كل الطائرات الحربية التي تُحلق في الجو، وبناء على هذه التعليمات، أقلعت طائرات حربية دفاعية من قواعد أرضروم (04:53)، ومن قاعدة ديار بكر (05:02)، ومن مطار دالامان (05:43)، ومن قاعد "بالق اسير" (06:49).
وأجبرت هذه الطائرات الدفاعية؛ 48 طائرة من نوع "F-16" على العودة إلى قواعدها، كما عملت على إفراغ خزانات طائرات تزويد الوقود وإجبارها على الهبوط.
— 08:00 هبطت آخر طائرة تابعة للانقلابيين، ولم يُسمح لأي طائرة بما فيها الطائرات المروحية من الإقلاع من قاعدة أقنجي.
— 11:15 أقلعت طائرات من قاعدة اسكيشهير وقصفت مدرجات قاعدة أقنجي والطرق المؤدية إليها. وقد تم استهداف 16 نقطة فيها، بمشاركة 18 طائرة، لمنع طائرات الانقلابيين من التحليق مجددا.
— 15:30 أُطلق سراح قائد القوات الجوية أونال، وكذلك 10 من جنرالات الجيش، وانتقلوا إلى مقر القوات الجوية، وقامت عناصر فتح الله غولن الذين تواجدوا في مركز العمليات الجوية في أنقرة بتسليم أنفسهم.
وهكذا انتهت "حرب الجنرالات الجوية" التي استمرت ليلة الانقلاب مدة 21 ساعة و24 دقيقة، وانتهت باستعادة السيطرة على قاعدة أقنجي الجوية، وعلى مركز العمليات الجوية في أنقرة.