في تطور لافت لمسار الأزمة ما بين تركيا وروسيا يبدو أن واقع التطورات العسكرية على مسرح العمليات السوري بدأت ترخي ظلالها إيجابياً على مسار تطور العلاقات الروسية التركية.
الموقف التركي تجاه الأزمة السورية واضح لكنه لا يخلو من التعقيدات، فهي تعادي النظام السوري، تحارب الاكراد، وتحاول احتواء تداعيات تمدد داعش على الأراضي السورية.
بينت الاحداث في شمال سوريا مدى حرية حركة الأكراد السوريين والتي وفرها لهم الدعم الأميركي بهدف تمكينهم من تحرير الرقة وضمها إلى الاتحاد الفيدرالي الكردي. وشكل هذا الدعم المباشر للأكراد مساراً دراماتيكياً في تدهور العلاقة ما بين تركيا والغرب.
تخشى تركيا من أن توسع و قيام الدويلة الكردية سيشكل عائقا أمام مساعيها لمنع نشوء مثل هذا الإتحاد الفيدرالي وما سيكون له من انعكاسات خطيرة على الداخل التركي.
يبدو أن تركيا حسمت خياراتها الاستراتيجية بما يتلائم ومصالح أمنها القومي فالمرحلة الحالية تسمح بمهادنة النظام السوري وإعادة تطبيع علاقاتها مع روسيا في محاولة منها لاحتواء تنامي قوة الأكراد على حدودها الجنوبية.
وفي هذا الإطار تحاول تركيا إعادة رسم تحالفاتها من خلال تطبيع العلاقة مع روسيا. فقد أكد المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش الإثنين أن تركيا وروسيا قادرتان على تجاوز خلافاتهما داعيا إلى إعادة علاقاتهما إلى ما كانت عليه قبل الأزمة السورية عن طريق الحوار، فيما يشكل بادرة حسن نية تجاه موسكو.
وقال كورتولموش في ختام اجتماع الحكومة "لا أعتقد أن التوتر والمشكلات بيننا لا يمكن تجاوزها أو إصلاحها. أعتقد أن ذلك من الممكن إصلاحه عن طريق الحوار".وقال كورتولموش وهو كذلك نائب لرئيس الوزراء إن "لا تركيا ولا روسيا تحظيان بترف التخلي إحداهما عن الأخرى".
وتأتي هذه التصريحات بعد أن نقلت وسائل إعلام تركية عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قوله الأسبوع الماضي إن روسيا تريد استئناف العلاقات مع تركيا وإنها تنتظر خطوات ملموسة من أنقرة. وطلب بوتين من أنقرة الإعتذار. وبهذا الصدد ظل كورتولموش مبهما في رده لكنه قال "لو أن الطيران التركي علم أنها (طائرة) روسية، لتصرف بشكل مختلف". وأضاف أن "تركيا لم تسقط الطائرة عمدا".
وتبنى وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو لهجة ايجابية مماثلة عبر اقتراحه تشكيل "مجموعة عمل مشتركة" لإعادة العلاقات "يتولى أعضاؤها دراسة الخطوات اللازمة ويقدمون أفكارا لهذا الغرض".
ويفيد مراقبون أن حكومة بن علي يلديريم حليف الرئيس رجب طيب أردوغان تسعى إلى إصلاح العلاقات مع عدد من شركاء تركيا السابقين ومن بينهم روسيا واسرائيل.