بعد الانكفاء النسبي لداعش في العراق وسوريا بنتيجة ضغط الحملات العسكرية، تعول العديد من الجهات الدولية والاقليمة على الدور الجزائري المحوري في تولي قيادة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في منطقة شمال افريقيا بالتعاون مع قوى إقليمية عربية وعالمية.
وجاء قرار مجلس الأمن بشن حملة ضد عمليات تهريب الأسلحة فى عرض البحر قبالة ليبيا والسماح بتفتيش القوارب بحثاً عن أسلحة مهربة، ليعطي الشرعية الأممية لدول المنطقة لاستخدام القوة العسكرية لمراقبة السواحل الليبية وتفتيش السفن، ولعدم السماح لتنظيم داعش بزيادة قدراته العسكرية على الأراضي الليبية.
واﻛﺪﺕ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺩﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ ان الجزائر ومصر وتونس بداتا مشاورات تهدف الى وضع خطط التعاون العسكري لترجمة القرار الاممي وبالتنسيق ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﻴﺔ. كما بادرت العديد من الجهات المعنية بالإعلان عن نيتها بالمشاركة بهذه الجهود ومنها المانيا التي أكدت أن الجيش الألمانى سيشارك فى مراقبة السفن قبالة السواحل الليبية.
يأتي هذا القرار متزامنا مع انتخاب الجزائر بالاجماع لرئاسة اللجنة الأولى في الأمم المتحدة المكلفة بمسائل نزع السلاح والأمن الدولي. وتختص هذه اللجنة بقضايا نزع السلاح والتحديات العالمية وتهديدات السلم، وايجاد حلول للتحديات القائمة في إطار منظومة الأمن الدولي.
كما يأتي هذا القرار متلازما مع مقررات الدورة الثالثة للحوار الثنائي الإستراتيجي الجزائري الأميركي لمكافحة الإرهاب حيث أشاد المندوب الأميركي جوستين سيبيريل، بدور الجزائر في تحقيق الاستقرار بمنطقة الساحل و مكافحة ظاهرة الإرهاب. وقال إن "الجزائر تلعب دورا رياديا في المنطقة و تعمل دائما لصالح الاستقرار في هذه المنطقة"، لافتا في الوقت ذاته إلى دورها "الريادي" في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى أنها"عضو مؤسس" للمنتدى الشامل لمكافحة الإرهاب.
الى جانب المشروعية الأممية تمتلك القوات المسلحة الجزائرية القدرات البحرية الضاربة التي تمكنها من الاضطلاع بهذه المهام. اذ تملك الجزائر حالياً اربع غواصات وسبق وتسلمت حاملة المروحيات قلعة بني عباس وشهد شهر مارس أيضا تسلم الفرقاطة ” الفاتح “، وسيتم تسليم السفينة الثالثة من هذا النوع نهاية هذا العام. إضافة الى قرب تسلم الجزائر الغواصات والكورفيتات التي تعاقدت عليها الجزائر مع روزبورون اكسبورت الروسية.
يرى المراقبون ان المشروعية الأممية وتوافر القدرة العسكرية سيسمحان للجزائر بلعب دور فاعل في تثبيت الاستقرار في شمالي افريقيا. لكن هناك نقطتين أساسيتين يجب التوقف عندهما الأولى ترتبط بالعقيدة القتالية للجيش الجزائري التي تقضي بتنفيذه مهام الدفاع عن حدود الوطن الجزائري حصرا، والثانية ترتبط بمشروعية العمل العسكري ضمن الشرعية العربية.
وهنا يقول المراقبون ان تداعيات تمدد داعش في الأراضي الليبي لن تسلم منه أي دولة في الجوار وضمنا الدولة الجزائرية. اما في ما خص المشروعية العربية فقد صرحت الدول العربية علنا برفض أي تدخل اجنبي غربي في الازمة الليبية. وهنا أيضا يرى المراقبون ان رفض الدول العربية لهذا التدخل يستوجب تقديم البديل العربي المقبول. ولا يستغرب المراقبون ان ينتج عن التقارب الضمني بين مصر والجزائر وتونس وتوحيد جهودهم لمكافحة الإرهاب سيساعد على صدور تكليف عن جامعة الدول العربية يجيز قيام تحالف عربي لمساندة الحكومة الشرعية الليبية. وتكون احد ابرز مهام هذا التحالف هو القضاء على تنظيم داعش قبل ان يؤدي تمدده الى تقويض استقرار الساحل الشمالي لافريقيا من مشرقه الى مغربه.