تطرقت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” إلى الأوضاع حول كوريا الشمالية؛ مشيرة إلى اقتراح وزير الخارجية الأمريكي التعامل معها بأسلوب جديد في ضوء فشل الدبلوماسية في إقناعها.
جاء في مقال الصحيفة:
أكد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في طوكيو ضرورة التعامل مع بيونغ يانغ بأسلوب جديد، بعد عجز الدبلوماسية عن إقناعها على مدى 20 سنة بالتخلي عن برنامجها النووي. ولكن ما المقصود هنا؟ إذا لم يكن التحاور، فهل يكون تدمير القدرات العسكرية للخصم؟ بيد أن هذا الخيار سيكون مميتا لسيئول، التي توجه بيونغ يانغ جميع مدافعها نحوها. وفي حين أن تيلرسون ومضيفه شينزو آبي لم يكشفا الخطة السرية، التي تعدها واشنطن، فإن بعض أعضاء البرلمان الياباني يطالبون الحزب الحاكم باقتناء الأدوات اللازمة لدحر كوريا الشمالية.
وقد استند تيلرسون، في إشارته إلى عدم تمكن الدبلوماسية من إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجها النووي على مدى 20 سنة، إلى الصفقة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية عام 1994، التي تحصل بموجبها بيونغ يانغ مقابل نزع سلاحها ولاحقا تخليها عن برنامجها النووي، على مساعدات وعلى محطتين ذريتين لإنتاج الطاقة الكهربائية، التي لا تستطيع إنتاج مواد انشطارية تصلح لصنع الأسلحة النووية.
وبحسب تيلرسون، قدمت الولايات المتحدة لكوريا الشمالية مساعدات تبلغ قيمتها 1.35 مليار دولار. بيد أن بيونغ يانغ استمرت في برنامجها الخاص بالتسلح. لكن هناك رواية مغايرة للرواية الأمريكية لسير الأمور. فقد أشارت وسائل الإعلام أيضا وليس بيونغ يانغ وحدها إلى أن الجانب الأمريكي لم يوف بالتزاماته.
لقد أصبحت هذه الأمور من التاريخ. وكوريا الشمالية حاليا نجحت في تعزيز قدراتها الصاروخية–النووية، وتطالب بالاعتراف بها دولة نووية، كما سبق الاعتراف بالهند وباكستان.
ومع ذلك، فما الجديد في موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من كوريا الشمالية؟ لم يكشف هذا تيلرسون ولم يكشفه نظيره الياباني فوميو كيشيدا أو رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي. وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى أن هناك في واشنطن من يقترح “الخيار الحركي” أي خيار استخدام القوة العسكرية. كما يدعو عدد من نواب الحزب الحاكم في البرلمان إلى إنتاج سلاح لتوجيه ضربات وقائية.
وهذه التصريحات تزيد من هلع الكوريين الجنوبيين، لأن سيئول بملايينها العشرين تقع على مسافة تصل إليها مدافع كوريا الشمالية البعيدة المدى، أي بإمكان هذه المدافع تحويل بعض أحياء المدينة إلى أنقاض.
ولكن وفق ما نشرته نيويورك تايمز، تفضل واشنطن وطوكيو الاكتفاء حاليا بنشر منظومات “ثاد” الصاروخية في كوريا الجنوبية والضغوط الاقتصادية على بيونغ يانغ من خلال الصين. وتجري عملية تركيب هذه المنظومات في ملعب سابق للغولف على قدم وساق. وبكين تحتج بشدة على ذلك لأنها تعدُّ نشر هذه المنظومات تهديدا لقواتها النووية، واقترحت وقف تصاعد التوتر بطريقة بسيطة: تتوقف كوريا الشمالية عن تجارب الصواريخ النووية، مقابل توقف الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية عن إجراء مناورات مشتركة، والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ورفضت واشنطن المقترح الصيني. وعلاوة على ذلك، تنوي الولايات المتحدة فرض عقوبات على البنوك الصينية إذا لم تكبح بكين طموح بيونغ يانغ النووي.
ولكن كيف سيكون رد فعل الصين؟ قال جنرال صيني متقاعد بهذا الشأن “سوف نستخدم مضادات الرادارات لتعطيل فعالية منظومة الصواريخ”. أما الأستاذ المساعد في جامعة كيو اليابانية كين جيمبو، فيقول إن ذلك ” ممكن نظريا، لأن الصين تملك قواعد مختلفة بما في ذلك الفضائية. ولكن من المشكوك فيه أن تكون جاهزة للعمل”.
ومن حديث العالم الياباني يتبين أن اليابان تعدُّ الصين مصدر الخطر الرئيس على أمنها. لأن قدراتها العسكرية في نمو، وهي توسع سيطرتها على الجزر. لذلك في هذه الحالة من المهم لطوكيو توطيد علاقات صداقة مع موسكو وبذل الجهود لمنع إنشاء تحالف روسي– صيني.
ويضيف جيمبو أن لروسيا واليابان مصالح مشتركة في شرق آسيا. وبما أنهما لا تملكان تأثيرا كبيرا على كوريا الشمالية، لذلك يمكنهما لعب دورهما في منع وقوع مواجهات عسكرية.