تطرّق الباحث نيكولاي باخوموف إلى "الواقعيّة السياسيّة المثاليّة" التي تختصر العلاقة بين روسيا وإسرائيل في مقاله ضمن مؤسسة الرأي ناشونال إنترست الأمريكي.
روسيا وإسرائيل لديهما العدو نفسه وهو المتطرّفون الإسلاميون في سوريا أو في أماكن أخرى. وتشكل هذه النظرة المشتركة جزءاً من شبكة أوسع تربط الدولتين
وفي الشرق الأوسط، تشكل السياسة الخارجية الإسرائيلية أهمية بارزة، في حين أنّ العلاقات الروسية-الإسرائيلية هي عنصر مهم فيها. وبينما يحاول الغرب والولايات المتحدة تحديداً أن "يوازنا" مختلف العوامل الخارجية والداخلية في علاقاتهما مع إسرائيل، فإنّ السياسة الخارجية الروسية، "المبنية على أفكار واقعية عن المصلحة القومية، المفاوضات والمساومة"، تنحو باتجاه تعزيز التعاون مع إسرائيل في أي لحظة ممكنة.
ويضيف باخوموف أن لا أحد من الطرفين يحاول إخفاء عدم توافقه مع الآخر بخصوص مواضيع معيّنة، لكنْ كلاهما "متعطش" للعمل معاً حين تلتقي مصالحهما. زيارتا نتانياهو خلال الأسابيع الأخيرة، إلى واشنطن وموسكو تبرزان اختلافاً واضحاً. فالزيارة إلى الولايات المتحدة جذبت اهتماماً إعلامياً واسعاً في حين أن المحادثات في موسكو لم تتطرق إليها إلا "بضع بيانات رسمية قصيرة". أما القول إنّ الاهتمام الأمريكي برز لأن ذلك كان أول لقاء لنتانياهو مع الرئيس الأمريكي الجديد، فلا يعطي إلّا "جزءاً" من التفسير.
معايير إيديولوجية
ويرى باخوموف أنّ زيارة العمل القصيرة (بحسب التعبير الديبلوماسي الروسي) التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى موسكو، يمكن أن تكون ذات أهمية أكبر من لقاء ترامب بالنسبة للسياسة الإسرائيلية الخارجية. خلال العقود الأخيرة، قاد الديبلوماسيون والزعماء الغربيون سياسات خارجية تأخذ بالاعتبار "مدى واسعاً من المعايير الإيديولوجية" التي تحدد التعاون مع الدول على أساس تطورها الديموقراطي. "مع ذلك، حتى مع تعريف بسيط كهذا، إنّ مقاربة للسياسة الخارجية مثل هذه تُبرز عدة أسئلة، بدءاً بما هو (تعريف) الديموقراطي؟"
الكرملين يلغي التحدي
في حالة إسرائيل، تظهر مزيد من العقد. خلال الحرب الباردة، أصبحت إسرائيل جزءاً أساسياً من النظام السياسي الغربي. لكن من جهة أخرى، لم يقبل العديد من الغربيين تصرّفات إسرائيلية على رأسها سياسة الاستيطان بسبب ضغط الرأي العام عليهم، ولهذا السبب باتت سياساتهم تجاهها "أقلّ فاعليّة إلى درجة معينة". من هنا، كان التحدي أمام الغربيين بإخضاع السياسة الخارجية للإيديولوجيا، وخصوصاً لواحدة تتطلب تغييرات في السياسات الداخلية لدول سيّدة أخرى. إنّ موقع الكرملين يلغي هذا التحدي بأكمله لأنّ سياسته الخارجية تقوم على حماية المصالح القومية بالتفاعل مع دول أخرى ومصالحها. "علاقاته مع إسرائيل هي جدلاً أفضل مثل".
عدو واحد.. مصالح متعددة
يكتب باخوموف أنّ روسيا وإسرائيل لديهما العدو نفسه وهو المتطرّفون الإسلاميون في سوريا أو في أماكن أخرى. وتشكل هذه النظرة المشتركة جزءاً من شبكة أوسع تربط الدولتين بما فيها التجارة الثنائية، السياحة والعديد من الروابط بين شعبيهما. وهذه الأخيرة هي مهمة على وجه التحديد بحسب باخوموف. فهنالك حوالي مليون إسرائيلي ينطقون باللغة الروسية وهم مهتمون بإسرائيل بسبب "أهميتها التاريخية والثقافية وخصوصاً الدينية".
ماذا عن الخلافات؟
بغض النظر عن جميع هذه الروابط، إنّ الخلافات في السياسة الخارجية بين الدولتين هي مهمة بحسب باخوموف. على رأس هذه المجموعة تبرز نظرتا موسكو وتل أبيب إلى إيران وإلى مسار السلام في الشرق الأوسط. ففي الجزء العلني من المحادثات التي جرت في موسكو، تحدث نتانياهو عن محاولة تدمير الشعب اليهودي منذ 2500 سنة من قبل الفرس وأن إيران كخليفة لهم تستمرّ في هذه المحاولات. فردّ عليه بوتين ب "أننا نعيش الآن في عالم مختلف".
مضيعة هائلة للوقت
يتابع باخوموف الكتابة عن تفهم رئيس الوزراء الإسرائيلي عن التعاون "المحدود" و "البراغماتي" والذي "لا يمنع تطوير العلاقات الروسية – الإسرائيلية. وكذلك، تتابع روسيا سياسة الدعم السوفياتي للفلسطينيين في مسار السلام في الشرق الأوسط. "هنالك العديد من الأسباب لذلك، ومحاولات إسرائيل لإيقاف هذا الدعم سيكون مضيعة هائلة للوقت والموارد الديبلوماسيّة". ومع ذلك، لا يجد باخوموف أنّ هذا الموقف الروسي هو سبب لدفع إسرائيل إلى عدم التعاون مع روسيا. ويضيف أنه في "العالم الحديث، المعولم والمترابط ليس هنالك الكثير من المعنى ل: كل شيء أو لا شيء".
المصدر: 24 الاماراتي