لقد تحولت ساحة الصراع السوري إلى حقل تجارب للاسلحة الروسية الحديثة، ومنها اجهزة التشويش الكهروبصري التي دخلت الحرب السورية في البداية مع المنظومة الروسية "شتورا" Shtora-1 والتي يعتقد ان المنظومة المعروفة باسم "سراب" Sarab-1 هي نسخة سورية مشتقة عنها زهيدة الثمن.
هل تستطيع مشوشات الـ "شتورا" او "سراب" خداع صواريخ TOW 2 ؟
اظهرت صور حديثة لحقل المعارك السوري نشر جيل جديد لمنظومة التشويش الكهروبصري السورية المعروفة بإسم "سراب" Sarab-1 والتي جرى تطويرها قبل بضعة أشهر لمواجهة خطر الأسلحة الصاروخية الموجهة سلكياً من أمثال TOW 2 الأمريكي، الذي استخدم بكثافة من قبل المعارضة السورية . التجهيز الجديد شوهد على سقف دبابة سورية من نوع T-72M1 خلال القتال في مدينة حلب .
وفي هذا الاطار يجيب الباحث والخبير العسكري أنور الشراد على هذا السؤال بالقول : في الحقيقة المنظومة الجديدة مميزة بمظهرها الحلقي ومن العدد الكبير لشمعات الزينون المحيطة بها ، إضافتا الى إتباع نظام توزيع من طبقتين لهذه الشمعات بدل آلية التوزيع المبسطة كما في النظام السابق "سراب" Sarab-1 . إن فكرة عمل المشوشات الكهروبصرية كتلك التي تجهز المنظومة الروسية شتورا ، قائمة على إرسال شعاع نبضي بشكل مستمر بأتجاه قطاع التهديد المحتمل بهدف التشويش على الصواريخ المضادة للدروع وحرف مسارها ، حيث يمكن للنظام المذكور تغطية مدى أقصى مؤثر لشعاع التشويش يتراوح ما بين 2.0-2.5 كلم.
وللتوضيح ، هذه المشوشات تعمل على إرسال شعاع في النطاق تحت الأحمر مقارب في خصائصه من حيث المدى الطيفي spectral range وكذلك التحوير أو التضمين الترددي frequency modulationمع ذلك الخاص بمقتفي أثر الصاروخ الموجه سلكياً. هذا الشعاع تلتقطه كما هو مفترض عدسة "قياس الزوايا" للإشعاع تحت الأحمر IR Goniometer في منصة إطلاق الصاروخ المعادي والتي بدورها سترسل معلومات توجيه خاطئة للصاروخ . أو بمعنى آخر ، إرباك جهاز استقبال الإشعاع تحت الأحمر في هذه المنصة وتضليله بمعلومات خاطئة عن موقع الصاروخ الفعلي قياسا بخط البصر .
فكما هو معروف في نمط التوجيه السلكي لمنظومات الجيل الثاني الصاروخية ، يعمل الرامي على المحافظة على الهدف في مركز تقاطع الشعيرات في منظار التصويب ويضغط زناد الإطلاق . الصاروخ خلال طيرانه باتجاه الهدف ، يصدر عنه من خلال منارة أو شعلة في مؤخرته إشارات تحت الحمراء على شكل شعاع ضيق وبأسلوب نبضي متقطع (بقصد المحافظة على موقعه في مركز منظار التصويب) . هذه الإشارات تلتقط من قبل عدسة "قياس الزوايا" في وحدة التعقب البصرية لمنصة الإطلاق . العدسة تقيس زاوية ورود الإشارات تحت الأحمر إليها من ناحية بيانات الارتفاع وزاوية السمت azimuth/elevation data ، وتحدد فارق الانحراف بين مسار الصاروخ وخط التسديد ، ومن ثم تزود وحدة توجيه الصاروخ بالبيانات المحصلة عن موقع الصاروخ لتجري التصحيحات اللازمة وترسل للصاروخ على شكل إشارات كهربائية عن طريق الأسلاك الممتدة بين مؤخرة الصاروخ ووحدة الإطلاق .
دور المشوشات OTSHU-1-7 يتركز هنا على إصدار إشارات تحت الحمراء زائفة ومضللة false signals في ذات النطاق لخداع عدسة "قياس الزوايا" ، وبالتالي ، ستقوم وحدة السيطرة والتحكم في منصة الإطلاق بإرسال تعليمات توجيهيه خاطئة للصاروخ عن طريق أسلاك التوجيه ، مما يجعل هذا الأخير ينحرف عن هدفه المحدد في منظار التصويب لحظة الإطلاق ، إما صعوداً للسماء أو هبوطاً للأرض .
الصاروخ الأمريكيTOW 2 الذي يتصدر المشهد الآن كأكبر قاتل للدبابات والعربات المدرعة الأخرى في ساحة الصراع السوري ، يستعمل منارة أو مشعل زينون Xenon beacon مدمج ضمن المقطع الخلفي لذيل القذيفة بغرض تتبع موقع الصاروخ . هذا المشعل يرسل إشعاع تحت الأحمر في نطاق معين ، يتم التقاطه لاحقاً من قبل مستقبل الإشعاع تحت الأحمر في منظار التعقب النهاري day-sight tracker والمتصل بدوره بمنصة الإطلاق.
الصاروخ TOW 2 يستعين أيضاً بمشعل حراري Thermal beacon مساعد لنفس الغرض ، حيث تتم عملية التعقب بواسطة المنظار الليلي AN/TSA-4A . فخلال ظروف معينة في ساحة المعركة مثل الدخان الثقيل والغبار أو الضباب ، مشعل الزينون الذي يشتغل في النهاية الدنيا للطيف تحت الأحمر لا يستطيع اختراق الحواجب أو الأغشية obscuration سابقة الذكر .
لذا ، جرى تزويد سلسلة الصاروخ ابتداء من النسخة TOW 2 بمشعل حراري عالي الكثافة high- intensity لتصحيح هذا النقص. المشعل الحراري يوفر مصدر تتبع جيد للموجة تحت الحمراء الطويلة وذلك على النقيض تماماً من مشعل الزينون بقابلية تعقبه المختصرة والمقيدة بالموجة القصيرة short-wave tracking وبهذه الخاصية يستطيع نظام التتبع الثنائي أن يوفر مقاومة للإجراءات المضادة الكهروبصرية وتحت الحمراء .
وبناءً عليه يبقي صاروخ TOW 2 عصيا على التشويش وسلاح قاتل في يد المعارضة السورية في وجه دبابات النظام السوري وحلفائه.