الجيش الصيني أو جيش التحرير الشعبي، هو أكبر جيوش العالم عددا ومن أكثرها نموا في برامج التسلح والتحديث. شهد العديد من الإصلاحات في العقود الأخيرة ومنها خفض العدد وتقوية العتاد والتكنولوجية العسكرية.
النشأة
تأسس جيش التحرير الشعبي في الأول من أغسطس/آب 1927، في أعقاب انتفاضة نانتشانغ التي تزعمها بعض قادة الحزب الشيوعي عقب ما يعرف بالمجزرة التي تعرض لها الشيوعيون على يد شيانغ كاي شيك، وعرفت القوات الثائرة باسم الجيش الأحمر الذي شارك بين عامي 1934 و1935 في المسيرة الطويلة، ثم تحول إلى جيش التحرير الشعبي الصيني.
القيادة
تدبر شؤون الجيش الصيني اللجنة العسكرية المركزية التي يترأسها رئيس البلاد شي جين بينغ ونائباه الجنرال فان تشانغ لونغ والجنرال شو كيليانغ، كما تضم القيادة وزير الدفاع الجنرال تشانغ وانكوان ورئيس الأركان المشتركة الجنرال فانغ فنغوي.
وحدات الجيش
يبلغ تعداد الجيش الصيني مليونين وثلاثمئة ألف جندي تقريبا، مع جيش للاحتياط قوامه 510 آلاف عنصر، وبلغت الموازنة الدفاعية للصين في عام 2015 قرابة 146 مليار دولار، وهي ثاني أكبر الموازنات الدفاعية في العالم، وتمثل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
يتكون جيش الصين من خمس وحدات هي: القوات البرية، والقوات البحرية، والقوات الجوية، والقوة الصاروخية، وقوة الدعم الإستراتيجي.
والجيش الصيني من أسرع جيوش العالم نموا، إذ شهدت تشكيلاته عملية تحديث وتجهيز بأسلحة حديثة في العقود الأخيرة، مدفوعة بزيادات متتالية في الإنفاق العسكري.
القوات البرية: تمتلك الصين أكبر قوات برية في العالم إذ تناهز 1.6 مليون جندي وهو ما يمثل 60% من تعداد الجيش، وفي أوقات الأزمات تعزز القوات البرية بقوات احتياط وقوات شبه عسكرية قوامها 510 آلاف عنصر.
وشهدت القوات البرية عمليات خفض في أعدادها ليتم بالمقابل تقوية الجانب التكنولوجي وقوات العمليات الخاصة وسلاح الجو ووحدات الحرب الإلكترونية.
القوات البحرية: إلى غاية نهاية تسعينيات القرن العشرين، كانت البحرية ملحقة بالقوات البرية، ولكن بعد تنفيذ إصلاحات لتحديث الجيش انفصل سلاح البحرية الذي يصل قوام العاملين فيه إلى 255 ألفا، ويضم ثلاثة أساطيل هي: أسطول بحر الشمال وأسطول بحر شرق الصين وأسطول بحر جنوب الصين.
ويضم كل أسطول قطعا بحرية وقوة جوية وقوة دفاع ساحلية ووحدات للمشاة.
القوات الجوية: يناهز قوام الجنود في القوات الجوية 398 ألفا، وهم مقسمون إلى خمس قيادات و24 فرقة. وأكبر وحدة عملياتية في سلاح الجو هي الفيلق الذي يضم عدة أفواج كل منها يمتلك ما بين عشرين و36 طائرة.
القوة الصاروخية: هي أهم وحدة للصواريخ الإستراتيجية الصينية، وهي تسيطر على الصواريخ النووية والتقليدية، ويقدر حجم الترسانة الصاروخية النووية بما بين مئة إلى أربعمئة رأس، ويعمل في وحدة القوة الصاروخية مئة ألف جندي موزعين على ستة أقسام تعمل بشكل منفصل عن بعضها بعضا.
قوة الدعم الإستراتيجي: أنشئت في ديسمبر/كانون الأول 2015، وهي أولى ثمار الإصلاحات التي أدخلتها القيادة العسكرية على الجيش، ولم تقدم رسميا تفاصيل عن مهام هذه القوة ولكن مسؤولا في وزارة الدفاع الصينية قال إنها مزيج من وحدات الدعم، وذكرت تقارير أنها تضم أيضا قوات عمليات تستخدم تكنولوجيا فائقة مثل الحرب الإلكترونية وحرب الفضاء.
مسار التطور
أثناء الحرب الصينية اليابانية الثانية بين عامي 1937 و1945، أدمجت القوات العسكرية الشيوعية في الجيش الثوري الوطني لجمهورية الصين ليشكلا وحدتين رئيستين عرفتا باسم جيش الطريق الثاني والجيش الرابع الجديد، واستخدمت الوحدتان تكتيكات حرب العصابات وتجنب المعارك الواسعة النطاق مع اليابانيين.
وبعد استسلام اليابان في عام 1945، اندمجت الوحدتان عام 1949 في جيش واحد سمي بجيش تحرير الشعب، وتلا ذلك عملية إعادة هيكلة واسعة للجيش بإنشاء قيادة للقوات الجوية ثم لسلاح الجو، وقيادة لسلاح المدفعية والوحدات المدرعة وقوات السكك الحديدية وقوات الاتصالات.
وفي خمسينيات القرن العشرين، بدأ الجيش الصيني بمساعدة الاتحاد السوفياتي تحويل نفسه من جيش للفلاحين والعمال إلى جيش حديث، وقسمت البلاد إلى 13 منطقة عسكرية، كما تورط الجيش في الحرب الكورية ولاحقا خاض حربا مع الهند في بداية الستينيات.
وتم تسريح ملايين الرجال والنساء من الجيش الصيني منذ عام 1978، واستحدثت أساليب عصرية جديدة مثل التوظيف والتعليم والتدريب، وفي عام 1979 خاضت الصين حربا في فيتنام.
وأدت العلاقات المتوترة بين الصين والاتحاد السوفياتي إلى اشتباكات حدودية دموية، ودعم متبادل لأعداء الطرف الآخر مثل ما وقع أثناء الغزو السوفياتي لأفغانستان، إذ دربت بكين المجاهدين الأفغان في مخيمات في باكستان ثم في الصين وأمدتهم بالسلاح.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، خفضت الصين حجم قواتها العسكرية إلى حد كبير لتحرير الموارد من أجل التنمية الاقتصادية، مما أدى إلى انخفاض في مخصصات الجيش. وعقب قمع الجيش لاحتجاجات ساحة تيان آن مين في عام 1989، أصبح موضوع إجراء تغييرات أيديولوجية داخل الجيش مهيمنا على أجندة القادة العسكريين.
وابتداء من الثمانينيات، سعت القيادة الصينية إلى أن تحول الجيش من قوة برية ضخمة إلى قوة أصغر ولكن أكثر قدرة على الحركة، وتمتلك تكنولوجيا عالية قادرة على تنفيذ العمليات خارج حدود البلاد.
وقد نفذت القيادة العسكرية منذ عام 1985 العديد من التقليصات في تعداد الجيش، مع التركيز على القوة البحرية والجوية، وفي تسعينيات القرن الماضي بدأ الجيش يجهز نفسه لحروب الفضاء والحروب الإلكترونية.
ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين، اشترت الصين العديد من المنظومات العسكرية المتقدمة من روسيا ولا سيما مدمرات بحرية وطائرات سوخوي 27 و30 وغواصات تعمل بالديزل والكهرباء. كما شرعت الصين في تصميم طائراتها العسكرية الخاصة مثل المقاتلة تشنغدو، كما صنعت غواصات نووية وذلك عام 2004.
وفي عام 2015، أنشأت الصين وحدات عسكرية جديدة مثل القوة الصاروخية وقوة الدعم الإستراتيجي، وفي يناير/كانون الثاني 2016 أصدرت اللجنة العسكرية المركزية دليلا للإصلاح العسكري، وذلك بعد شهر من دعوة رئيس البلاد إلى تغيير واسع في الإدارة العسكرية ومنظومات القيادة في الجيش.