الشريط
بقلم الكاتب عبدالله الجنيد
أفغانستان والصومال هما أكبر مسارح الصراع المستتر على النفوذ بين الولايات المتحدة والصين خارج منطقة بحر الصين، ولكليهما موقع يحتم ذلك ضمن منظورهما الجيوستراتيجي. فالاستراتيجية الصينية القائمة على (طريق الحرير والحزام الاقتصادي) لا يمكنها تقبل اقتسام النفوذ في أفغانستان مع الهند أكبر منافسيها الآسيويين، وثانيا لكون الهند الحليف الأهم للولايات المتحدة في استراتيجية احتواء الصين في وسط آسيا والمحيط الهندي. لذلك نجد إيران أحد أكبر المتحمسين لمشروع الطريق السريع الممتد من الصين إلى خليج عمان عبر باكستان بلوشستان، وفي الوقت نفسه تحاول إيران الإبقاء على علاقة متوازنة نسبيا مع الهند أكبر شريك تجاري لها عبر مشروع جاهبهار الذي وُقِّع عليه في طهران قبل نهاية مايو المنصرم مع شركاء آخرين من آسيا الوسطى. الصراع السياسي في أفغانستان قائم بين ثلاث قوى كبرى هي الولايات المتحدة والصين بالإضافة للهند، مع أن الولايات المتحدة تنتظر من الهند رفع مستوى دورها كحليف قادر على المشاركة في فرض الاستقرار في الشرق الأدنى والمحيط الهندي. في حين أن لباكستان وإيران طموحا في اقتسام أفغانستان كونهما القادرتين على ضمان استقرارها عبر الوصاية المباشرة بدعم صيني مستتر غير محدود لما تحتويه أفغانستان من ثروات طبيعية ليس آخرها أكبر مخزون نحاس في العالم.
طالبان بفرعيها الباكستاني والأفغاني أداتان موظفتان لتثبيت حالة عدم الاستقرار السياسي حالهما كحال تنظيم داعش في العراق وسوريا أو ليبيا، كما هو الحال في اليمن عندما يفشل اسم «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» في إحداث الوهج الإعلامي المطلوب، فتنسب العمليات الإرهابية إلى داعش من صنعاء إلى عدن. من هنا نجد التوافق الإيراني الباكستاني على قابلية توظيف طالبان أفغانيا لمنع انتقال حالة الاستقرار من العاصمة كابول لحواضر أخرى خارجها بعد تحقق الاستقرار فيها مع بوادر تحول اجتماعي ومدني. بالإضافة لما يماثله من استقرار نسبي في شمال أفغانستان. فباكستان توظف طالبان على أراضيها لتثبيت دولة تحالف الإقطاع والعسكر، وفي أفغانستان هو توظيف يخدم استراتيجية تقاطع مصالح التحالف الثلاثي (الصين إيران باكستان). فعندما يصل طريق الحرير الصيني إلى مياه خليج عمان الدافئة، قد يكون واقع أفغانستان غير ما هو عليه الآن وكذلك حال خليج عمان.
إن استهداف الملا أختر منصور كان رسالة أمريكية مباشرة لجنرالات باكستان بضرورة إعادة تقييم موقفهم جيوستراتيجيا، لأنها لن تسمح بجبهة استنزاف سياسي جديدة مع تصاعد حالة الاحتقان في جنوب شرق آسيا ومنطقة البلطيق.
المصدر صحيفة مكة