بقلم الكاتب عبدالله الجنيد
عبدالله الجنيد |
لأول مرة يبقى حساب فريق النادي على تطبيق الوتس اب يقظا إلى ما يتجاوز الثالثة فجرا للتعاطي مع الحدث التركي، الانقلاب، استتباعاته، الموقف الدولي، تركيا بعد الانقلاب (إن نجح أو فشل)، الأزمة الدستورية، كيف ستتجاوز تركيا تبعات تلك التجربة، والأهم، ما هو شكل التحول في شخصية الرئيس إردوغان.
لكن قبل كل ذلك علينا تناول كيف هزم تطبيق على هاتف الرئيس إردوغان الدبابات والطائرات المحلقة على ارتفاعات منخفضة في محاولة يائسة لفض التجمعات والتمسك بالميادين.
تركيا قطفت ثمار الاستثمار في الإعلام الوطني عندما تمسك كل الإعلام التركي الموالي وغير الموالي لحزب الرئيس بموقف موحد رافض للانقلاب.
وما إن تحرك الأتراك إلى ساحة تقسيم ومطار أتاتورك حتى كان الإعلام مواكبا له وهم لا يحملون غير العلم التركي. مما صعب الموقف على الجنود وقبولهم التخلي عن السلاح ورفض تنفيذ الأوامر العسكرية بحظر التجول أو إخلاء الشوارع قسرا.
وطوال ساعات المحاولة الفاشلة لم يخرج علينا تركي واحد بصورة لإردوغان أو سواه، بل نزلوا دفاعا عن مكتسباتهم الدستورية لا عن ديمقراطية حزب الرئيس، والرفض التام لهيمنة العسكر على القرار الوطني. توظيف الإعلام سياسيا أو وطنيا ليلتها قارب - إن لم يتجاوز - في فاعليته فيديو مقتل ندا آغا سلطان في 2009 على يد الباسيج، أو إشعال البوعزيزي النار في نفسه وإطلاق أولى شرارات الربيع العربي في 2011.
لكن لنغادر الآن ذلك الجانب من إدارة الأزمة إعلاميا وميدانيا لنتناول الأسئلة الأصعب حول ما حدث في تركيا بكل الأبعاد الممكنة، وأولها تأثير الانقلاب على الرئيس إردوغان. فهل ستخلق التجربة منه زعيما وطنيا أو حاكما مطلقا أكثر إصرارا في المضي في مشروع تعديل الدستور وإلغاء العلمانية أو المضي إلى ما هو أبعد من ذلك في تغيير هوية الدولة.
فها هو الرئيس إردوغان عبر هذا الانقلاب الفاشل ينزع آخر الأنياب السياسية للمؤسسة العسكرية، وسوف يجتهد في تحويلها من مؤسسة وطنية دستورية إلى مؤسسة موالية له ولمشروعه. ومع ما لذلك من محاذير، إلا أن على الرئيس إردوغان أن ينتبه لتخليق توازن قابل للاستدامة بينه وبين المؤسسة العسكرية. فإقناعها بالتخلي عن طموحها السياسي لا يعني إخراجها من صناعة القرار السياسي. لأن تلك المؤسسة من المنظور الوطني هي من فقد الكثير من الهيبة الوطنية والإقليمية بعد اعتذار الرئيس إردوغان لروسيا وهي المعنية بالدفاع عن سيادة الأجواء الوطنية. كذلك، لأنها تحمل مسؤولية سوء إدارة الملفات السياسية داخليا وارتفاع وتيرة الإرهاب، وموقفه الشخصي من دعم تنظيمات يصنفها الجميع بالإرهابية مثل تنظيم النصرة ومن في حكمها.
تبقى آخر الأسئلة وأصعبها، يا ترى هل سيعيد الرئيس إردوغان التفكير في انفتاحه على إيران ونظام بشار الأسد بعد أن تم توزيع الحلوى في دمشق وضاحية بيروت الجنوبية بعد أن أعلن الجيش التركي كامل السيطرة على مرافق الدولة. وبما أن الحلوى قد وزعت في دمشق والضاحية، فهي بالتأكيد قد وزعت في قم وطهران ولكن في مجالس مغلقة. فدمشق والضاحية تماثلان من حيث الولاء الأحزاب الشيوعية العربية الماوية، فإن أمطرت في بكين، رفعت تلك الأحزاب المظلات الواقية من المطر هنا.
سقطت كل الأشياء يوم الجمعة الفائتة في تركيا إلا ثلاثة هي الدستورية، الشعب، العلم التركي. وجميعها كان أجمل لوحة خطت بالأحمر ويجب أن لا يعنينا كثيرا ما سوف يجيب عليه التاريخ لاحقا دونما إهمال مراقبة ما تخطه الشعوب لها بالأحمر.
المصدر: صحيفة مكة
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.