كانون1/ديسمبر 19, 2024
الشريط

صناعة الطيــــران في الجزائر.. التحديات والانجازات Featured

آذار/مارس 06, 2017 3988

عادل محمد بلعربي*
صناعة الطيران في الجزائر بدأت إبان الحقبة الاستعمارية حيث فتحت فرنسا ثلاثة خطوط انتاج لطائراتها المقاتلة أيام الاحتلال النازي لفرنسا في قاعدة الدار البيضاء جنوب العاصمة لتلبية حاجة جيشها في حربه ضد الألمان.

بعد الاستقلال انتقلت ملكية المنشآت للدولة الفتية والتي استغلتها لضمان استمرار تحليق اسطولها المدني الذي كان لا يزال مملوكا بشكل جزئي لشركة ايرفرانس الفرنسية. اهتمام الجزائر بصناعة الطيران ظهر بُعَيد استقلالها لما دعمت مشروع طائرة حلوان-300 المصرية قبل توقف المشروع.

أمضت الجزائر العِقدين اللذين تليا استقلالها في تطوير صناعاتها الاستراتيجية وتأهيل ما ورثته من مصانع من الحقبة الاستعمارية وتمكين الشباب من الدراسات العليا داخل وخارج[*] البلد قبل أن تفتح في مطلع الثمانينات معهد الطيران بالبليدة الذي قدم خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء ما أسهم في انتاج طبقة من المختصين في هندسة الطيران أنيط بها اطلاق ومواكبة المشاريع العلمية.

المرحلة المريرة التي اجتازتها الجزائر والتي عرفت بالعشرية السوداء التي استمرت لعقد ونصف العقد أوجدت حاجة ماسة لإيجاد صناعة طيران متكاملة، وهو ما دعا الجميع للتحرك لإيجاد قاعدة صناعية تلبي هذه الحاجة.

مشاريع حكومية

سنة 1987 وقّع وزير النقل الجزائري عقدا مع نظيره التشيكوسلوفاكي آنذاك يقضي بتجميع طائرات Zlin-142. المهمة أوكلت حينها لمؤسسة تصنيع العربات الصناعية SNVI.

في صيف 1993 أُسند المشروع لوزارة الدفاع وانشأت جراء ذلك "مؤسسة صناعة الطائرات" Entreprise de Construction Aéronautique بمدينة "طفراوي" بمحاذاة المدرسة العليا للطيران بطاقم مكون من مدنيين وعسكريين.

الشركة وبعد تحكمها في تقنية صناعة الطيران اطلقت نموذجين مبنيين على هيكل الـ Zlin-142 وتم تسميتهما فرناس-142 وسفير-43 ام.

فرناس-142 طائرة ذات مقعدين مخصصة للتدريب الأولي للطيارين المقاتلين أما سفير-43 أم فهي طائرة نقل رباعية المقاعد ذات مهام متعددة تشمل تدريب طياري النقل والرياضة الجوية.

يتشاطر نموذجا الطائرتين يتشاطران قرابة 80 % من أجزاء هيكليهما، كما أنهما مجهزان بنفس المحرك والمروحة، وقد تم استخلاص نموذجين آخرين للأشغال الفلاحية، X3-A و S-43E. النموذجان تجاوزا مراجل الإنتاج والتجريب بكفاءة.

تخدم الطائرات المنتجة في "مؤسسة صناعة الطائرات" في القوات الجوية كطائرات تدريس تابعة لـلفوج الثامن للتدريب، كما أن مصالح الحماية المدنية تستخدمها للمراقبة. وكانت طائرات المؤسسة الأساس لتدريب طياري الميغ-29 والسوخوي-30 وطائرات النقل كازا-295 ، سي-130 وايليوشين-76/78. كما أن العشرات من المدنيين تدربوا عليها في نوادي الطيران المنتشرة عبر البلاد.

مشاريع التأهيل والتحديث

قاعدة الدار البيضاء التي ضمت "ورشات الطيران للجزائر" أثناء الحقبة الاستعمارية احتضنت مؤسسة تجديد عتاد الطيران ERMAero التي تضطلع بمهام إبقاء الاسطول الجوي في ظروف التأهب القتالي عن طريق اجراء مختلف العُمرات لمختلف انواع الطائرات والمروحيات العاملة في سلاح الجو من الـ أل-39 إلى الـ ميغ-29 ومن الـ آي أس -335 إلى الـ مي-2 24 و 171. كما أن المؤسسة تنتج قطع الغيار اللازمة للعديد من الطائرات الخادمة بكثافة في الجزائر على غرار الـ مي-171.

مهمة مماثلة تلبيها ورشات الخطوط الجوية الجزائرية التي تجري كل العمرات اللازمة لطائرات الهيركوليز سي-130 المدنية والعسكرية وطائرات الـ بووينغ 373 و 767 كما قدرات الادماج تتنامى تدريجيا تماشيا مع النماذج المدرجة حديثا والتكنولوجيا المستعملة.

هذا في ما يخص الحفاظ على الأهبة العملياتية، أما فيما يخص رفع قدرات العتاد الجوي فتجربة الجزائر المرة في حربها ضد الجماعات المسلحة والتي نقلت جبهات المعارك إلى ميادين لم تكن طائرات سلاح الجو مكيفة معها، أرغمت الجيش الجزائري على تكييف قدرات طائراته المروحية القتالية على مهام الإغارة ليلا وبكثافة نارية أكبر وأدق، هذا ما دفع الجزائر إلى رفع قدرات الـ مي-24 إلى معيار مي-24 أم كاي 3 سوبر هايند بتجديد نظام سلاحها كلية. النسخة الجديدة طورتها الجزائر بالشراكة مع شركة ATE الجنوب افريقية. مهمة نصب الأنظمة الجديدة أوكلت لورشات قاعدة بسكرة الجوية.

مشاريع غير حكومية

تعاقدت شركة START Aviation التي تأسست سنة 2004 مع الصانع الروماني Aerostar لأجل تجميع طائراته فاستيفال Festival 40S في الجزائر لغرض ملء بعض الفراغ المسجل في ميدان الطيران الرياضي ولتقديم طائرة أخف وأخفض كلفة كطائرة تدريب أولي قبل مرور الطيارين العسكريين لطائرات فرناس والسفير الأقوى.

شهدت سنة 2008 إطلاق شركةSTART Aviation الخاصة لمشروع طائرة قتالية غير مأهولة سمتها الفجر ل-10 كما عمل فريق التصميم على مشروع آخر بالشراكة مع شركة كندية FDC Composites لبناء سلسلة من طائرات النقل الخفيفة اطلق عليها تسمية START-1 .

مشاريع شركة START Aviation كانت جد معقدة تقنياً بالنسبة لقدرات الشركة الوليدة ما أدى إلى مرورها بفترات عصيبة مادياً أدت إلى توقفها تماما عن العمل بعد عامين من اطلاق المشاريع.

مشاريع بحث

طورت مراكز البحث المدنية والعسكرية العديد من النماذج لأغراض علمية، المثال الاوضح هو مشروع طائرة CCS-1 Sentinelle التي طورتها وحدة البحث في قيادة القوات الجوية بالشراكة مع شركة ATE الجنوب افريقية، الطائرة عرضت في معرض الجزائر سنة 2012. كما أن مركز البحث في اللحام والمراقبةCSC اطلق مشروعاً سمّاه "أمل" لانجاز طائرة غير مأهولة لأهداف المراقبة والبحث. المشروع أداره مجموعة من مهندسي الطيران والالكترونيات وانجزت منه أربع نماذج، نموذجان ساكنان وآخران لهدف اجراء التجارب. النموذج الرابع Bloc-22 قام بسلسلة من التجارب صيف 2013 بمدرج مطار سيدي بلعباس.

وفي مطلع ربيع 2015 تم إطلاق مشروع طائرة تكتيكية بدون طيار من طرف فريق أكاديمي متعدد الجنسيات، الطائرة صممت من طرف نفس الفريق الجزائري الذي أطلق مشروع "أمل" وحملت نفس التسمية وحافظت على الخطوط الكبرى لطائرة أمل التي توقف العمل عليها. إلا أن الطائرة الجديدة كانت بمقياس 2 على 3 من الطائرة الأصلية.

وتمت التجارب الأرضية بعد 12 اسبوعا من اطلاق المشروع قبل أن تحلق الطائرة مجتازة التجارب العملية يوم 27 حزيران/يونيو 2015.

تصب المشاريع البحثية برمتها في خانة ايجاد حلول لمشاكل الطيران التقليدية من وزن ومواد تصنيع ونظم تشغيل وإلكترونيات. وأبان العقد الماضي عن رصيد متكامل يسهل عبره المرور إلى آفاق أوسع في المستقبل القريب.

صناعة "الأمل"

اعلن المدير العام لمركز البحث في التكنولوجيات الصناعية في الجزائر أن ثالث طائرة بدون طيار (أمل 3 – 300) ذات الصنع الجزائري مائة بالمائة التي أنجزت بمركز البحث في التكنولوجيات الصناعية في الجزائر ستخضع في الأشهر القليلة المقبلة للتجربة الميدانية.

وأوضح المدير على هامش انطلاق الملتقى الوطني الأول حول البحث العلمي والإبداع التكنولوجي في الجزائر في جامعة باتنة2 أن “مجموعة من باحثي ومهندسي المركز يعكفون حاليا على وضع اللمسات الأخيرة على هذا الإنجاز الذي يعد الثالث من نوعه بالمركز , قائلا أن “هذه الطائرة بدون طيار الجديدة يبلغ طولها 3 أمتار وجاءت بعد النجاح الذي حققته الطائرة بدون طيار (أمل 2-700) التي حلقت وعادت في ظروف جيدة”.

وتمت هذه الإنجازات، وفقا للمتحدث، بفضل امتلاك المركز لقاعدة بيانات في علم الطيران الوحيدة من نوعها على المستوى الوطني والتي يتم بفضلها البحث والعمل في عدة ميادين ذات علاقة بالاختصاص ومنها تكوين الطيارين .

هذا وكشف في الإطار عينه أن المركز يسعى في الآونة الأخيرة إلى إنشاء قاعدة تكنولوجية بالتعاون مع مراكز بحث جامعية في عدة مناطق من الوطن ومنها جامعة باتنة2 بهدف إجراء التطبيقات الميدانية للمهندسين بعد التخرج وتدريب ذوي الاختصاص وفق التطورات المستمرة في الميدان التكنولوجي إلى جانب جعلها حلقة وصل وواجهة لكل ما هو بحث وتعليم أكاديمي والقطاع الصناعي لتطويره وإيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها .

 

آفاق المستقبل

شرعت وزارة الدفاع الجزائرية التي يعتبر سلاح الجو أحد أهم ركائزها في الآونة الأخيرة في بعث الصناعة العسكرية مع العديد من الشركاء العالميين الاوربيين والأمريكيين والعرب اضافة إلى الحلفاء التقليديين، الأمر مس أيضا قطاع الطيران حيث تم توقيع عقد مع أغوسنا ويستلاند يشمل تجميع الطائرات الموجهة للجيش وقوى الأمن والدفاع المدني الجزائرية وضمان صيانتها قبل المرور إلى تلبية رغبات الزبائن الأجانب.

في سياق مقارب، قامت وزارة التعليم العالي بإعلان اطلاقها لمشروع طائرة بدون طيار اسرع من الصوت قد تستخدم لأغراض البحث.

كما كسرت العديد من الجامعات الجزائرية في شرق وغرب البلاد احتكار معهد الطيران للبليدة لتدريس هذا الفن، وهو ما ساهم في اطلاق العديد من مشاريع البحث التي كلل العديد منها بانجازات محترمة.

 

رغم كل ما ذكر في هذا التقرير إلا أن الدرب يبقى طويلا أمام الجزائر لأجل سد الهوة التي أحدثتها "سنوات الجمر" وما رافقها من ركود.

Image
الامن الوطني العربي نافذة تطل على كل ما يتعلق بالعالم العربي من تطورات واحداث لها ارتباط مباشر بالمخاطر التي تتهددنا امنيا، ثقافيا، اجتماعيا واقتصاديا...

آخر خبر

تواصلوا معنا

لاعلاناتكم على موقع الامن الوطني العربي نرجو التواصل مع شركة كايلين ميديا الوكيل الحصري لموقعنا

 editor@nsaforum.com